إلى وقت طويل سيبقى زلزال السادس من فبراير المزدوج حاضراً أمام أعيننا، وستبقى مشاهد رفع الأنقاض، واستخراج المزيد من الجثث، والأرقام المتصاعدة للضحايا، ومئات الآلاف من الناس الذين باتوا تحت الخيام ماثلة لا تغيب عن مخيلتنا.
وسيبقى الرعب الذي تخلف عن ذلك الزلزال المزدوج، وعن زلزالي يوم 20 فبراير ساكنا في أعماق الناس في جنوب تركيا وشمال سوريا، بل وفي مختلف ولايات ومحافظات البلدين، رغم أن الزلزالين الأخيرين لم يوقعا سوى عدد قليل من القتلى وعشرات الإصابات، فيما تجاوز ضحايا الزلزال المزدوج خمسين ألف شخص في البلدين، إضافة إلى أضعاف هذا العدد من المصابين، وأزال مناطق ومدنا من على الخارطة.
ومع تزايد شدة هذه الكوارث وارتفاع عدد الضحايا والدمار، يزداد الحديث حولها تفسيرا وتوقعا، وتختلط في هذا الحديث الحقائق والتنبؤات والأوهام، وتبث وسائط التواصل الاجتماعي، والمواقع الإخبارية مثل هذه التعليقات حتى يصبح فرز الحقيقة عن الأوهام، والتوقعات العلمية عن التهيؤات من الأمور الصعبة جدا، وذلك بسبب ترافق هذا كله مع هول الكارثة التي تكون قد ألقت بظلالها على العقل والسلوك الإنساني. ويتولد عن مثل هذه الأحاديث الكثير من اللغط، والإشاعات، والقلق النفسي الذي يكون قد خيم على الجميع.
وهذا المقال ـ وهو الثاني الذي أسطره في أجواء زلزال السادس من فبراير ـ محاولة لجعل النظر إلى كارثة الزلازل يستند إلى ما هو حقيقي ومؤكد، ولتحريض الانسان، ـ وسلامته هو الهدف الرئيسي ـ، كي يدرك بشكل أفضل طبيعة هذه الكارثة وكيفية التعامل معها، وحتى يواجهها بفعالية وحكمة، وحتى يخرج منها بأقل الخسائر.
وفاعلية المجتمعات في مواجهة هذه الكوارث ـ التي لا بد من وقوعها ـ تقوم على قاعدة جوهرية أساسها “المعرفة والوعي” بهذه الكوارث، “والاستعداد” لمواجهتها.
ولهذا الغرض فإننا نضع حديثنا في محورين رئيسيين:
أولا: في خطورة الزلازل
الزلازل جزء من طبيعة الأرض، وتكوينها، وطبقاتها، وألواحها، وهناك آلاف الزلازل التي تحدث سنويا في مختلف أصقاع العالم، على البر، وتحت مياه البحار والمحيطات، لكن معظم هذه الزلازل تكون غير محسوسة أو بسيطة، قد يشعر بها الانسان، وقد لا يشعر، وهي بهذه الطبيعة لا تشكل خطرا عليه، لكن بعضها خطر جدا.
علم طبقات الأرض “جيولوجيا” يقدم لنا الخريطة العامة لأحزمة الزلازل، ووفق المعهد الجيولوجي البريطاني، ونظيره الأمريكي، فإن الأحزمة الرئيسية للزلازل في العالم ثلاثة:
** أولها الحزام الناري الممتد من تشيلي إلى سواحل أمريكا الشمالية وصولا إلى ألاسكا، وحتى جزر المحيط الهادئ، واليابان، والفلبين، ونيوزيلاندا.
** والثاني الحزام الألبي الذي يغطي جاوا وسومطرة وجبال هملايا وجبال إيران والقوقاز والأناضول والبحر الأبيض المتوسط وهو يمتد إلى 15 ألف كيلو متر.
** والثالث حزام منتصف الأطلسي، ويحدث تحت الماء، وبعيدا عن الأماكن الحضرية، لكن آيسلاندا تتأثر بزلازله نتيجة موقعها داخل هذا الحزام.
وبشكل عام تعتبر الصين اندونيسيا إيران تركيا اليابان تشيلي من أكثر دول العالم تأثرا بالزلازل.
ولنا أن نتساءل هنا عن العوامل التي تجعل بعض الزلازل غير ذات أثر، وبعضها الآخر خطره، بل ومدمرة.
وهذه العوامل محددة وأهمها:
1ـ قوة وشدة الزلزال. 2ـ عمق الزلزال. 3ـ مدة الزلزال وتوابعه 4ـ مركز الزلزال.
وسنتحدث عن كل عامل من هذه العوامل بالاختصار الممكن.
1ـ شدة وقوة الزلزال: ويستخدم العلماء مفهوم شدة وقوة الزلزال للتعبير عن حجم الزلازل، وتقاس شدة الزلزال بالطاقة التي تنتج عنه، وقد صرحت مصادر تركية رسمية أن الطاقة التي أطلقها الزلزال عادلت طاقة بضع مئات من القنابل الذرية.
فيما تعبر “قوة الزلزال” عن قوة الهزة نفسها في بؤرة الزلزال، وتقاس على مقياس ريختر المكون من تسع أو عشر درجات، وكل انتقال من رقم إلى الرقم الأعلى على هذا المقياس تزيد من شدة الزلزال بمقدار عشرة أمثال.
وتكون الآثار التدميرية للزلازل بسيطة حينما لا تتجاوز قوته الخمس درجات، وتتعاظم تدريجيا، وتكون مدمرة حين تتجاوز السبع درجات، وهائلة وكارثة كلما تجاوزت الثماني درجات. وقد يصحبها موجات تسونامي البحرية المدمرة، ويظهر أثر هذه الزلازل كلما كانت قريبة من المراكز الحضرية.
ويعتبر زلزال تشيلي عام 1960 أقوى زلزال في التاريخ وكانت درجته9،5 على مقياس ريختر، وتسبب بموجة هائلة من تسونامي، وزلزال سومطرة عام 2004، وبلغت قوته 9،1 وخلف أكثر من مئتي ألف قتيل.
2ـ عمق بؤرة الزلزال: ويتراوح عمق “بؤرة الزلزال” أي نقطة اصطدام الصفائح الصخرية، بين عدة كيلو مترات من سطح الأرض إلى أعماق قد تصل الى 700 كيلو مترا، وكلما كانت بؤرة الزلزال أعمق، كلما كانت آثارها التدميرية على سطح الأرض أقل.
وتوصف الزلازل التي تنشأ على عمق 70 كيلو مترا بالضحلة، والتي على عمق يتراوح بين 70 ـ 300 كيلو مترا بالمتوسطة، والتي بين 300 ـ 700 كيلو مترا بالعميقة.
وفي زلزال الخامس من فبراير 2023 كان عمق بؤرة الزلزال 18 كيلو مترا، أي كان قريبا من سطح الأرض، وهذا سبب رئيسي من أسباب الخسائر والدمار الكبير الذي أوقعه الزلازل المزدوج.
3 ـ مدة الزلزال:
وهنا يجب الحديث عن الزلزال الرئيسي وعن توابعه، فالزلزال الرئيس ـ وهو الناتج عن حركة الصفائح الصخرية واصطدام بعضها ببعض، تتراوح مدته بين ثوان قليلة وصولا إلى عدة دقائق، وذكر أن زلزال 1960 في تشيلي استغرق عدة دقائق، فيما استغرق زلزال تركيا / سوريا المزدوج الأخير 75 ثانية أي دقيقة وربع الدقيقة، ولمدة الزلزال أثر كبير في قوته التدميرية.
