بعد الزلزال وتزامنا مع الحراك العربي المرافق الراغب بإعادة التطبيع مع بشار الأسد، قالت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا إن قناعة تركيا بضرورة المضي قدما في التطبيع مع النظام السوري قد زادت، إذ تجد أنقرة نفسها في سباق مع الدول العربية المطبعة وتسعى الحكومة -بحكم قرارها بعدم تأجيل الانتخابات واقتراب إعلان الطاولة السداسية المعارضة عن مرشحها الرئاسي- إلى تسريع المفاوضات مع النظام “حتى إذا تتطلب الأمر تقديم تنازلات جدية للمساعدة في تثبيت الوضع القائم في الشمال لتسريع عودة اللاجئين والدخول في استراتيجية جديدة يمكن أن تسمى “نزع البعد الجغرافي عن الصراع السياسي والعسكري في سوريا”.
المصادر أوضحت لـ تلفزيون سوريا أن اللقاءات الاستخباراتية بين البلدين لم تنقطع خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وعقدت أيضا لقاءات سياسية ثلاثية في موسكو أيضا، انضمت إليها إيران مؤخرا للتصديق على النتائج أو عدم عرقلتها. وتركز الدبلوماسية التركية في المرحلة الحالية على ثلاثة محاور؛ مؤتمر المانحين في بروكسل، الترتيبات الميدانية (الخطة الجغرافية) وعودة اللاجئين”.
موقف تركيا من مشاركة النظام في مؤتمر بروكسل
لا تمانع تركيا حضور النظام للمؤتمر ممثلا برئيس الهلال الأحمر خالد حبوباتي لكنها لم تتخذ موقفا حاسما في ظل تخوفات جدية حرصت المعارضة السورية على إثاراتها مرارا في اللقاءات الدولية الأخيرة من أن هذه الخطوة تعني بشكل فعلي فتح للبوابة الأوروبية المغلقة أمام النظام، وهو ما سوف يترك تداعياته المباشرة على الحل السياسي ويربط عملية إعادة الإعمار بإحراز تقدم في هذا المجال.
نتائج لقاءات موسكو
تسارعت لقاءات موسكو الثلاثية (تركيا، النظام، روسيا) بوتيرة سريعة وصامتة بعد الزلزال قبل أن تنضم إليها إيران في الأسبوع الأخير، حيث كانت زيارة إسماعيل قآني قائد فيلق القدس إلى حلب، قبل وصول بشار الأسد، رسالة للمجتمعين بأن التفاهمات المنبثقة لا يمكن أن تمر من دون موافقة طهران. وقد وصلت المفاوضات إلى مرحلة متقدمة وبحسب المصادر قد تتمخض عن نتائج قريبة وفق الآتي:
هدنة إنسانية تتضمن تثبيت وقف إطلاق النار وإعادة فتح جميع المعابر بين مناطق الصراع بما فيها معبر أبو الزندين بين مناطق النظام والجيش الوطني، ومعبر الحمران بين الجيش الوطني وقسد الذي فتح عمليا مع قوافل المساعدات الشعبية من المنطقة الشرقية، ومعابر أخرى ربما بين مناطق هيئة تحرير الشام والنظام.
أما بالنسبة للمعابر الخارجية، فسيوافق النظام على استمرار فتح معبري باب السلامة والراعي وستقوم تركيا بإعادة افتتاح معبر كسب لدخول المساعدات الأممية نحو الساحل. وبالطبع لم تجر مناقشة المعابر في مناطق قسد سواء مع النظام أو مع كردستان العراق. وسيمنح دور فاعل للحكومة المؤقتة في إدارة المعابر ضمن مناطقها، وسوف يتم الاعتراف بها كطرف للتعامل مع الجهات والمنظمات الدولية. وقد بدأ التطبيق العملي لهذا الأمر، إذ زار وفد من الأمم المتحدة لأول مرة المقر الرسمي للحكومة المؤقتة في عنتاب ولم يعلن عن الزيارة، بعد أن كانت الأمم المتحدة ترفض التعامل رسميا مع مؤسسات الحكومة. وسرّعت التفاهمات الأخيرة دخول مؤسسات الأمم المتحدة ومدير الصحة العالمية وبرنامج الغذاء إلى الشمال وعقد مؤتمرات صحفية تحت حماية فصائل الجيش الوطني. وأضافت المصادر أنه لا يوجد إيضاحات بشأن دور الهيئة وكيف سوف يتم التعامل معها رسميا. إذ قد تكون عمليات الهيئة الأخيرة رسالة بأنها يجب أن تكون ضمن التفاهمات. والجدير بالذكر أن تركيا طرحت على المعارضة السورية الذهاب إلى موسكو لتكون طرفا رسميا في المشاورات والتفاهمات، وهذا ما يدرس حاليا.
