الأمم المتحدة: 36 في المئة بينهم يوافقون ومعظمهم يفضل الانتقال إلى دولة ثالثة.
كان موضوع عودة اللاجئين السوريين لبلادهم أحد أبرز مخرجات القمة العربية في جدة، ومن قبلها اجتماع عمان الذي ضم وزراء خارجية السعودية ومصر والعراق والأردن مع نظيرهم السوري فيصل المقداد، إذ تم الاتفاق على أن العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين لبلدهم أولوية قصوى ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء بتنفيذها فوراً. فما هي فرص عودة اللاجئين السوريين في الأردن لبلادهم بعد 11 عاماً من رحلة اللجوء، وما أبرز المعوقات التي تمنع عودتهم وتدفعهم إلى تفضيل البقاء في المملكة، بخاصة مع طرح الحكومة الأردنية خيار العودة الطوعية.
أرقام متواضعة
تعد قضية عودة اللاجئين السوريين في الأردن لبلادهم من القضايا الحساسة والمعقدة التي تشغل الرأي العام الأردني، فمع استضافة مئات الآلاف منهم داخل المخيمات وخارجها، شكل ذلك عبئاً كبيراً على بلد محدود الموارد فقير في الثروات، وضغطاً على البنى التحتية، فضلاً عن الوضع الاقتصادي الضعيف بطبيعة الحال.
لكن مع تحسن الأوضاع في بعض المناطق السورية، عملت الحكومة الأردنية بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين على توفير كل الظروف الملائمة لعودة اللاجئين بشكل آمن وكريم، وهو ما حدث بشكل خجول وبأرقام متواضعة جداً.
وتصر الحكومة الأردنية على تبني خيار العودة الطوعية من دون ضغط أو إكراه، ويتم توفير المعلومات اللازمة للراغبين في العودة حول الأوضاع في بلدهم والخطوات المطلوبة لإجراءات العودة.
وتشير دراسة استقصائية أجرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 2022 إلى أن نحو 13 في المئة فقط من اللاجئين السوريين في الأردن يريدون العودة لسوريا العام المقبل، وفي المجمل يوافق 36 في المئة فقط على العودة بشكل عام.
ووفقاً للمفوضية بلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين في الأردن في آخر إحصاء أكثر من 672952 لاجئاً، ومن بين هؤلاء عاد 5800 فقط إلى سوريا منذ 2021.
وبلغة الأرقام يتضح أن نحو 40 ألف لاجئ فقط هو عدد السوريين العائدين لبلادهم منذ إعادة فتح الحدود بين البلدين عام 2018.
فرصة ضئيلة
حتى اللحظة تبدو فرصة عودة هؤلاء اللاجئين القاطنين في الأردن ضئيلة بالنظر إلى معطيات ومؤشرات عدة، من أبرزها عدم تقديم الحكومة السورية أية خطوة أو مبادرة لافتة في هذا السياق كتحديد الحاجات اللازمة لتحسين الخدمات العامة في مناطق عودة اللاجئين، أو الإجراءات التي ستتخذها لتسهيل عودتهم، بما في ذلك شمولهم في مراسيم العفو العام، وفق ما تم الإعلان عنه في البيان الختامي لاجتماع عمان.
كما أن الوضع الأمني متقلب وليست هناك نهاية واضحة تلوح في الأفق، عدا حال الخراب والفوضى التي تتسم بها البنية التحتية والوضع الاقتصادي حيث الفقر والبطالة منتشران على نطاق واسع.
ثمة عوامل عدة أخرى تمنع اللاجئين السوريين من العودة لبلادهم، في الأقل بالمنظور القريب، مع عدم وضوح أفق أي حل سياسي للصراع في سوريا وعدم وجود توافق والتزام دوليين حول إعادة الإعمار.
ويظل الحديث عن عودة اللاجئين مرهوناً بتوفير الظروف المعيشية والإنسانية الملائمة في سوريا، بما في ذلك السكن والماء والكهرباء والخدمات الصحية والتعليمية وفرص العمل.
عودة طوعية
يشير الكاتب والمحلل ماهر أبو طير إلى مفردة “العودة الطوعية” التي يكررها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مراراً في معرض حديثه عن اللاجئين السوريين، ويعتقد بأن دلالة هذه العبارة تشير إلى النهج الذي سيتبعه الأردن للتعامل مع ملف اللاجئين الذي يرفض العودة الإجبارية أو حملات الترحيل القسرية أو ممارسة ضغوط.
ويجري الحديث حالياً عن البدء بإعادة ألف لاجئ في اختبار لنوايا الحكومة السورية، لكن أبو طير يعتقد بأن عملية عودة السوريين الطوعية من الأردن ستفشل، حتى لو صدرت مراسيم العفو التي أشير إليها عن بعض المطلوبين، أو عن بعض المتهربين من الخدمة في الجيش السوري.
ويضيف أبو طير أن معظم السوريين في الأردن لا يريدون العودة بسبب مخاوف أمنية عميقة جداً، بموازاة عدم وجود ضمانات من انفجار الأزمة مجدداً، لذلك يفضل معظم اللاجئين البقاء في الأردن والاشتباك اجتماعياً واقتصادياً مع المجتمع المحلي، أو الانتظار لحين الهجرة إلى بلد غربي.
يبدو الأردن معنياً بعودة اللاجئين لمناطقهم في جنوب سوريا، حيث إن معظمهم جاؤوا من تلك المناطق، لذلك تتركز كل تحركات الخارجية الأردنية حول ضمان فرض الأمن والمصالحة والعفو الرئاسي في تلك المناطق تحديداً كضمانة لتشجيع المترددين أو القلقين من العودة.
ويقيم القسم الأكبر من اللاجئين السوريين في الأردن داخل المدن، بينما يعيش في المخيمات العدد الأقل، حيث يقطن 83.2 في المئة من اللاجئين في العاصمة والمدن الأخرى، بينما يعيش في المخيمات نحو 16.8 في المئة منهم بواقع 78.5 آلاف في مخيم الزعتري، ونحو 41 ألفاً في مخيم الأزرق و7 آلاف في المخيم الإماراتي، ويبلغ عدد من تتراوح أعمارهم بين 18 و59 سنة نحو 307 آلاف لاجئ، بنسبة تصل إلى 45.8 في المئة.
ووفق ما ترصده السلطات الأردنية فإن مخاوف الاعتقال والتجنيد الإجباري في الجيش، تحول دون عودة كثيرين حتى الآن، بخاصة الشباب، ويقتصر الأمر في كثير من الأحيان على عودة كبار السن والأطفال والنساء.
المصدر: اندبندنت عربية