ودائما يتبع الزلزال توابع زلزالية وهي بالتأكيد أقل قوة وشدة من الزلزال الرئيس، لكن أثرها التدميري قد يكون كبيرا، فهي تضرب المنطقة نفسها التي فعل الزلزال الرئيس فعله فيها، وتبدأ من بعيد حصول الزلزال الرئيس، وهنا خطورتها، لأن من شأنها أن تدمر ما هز الزلزال الرئيس أركانه من الأبنية والمنشآت’ وقد تمتد هذه التوابع لعام، وتم تسجيل أكثر من تسعة آلاف هزة ارتدادية منذ زلزال السادس من فبراير المزدوج، كان آخرها يوم 24 فبراير، ووصلت قوة تلك الهزة الإرتدادية إلى 5،5 على مقياس ريختر
4 ـ مركز الزلزال: أي الموقع الجغرافي للزلزال قياسيا للمناطق الحضرية، فكلما كان الزلزال قريبا من المدن، ومراكز التجمع السكاني، كانت آثاره ابلغ على جانبي الدمار والضحايا، وكانت عمليات الإنقاذ أعقد، وتحتاج إلى وقت أطول وأجهزة أضخم وأكثر تنوعا.
إن زلزالا له الشدة والقوة نفسها، وعلى عمق واحد يضرب الريف الأفغاني حيث الأبنية من الطين ومن طابق واحد، أو يضرب مناطق جبلية قليلة السكان يختلف في أثره عن زلزال يضرب مدينة مكسيكو حيث الاحياء المكتظة بالأبنية المتقاربة والعالية، أو يضرب منطقة ساحلية مولدا موجات تسونامي كما حدث في اندونيسيا عام 2004 حيث أودى تسونامي بحياة 230 ألف شخص.
ثانيا: سبل مواجهة الزلازل
كل العوامل السابقة التي تتحدد فيها معالم الزلزال هي عوامل لا يستطيع الإنسان أن يؤثر في حدوثها، لأنها جزء من القوانين التي تحكم طبقات الأرض وبنيتها، وتتحكم في العوامل المادية التي تؤثر فيها.
لكن هذا لا يعني أنه ليس بمقدور الانسان فعل شيء إزاء “ظاهرة الزلازل”، ذلك أننا حين نتحدث عن هذه الظاهرة فإننا نتحدث عنها من زاوية تأثيرها على حياة الانسان وبيئته الحيوية، ولا نتحدث عن زلازل تحدث في القمر أو المريخ، وهنا يكون دور الانسان فاعل جدا، ومؤثر إلى درجة كبيرة في تحديد نتائج هذه الظاهرة على ” حياة الانسان، وبيئته”. وبالتالي يكون الإنسان مسؤولا عن مدى تأثر مجتمعاته وحياته بهذه الظاهرة.
ولأن ما نذهب إليه حقيقة ماثلة للعيان فإننا نرى بلادا كثيرة الزلازل القوية، لكن نتائج هذه الزلزال محدودة على الإنسان وحياته، وفي أحيان تكاد أن تكون معدومة، بل إن بعض الزلازل التي تصنف بالمدمرة تخلف نتائج محدودة في هذه البلاد، والأمر خلاف ذلك في بلدان أخرى.
فأين وكيف تتبدى هذه المسؤولية؟، أين تظهر مسؤولية الدول ومؤسساتها، ومسؤولية الأفراد في هذه المجتمعات؟، وكيف نستطيع أن نجعل أثر هذه الزلازل في أقل المستويات مهما بلغت قوة هذه الزلازل وشدتها.
الحديث في هذا الجانب يطول ويتشعب لكننا نستطيع أن نضعه في نقاط محددة:
1ـ تعتبر الزلازل من الكوارث التي تضرب الدول والمجتمعات، وهنا لابد أن تكون الدولة قد حددت موقعها جغرافيا من أحزمة الزلازل، وهذا أمر يسير، فهذه الأحزمة محددة، ومعروفة، وهناك مراكز علمية تقوم بمراقبة أحزمة الزلازل، وما يعتريها من تحولات. وقد أشرنا إلى أحزمة الزلازل الثلاثة.
صحيح أن معرفة توقيت وقوع الزلازل أمر عسير، وقد يكون غير ممكن، لكن معرفة مكان هذه الدولة أو تلك من أحزمة الزلازل أمر متيسر، ومتاح لجميع الدول، ومثل هذا التحديد لا يعني أن تتراخى الدول البعيدة عن هذه الأحزمة عن اتخاذ الاحتياطات اللازمة، لكنه يعني أن تعطي الدول الواقعة في نطاق هذه الأحزمة أولوية خاصة لتوفير موجبات الاستعداد للتعامل مع الزلازل.