مكاتب للنظام في الشمال مع حرية الحركة السكانية: لن تقتصر حركة المعابر على تبادل البضائع والسلع بل ستشمل حركة الأشخاص أيضا، حيث تتعهد الدول الضامنة لأطراف الصراع بالسماح بذلك بما يضمن الزيارات والتنقل بين المناطق المختلفة من دون أي ملاحقة قانونية أو قضائية أو اعتقال (هناك إقرار بصعوبة ذلك من دون حدوث اختراقات). إضافة إلى ذلك سوف يتم افتتاح مكاتب معتمدة من قبل النظام لتصديق الشهادات والأوراق الرسمية من دون وجود مباشر لمؤسساته هناك. وسوف تتضمن الخطة الجغرافية التي بلورها وهندسها سادات أونال المسؤول السابق عن الملف السوري وممثل تركيا في الأمم المتحدة بالتفاهم مع الروس في نيويورك، إضعاف “قسد” تدريجيا من دون عملية عسكرية وإبعادها عن التسوية السياسة.
عودة اللاجئين السوريين من تركيا
ترى تركيا أن التفاهمات سوف تسرع عودة اللاجئين ولا سيما أولئك المنحدرين من مدن وقرى شمال غربي وشمال شرقي سوريا إلى مناطق وجودها وذلك من خلال نظام الإجازة المحددة بمدة زمنية التي جرى إقرارها مؤخرا، والتي تختلف من معبر إلى آخر، بحسب الطبيعة الديمغرافية للمناطق السورية. الجديد في الأمر، أن هذا الملف في ضوء التفاهمات، سينقل بالتدريج إلى وزارة الدفاع مع كف يد الداخلية عنه لضرورات داخلية وخارجية. ضمن هذا الإطار باتت التصريحات عن أعداد العائدين طوعيا تصدر عن وزير الدفاع خلوصي أكار، وليس عن تحديثات إدارة الهجرة ووزارة الداخلية.
داخليا، يحظى الجيش ووزارة الدفاع بثقة شريحة كبيرة من الأتراك ويحظى خلوصي أكار، رغم انحيازه لأردوغان، بثقة عند المعارضين أحزابا وأفرادا. أكثر من ذلك، ترى المعارضة أن خلوصي أكار سيكون مرشحها لوزارة الدفاع فيما لو فازت لضمان عدم الصدام مع الجيش بعد التحولات الجذرية التي أجراها. من هنا، لم ينتقد أي أحد تصريحات أكار وتحديثاته عن زيادة أعداد العائدين إلى سوريا رغم عودة الملف السوري كمحور أساسي للدعاية الانتخابية للمعارضة. أما خارجيا، فقد يوجه رسائل لروسيا والناتو أن المؤسسة العسكرية الآن باتت معنية بعودة اللاجئين لأنها مرتبطة بالأمن القومي وحالة الطوارئ في الولايات الجنوبية التي لم تعد تسمح حالتها باستقبال نحو مليون و 900 ألف لاجئ (حسب التقديرات التركية).
الإمارات والأردن.. تفعيل العلاقات مع المعارضة السورية
وبالنسبة للحراك العربي، تسعى المملكة الأردنية والإمارات إلى إعادة تفعيل علاقاتهما مع المعارضة مؤخرا. وأكدت المصادر أن الأردن أبدى مرونة في المساعدة في حركة المعارضين ونشاطهم ضمن سقف محدد وحل المشكلات التي ترتبت على بعض الشخصيات بعد التطبيع مع النظام.
وكانت الإمارات، بدأت هذا النهج قبل الزلزال بمحاولة العودة للشمال السوري من البوابة الإنسانية، إذ تقول للمعارضة إنها أقنعت بشار الأسد بفتح المعابر للأمم المتحدة وعدم التصعيد هناك. ولتحسين صورتها الشعبية، بدأت الإمارات ببعض الخطوات أولها الإصرار على استقبال الطفلة شام، التي حظيت بتضامن إنساني عالمي واسع، للعلاج في مستشفياتها وقد ساعدهم الأتراك على إقناع عائلتها بذلك.
كذلك تواصلت السعودية مع المعارضة وقالت إن حراكها الحالي لا يخرج عن البعد الإنساني وإن تطوره مرتبط بالتقدم السياسي.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا