للمرة الثانية في غضون 10 أيام، وصل قائد القوات الروسية في سوريا الجنرال ألكسندر تشايكو إلى مطار القامشلي، قادماً من قاعدة حميميم الساحلية، وذلك في إطار الجهود التي تقودها روسيا لتجنب عملية عسكرية تركية تهدد بشنها أنقرة في الشمال السوري.
وقالت مصادر مقربة من النظام وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) إن تشايكو وصل الإثنين إلى القاعدة الروسية في مطار القامشلي، حيث سيلتقي قائد “قسد” مظلوم عبدي، للبحث مجدداً في مقترح روسيا الخاص بانسحاب قوات “قسد” من مناطق تل رفعت ومنبج وكوباني، وتسليمها لقوات النظام السوري، نزولاً عند مطلب أنقرة.
وكانت “قسد” رفضت المقترح الروسي في اجتماعها السابق مع الوفد الروسي، وهذا يعني أن عودة تشايكو هي بمنزلة “الإنذار الأخير لقسد، قبل أن تبدأ تركيا عمليتها” على حد تعبير عضو المجلس الوطني الكردي علي تمي ل”المدن”.
وأضاف تمي أن “قسد” ترفض أي انسحاب من هذه المناطق، وخاصة من كوباني، مستندة إلى معارضة قوات “التحالف الدولي” بقيادة أميركا، لأي تحرك عسكري تركي جديد في الشمال السوري.
ويبدو لتمي أن روسيا مهتمة أكثر من اللازم في هذه المسألة، وخاصة أنها تتطلع لتحقيق مكاسب لحليفها النظام السوري، على صعيد توسعة رقعة مناطق سيطرة نظام الأسد، وعلى صعيد النفط، حيث أبلغ تشايكو مظلوم عبدي في اللقاء السابق، أن روسيا ليس لديها القدرة على منع تركيا من التقدم في حال لم تُنفذ هذه المطالب، وأن القوات الروسية لن تتولى مهمة حرس الحدود أو قوات فصل بين “قسد” والجيش التركي.
من جانب آخر، لا يمكن فصل المساعي الروسية تجاه “قسد” عن التطورات في السويداء، حيث دفع تردي الوضع المعيشي وفقدان المحروقات مئات الأهالي إلى التظاهر واقتحام مبنى المحافظة، الأحد.
وفي هذا السياق، يعتقد تمي أن روسيا بصدد زيادة الضغط على “قسد” وتهديدها بالاجتياح التركي، لتقديم تنازلات متعلقة بالنفط للنظام السوري، وقال: “تريد روسيا استثمار التهديد التركي، لصالح حليفها الأسد، مقابل تقديم الأخير لتنازلات متعلقة بالحقوق الثقافية والاجتماعية لأكراد سوريا”.
في الأثناء، نقل موقع “باسنيوز” عن مصادر مطلعة أن النظام السوري رفض الاعتراف بالإدارة الذاتية، خلال اللقاءات التي جرت في دمشق بين الطرفين برعاية روسية، مقابل الاستعداد للاعتراف ببعض الحقوق الثقافية لأكراد سوريا مقابل تخلي “قسد” والإدارة عن خصوصيتهما.
كذلك رفض النظام السوري الاعتراف بخصوصية “قسد” ضمن جيش النظام، وفق المصدر، الذي أشار إلى أن “النظام مستعد للتعامل مع “قسد” كجماعة محلية تابعة له في شمال شرق سوريا، من دون الإقرار بها كقوة عسكرية لها خصوصيتها”.
أما الخبير بالشأن الكردي السوري، فريد سعدون، يرى أن روسيا تفترض أن الهجوم التركي سيدفع ب”قسد” إلى تقديم التنازلات في مسعى لحماية وجودها، ويضيف ل”المدن” أن “روسيا تعرض فك الارتباط بين “قسد” وأميركا والتحول كلياً الى دمشق وقبول شروطها بعودة سلطة الدولة كاملة على شمال شرق سوريا”.
في المقابل، ترفض “قسد” كل هذه العروض، طبقاً لسعدون الذي يرى أنه يبقى الخيار الوحيد أمام “قسد” هو القتال، وهذا الخيار يهدد المنطقة برمتها، لان أي اجتياح تركي جديد سيدفع “قسد” إلى ترك محاربة داعش نهائياً والتفرغ لقتال تركيا.
ويقول: “إن ورقة داعش هو خيار أساسي بيد “قسد”، يضاف إليها المنشآت النفطية والسدود ومنشآت الطاقة والغاز، إذ بإمكان “قسد” استخدام هذه الورقة أيضاً، ولكن الخيار المستحسن هو اتفاق سياسي مرحلي بين “قسد” ودمشق، تشارك فيه موسكو وواشنطن إلى حين التوصل الى صيغة حل نهائية للأزمة السورية كاملة”.
والجمعة كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد جدد الحديث عن إصرار بلاده على إكمال تأمين كامل حدودها الجنوبية مع سوريا، قائلاً: “حتماً سنكمل الشريط الأمني البالغ عمقه 30 كيلومتراً، والذي نقوم بإنشائه على طول حدودنا الجنوبية”.
المصدر: المدن