2ـ ولأن أهم مواقع الخطر في الزلازل كامن في ” المناطق الحضرية” فعلى الدول الواقعة في أحزمة الزلازل أن تتخذ الاحتياطات اللازمة في الأبنية المقامة في هذه المناطق:
1ـ أن تكون هذه الأبنية بعيدة عن خط الزلازل، فتمنع البناء على خط الزلازل، وتبعد
طرق المواصلات وسكك الحديد عنها، وتتعامل معها في نطاق الزراعة أو الأحراش، أو أنها تقيد الأبنية فوق هذا الخط بارتفاعات طابقية قليلة لا تتجاوزها، وبمواصفات محددة يجب توفيرها.
2 ـ أن تنفذ الدولة بصرامة لا تقبل أي استثناء الشروط الهندسية للبناء المقاوم للزلازل، بغض النظر عن التكلفة التي تقتضيها تطبيق هذه الشروط.
3 ـ أن تتولى الدولة بنفسها، وليس المقاولين، أو المطورين العقارين، الإشراف على تطبيق تلك الشروط، وأن تكون هي المسؤولة أمام المجتمع عن توفر هذه الشروط في كل بناء يقام.
ولا شك بأن زلزال فبراير المزدوج كان عنيفا، وقد خسف بلدة بأكملها “قرية ديمير كوبرو بولاية طاهاي ” إلى عمق ثلاثة امتار فشقها إلى نصفين، وحرك الصفيحة العربية تجاه صفيحة الأناضول لعدة امتار، وامتد خط الزلزال لمئات الكيلو مترات، وقالت السلطات التركية إن اكثر من مئة الف مبنى انهار أو بات على وشك الانهيار، إلا أن عنف هذا الزلزال لا يقدم تفسيرا كافيا لمشهد انهيار مباني ضخمة حديثة الانشاء، انهيارا كارثيا، وهي مصممة على أساس مقاومة الزلازل، وبقاء مبان أخرى في الموقع والمنطقة نفسها قائمة وتماسكه، هذا المشهد المتناقض يثير الكثير من التساؤلات عن حقيقة تنفيذ بعض المقاولين لشروط البناء المطلوبة، ومدى جدية قيام إدارات الدولة المختصة بمراقبة تنفيذ هذه الشروط.
3 ـ أن توفر الدولة البنية اللازمة للتعامل مع الزلازل بما يتضمن ذلك من: هيئات أو إدارات مختصة، ومن آليات، وطاقم فني وإنساني وطبي مدرب ومهيأ للتعامل مع هذا الحدث. فمثل هذه البنية لا يمكن أن تتوفر لحظة وقوع الكارثة، وإنما يجب أن تكون مجهزة ومدربة ومستعدة لكل استدعاء.
ولأن المجتمع الدولي يتحرك مع كل كارثة عامة، فإن على الدول المشار إليها أن تكون على استعداد للتعامل الفعال مع الاستجابة الدولية، فلا تتعثر هذه الاستجابة بفعل الارباك من أجهزة الدولة نفسها ومرافقها، من مطارات وموانئ ومستودعات، ولا أن تتحول إلى عبء عليها بدل أن تكون عونا لها.
وتعتبر البنية الأمنية من البنى المهمة اللازم توفرها لمواجهة مثل هذه الكوارث، وعليها يقع توفير الأمن والأمان لأفراد المجتمع ومؤسساته الاقتصادية والاجتماعية ولعمليات الإغاثة من عبث العابثين، ومن العصابات، وقطعان المجرمين الذين يستغلون مثل هذا الظرف للسرقة وخطف الأطفال الذين يكونون قد فقدوا ذويهم، والتعديات على اختلاف اشكالها، واستجابة لهذه الحاجة تستعين الدول بالجيش وبفرض حالة الطوارئ لضبط الوضع ومنع أي تعديات وتجاوزات.
