تصاعدت وتيرة ترحيل اللاجئين السوريين من تركيا إلى الشمال، وذلك بعد أن كثفت السلطات التركية من التوقيفات بحق السوريين، تحت ذرائع توقف القيود و”مخالفة” قوانين الحماية المؤقتة، والتنقل بين الولايات التركية من دون استخراج إذن سفر.
وفي الأسبوع الماضي، رحّلت السلطات التركية عائلة كاملة من ولاية غازي عنتاب إلى الشمال السوري، بسبب تقدم مواطن تركي بشكوى ضد أحد أفراد العائلة، ولم تعط الشرطة التركية للعائلة التي تمتلك ورشة لصناعة الأحذية مهلة للتصرف بممتلكاتها، وفق ما أبلغ أحد أفراد العائلة “المدن” ووصف القرار ب”الظالم” وقال: “كان يجب ترحيل المُشتكى عليه، وليس كل أفراد العائلة”.
وفي إجراء جديد، بدأت الشرطة التركية بتوقيف أي سوري ينتقل من ولاية إلى ولاية من دون الحصول على إذن سفر في مراكز الاحتجاز، تمهيداً لترحيله إلى الشمال السوري، علماً أنه في السابق كان الإجراء المُتبع هو دفع مخالفة مالية.
تزامناً، تواصل السلطات التركية في إسطنبول تسيير دوريات على المنشآت والمحال التجارية السورية في المدينة، وتتخذ التدابير الصارمة المخالفة لأذونات العمل.
ويقول رئيس تجمع المحامين السوريين غزوان قرنفل، إن هذه الاجراءات ليست جديدة وهي على الأقل معتمدة منذ أواخر العام 2019، وهي منهجية عمل متبعة لترحيل أكبر عدد ممكن خارج تركيا، قد تطفو على السطح أحياناً فيلتقطها الإعلام.
ويضيف ل”المدن” أن الجديد هو ترحيل العشرات إلى مراكز الاحتجاز المكتظة بعد التوقيف عند مراجعة دوائر الهجرة، حيث يتم توقيف المراجع السوري من دون أي مخالفة وشكوى، وإنما بسبب وضع “كود”(رمز) على القيود.
وبحسب المحامي السوري فإن هدف تركيا من كل ذلك، ترحيل أكبر عدد ممكن، وقال: “خلال سنوات قليلة لن تبقي تركيا إلا نحو نصف مليون لاجئ سوري على أراضيها، وهذا الرقم في أحسن الأحوال”.
أما الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو، أشار إلى تعارض عمليات الترحيل القسرية مع الوعود الانتخابية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أي مخطط العودة “الطوعية” بعد توفير الظروف لعودة السوريين إلى الشمال السوري.
وفي حديثه ل”المدن” دعا إلى إيقاف عمليات الترحيل، وقال يجب على الحكومة التركية أن تلتزم بتعهداتها وأن تحافظ على الصورة المشرقة للجانب الإنساني الذي رسمته من خلال فتح أبوابها للاجئين واحتضانهم وتقديم يد العون والمساعدة، وعمليات الترحيل القسرية الجماعية تشوه هذه الصورة وتهدم ما بنته الحكومة خلال سنوات طويلة.
وقال سليمان أوغلو، يجب معالجة الشكاوى أو المخالفات في إطار القوانين، ويمكن اتخاذ إجراءات أكثر حزماً عند تكرار المخالفة، من دون أن تصل العقوبة إلى الترحيل القسري الذي لا يأخذ بالاعتبار وضع الشخص وعائلته وصالحه وممتلكاته، حيث يتم الترحيل دون إعطاء اللاجئين فرصة لتوكيل المحامين.
ويبدو أن التشدد التركي مع ملف اللاجئين جاء نتيجة حتمية للتحالفات التي أقدم عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع مرشح “تحالف الأجداد” سنان أوغان بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وكذلك بضغط من حزب “الحركة القومية” شريك حزب “العدالة والتنمية”، ونزولاً عند رغبة الشارع التركي.
وقبل أيام رحّلت تركيا 130 لاجئاً سورياً من مخيم كلس جنوب البلاد، رغم أن غالبيتهم من الحاصلين على بطاقة الحماية المؤقتة “الكملك”.
وأواخر حزيران/يونيو 2023، قال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، إن بلاده رحلت 46633 شخصاً دخلوا البلاد بشكل غير قانوني منذ بداية هذا العام، مضيفاً أن “عملية ترحيل 17 ألفا و964 مهاجراً إلى بلدانهم الأصلية ما تزال جارية في الوقت الحالي”.
المصدر: المدن