4ـ تدريب السكان في مناطق الزلازل على حسن التصرف في حال حدوثها، فرديا وجماعيا، داخل البيوت، وداخل المجمعات السكنية. في مواقع العمل، وفي المدارس والجامعات، ووسائط النقل، وبقدر ما يكون هذا التدريب حقيقي ودقيق ومتتابع بقدر ما تكون نتائج الزلازل أقل كارثية، بل قد يصبح الكثير منها مجرد حدث شبه عادي يمكن التعامل معه ومع نتائجه.
ويقوم السكان بدور مهم في توفير الأمن والانتظام في منطقة الزلزال، وفي التصدي لأي عمليات نهب وسرقة وشغب في المناطق المنكوبة، وقد أظهر سلوك الأتراك منذ الأيام الأولى للزلزال وعيا وانضباطا مهمين، وقام الأهالي في مناطق عدة بالتصدي للمتفلتين والمجرمين الذين حاولوا استغلال هذا الظرف.
وفي هذا الإطار أصدرت جهات مختصة في تركيا دليلا مهما للتعامل مع حالات “زلزال شديدة”.. مستوحى من إفادات خبراء وعمال إنقاذ في الجنوب التركي، ومعلوم أن هذا الزلزال وقع غرب “غازي عنتاب” ليلا عند الساعة ” 4،17″ ومن ثم نهارا بعد سبع ساعات في “كهرمان مرعش” وتحديدا في الساعة “13،24″، وقد جاء في هذا الدليل:
** قبل النوم، احرص على وجود هاتفك بجانبك وهو مشحون بالكامل.
** إذا وقع الزلزال ليلاً في وقت النوم، لا تخرج من غرفة النوم أو غرفة نوم الأطفال، لأنه طواقم الانقاذ، قدر الامكان، تعطي أولوية للبحث عن ناجين في غرف النوم.
** حاول تبديل الأسرّة القديمة ذات القضبان الحديدية أو الخشبية بأخرى مرتفعة تحتوي على مخزن سفلي متين، املأ المخزن بأغراضك مثل اللحف والملابس، كثير من الناجين تم الوصول إليهم وهم محتمون بجانب سرير مرتفع ذو مخزن متين.
** الاحتماء بجانب أثاث متين مع حماية الرأس يزيد احتمالية تشكيل ما يعرف باسم “مثلث النجاة” حتى في أسوأ الحالات التي تتضمن سقوط السقف، هذا يتيح تشكيل فراغ كافي للاحتماء والتنفس والتمسك بالحياة إلى حين وصول فرق الانقاذ.
** خلال الزلزال لا تقف على قدميك تحت الأسقف أو في ممرات المنزل أو تحت الدرج، أكثر حالات الوفيات حصلت في هذه الأماكن، الوقوف أيضا يزيد احتمالية إصابات الرأس والعمود الفقري.
** اطو جسدك واجلس بوضعية الطفل الصغير، احمي رأسك بيديك، ليس في مكان فارغ حتى تتجنب سقوط السقف، بل بجانب أثاث مثين مثل السرير، اسحب وسادة وبطانية إلى جانبك لحماية رأسك وجسدك.
** في شهور الشتاء تجنب النوم بملابس خفيفة جدا، بعض من الضحايا تم توثيق وفاتهم بسبب البرد.
** بجانب كل سرير (أو المكان المتين الذي ستختار من الآن الاحتماء بجانبه في حال حدوث الزلزال) اترك بالجوار علبة ماء وطعام غني بالطاقة والسكر. لن تخسر شيئا.
** لا تنسى تحضير حقيبة الزلزال واتركها في مكان يسهل وصولك إليه، ضع فيها: جواز سفرك، باور بانك، ضوء كشاف وضوء ليزري، صفارة، آلة حادة، عبوة ماء، طعام، وملابس.
** استخدام ساعة اليد مفيد، في حال البقاء تحت الأنقاض ستدلك على التوقيت فلا تهدر طاقتك بالنداء خلال ساعات الليل التي يتوقف فيها تجوال عمال الانقاذ.
** قبل أن تتوقف الهزة تماما لا تتحرك من مكانك الآمن، الركض باتجاه السلالم خطير، فكثير من الضحايا ماتوا هناك، خاصة إذا كنت تسكن في طابق علوي وخروجك يتطلب الكثير من الوقت، وإذا كان لديك خطة لتغيير مكان سكنك الطوابق المرتفعة ليست بالضرورة أكثر أمنا.
** عند توقف الزلزال احمل الحقيبة التي جهزتها وانزل بسرعة وهدوء خارج البناء، لا تستخدم المصعد ولا تعبث بمقابس الكهرباء فقد تعرضك للخطر. البحث عن ساحة خالية وبعيدة عن الأبنية المرتفعة أولوية.
** وفق رأي الخبراء فإن هذا البلد معرض للزلازل ولا يمكن فعل أي شيء لتجنب هذه الحقيقة، كل ما عليك أن تبذل وسعك للاستعداد والمحافظة على هدوء أعصابك حتى تتصرف بحكمة.
** في أول يوم من أيام وقوع أي زلزال، الأولوية القصوى في المساعدات هي لأدوات الانقاذ والحفر وقص الحديد وكذلك للمتطوعين من الفنيين، وخبراء البناء، والتعدين، والأطباء. الأغذية والخيام تأتي في الأولوية الثانية.
5ـ العمل على بناء بنية انقاذ متكاملة بين الدول الواقعة على خطوط الزلازل، بحيث تكون قادرة أكثر وأسرع على العمل المشترك والسريع لمواجهة الكارثة حين وقوعها، ففي تلك الأوقات تحسب حياة الناس بالدقائق، وكل تأخير في الاستجابة لهذا التحدي يعني مزيد من الضحايا، ومزيد من الناس يفقدون حياتهم، السرعة هنا مطلب حيوي، والتنسيق التكاملي المسبق بين أجهزة الدول المتجاورة على خطوط الزلازل يوفر فرصا افضل لإنقاذ حياة الناس.
هنا تبرز أهمية العمل الإقليمي في مواجهة الكوارث، فالجوار الإقليمي يوفر بطبيعته خطوط إمداد وتحرك وتدفق أرضية، ويقدم عمقا استراتيجيا للدولة المنكوبة.
6ـ وأخيرا فإنه مهم إلى أقصى حد بناء الإحساس بالمسؤولية الجماعية، وإشاعة الاطمئنان بين المواطنين، وكل ما سبق يساعد على تحقيق ذلك، لكن تعزيز الايمان الصحيح القائم الذي يربط بين:
** اليقين بأن ما يصيبنا ما كان ليخطئنا.
** وحسن الإعداد لمواجهة الكوارث.
** واستشعار رحمة الله التي تحيط بعباده.
ومن شأن هذا الربط أن يحقق الاطمئنان الضروري المنشود، ويعزز الإحساس بقاء الأمل عند المصابين والمحاصرين، وكذلك عند فرق الإنقاذ والمكلومين في الوصول إلى المصابين والمحتاجين والمفقودين، تحت الأنقاض، كما يعزز روح الإيثار الضرورية لمواجه هذه الكارثة بشكل جماعي فعال. ويشيع روح المحبة بين أفراد المجتمع الواحد، وهذه كلها قيم يكون الانسان في أمس الحاجة إليها في هذا الوقت العصيب.
إن اللجوء الصحيح إلى الله جل وعلا في كل حين يعطي دائما دفقا من الراحة للإنسان، لكنه في هذا الظرف يتحول إلى زورق نجاه يمكنه من مواجهة هول المشهد وموجات اليأس، ويبقي شعلة ألأمل وهاجة، وقد عايش الجميع مشاهد الفرح التي كانت تشع على الجميع مع النجاح في انقاذ طفل أو رجل أو امرأة بعد مرور أيام ممتدة على الكارثة، وهو نجاح يعتبر بكل الاعتبارات أقرب الى المعجزة.
ما من أحد يستطيع أن يمنع الزلازل، وما من أحد يستطيع أن يتنبأ بوقت وقوعها، أو بقوتها، لكننا نستطيع بكل العوامل التي أتينا عليها أن نجعل المجتمع فعالا في التصدي لهذه الكارثة، وأن نجعل أثرها على حياتنا في أدنى الحدود.