لقد مرّ ما يقرب من 200 يوم منذ الغزو الروسي لأوكرانيا صباح 24 شباط/ فبراير 2022 حينئذ حاولت روسيا الاتحادية احتلال أراضي أوكرانيا من خلال شن غارات جوية على مدنها بجميع الأسلحة المتوفرة وعبور الحدود الأوكرانية بمعدات عسكرية ثقيلة. لقد مرت أكثر من ستة أشهر منذ بدء الحرب وأوكرانيا ما زالت تصمد على الرغم من تخمينات الخبراء الروس بأن كييف ستسقط في 3 أيام.!! كما أعلنوا أن عمليتهم العسكرية في سورية ثلاثة أشهر، وفي الوقت الراهن بدأت أوكرانيا بهجوم مضاد بمساعدة الأسلحة عالية الدقة الغربية، بينما يزداد الوضع سوءاً بالنسبة إلى روسيا يوماً بعد يوم إذ يقترب الشتاء وتنضب الموارد البشرية وتأخذ معنويات الجنود الروس بالانخفاض. وبعد الإخفاقات فيما يسمى بالعملية العسكرية الخاصة بدأت آلة الدعاية للكرملين في تشكيل صورة بديلة للمجتمع الروسي. إلى جانب إخفاء المعلومات غير السارة مثل الخسائر القتالية حيث تهدف آلة الدعاية إلى تفسير تلك الإخفاقات العسكرية التي لا يمكن إخفاؤها.
واليوم، تتميز الدعاية العسكرية الروسية الحديثة بالإنكار القاطع لأي تورط للقوات المسلحة الأوكرانية في إخفاقات للجيش الروسي بصرف النظر عن وجود الأدلة الواضحة مع صور ومقاطع فيديو تنقل الهجمات على المنشآت العسكرية الروسية. على سبيل المثال، وصف حاكم منطقة بيلغورود فياتشيسلاف غلادكوف الانفجار في مستودعات الذخيرة بالقرب من قرية تيمانوفو بأنه “احتراق تلقائي” بسبب “تأثير العدسة في ظروف الطقس الحار”. كما تفسر انسحاب القوات الروسية إما بأسباب إنسانية أو “بادرة حسن نية”. ولكن في أي حال من الأحوال لا تربط ذلك بأفعال الجيش الأوكراني.
إليكم بعض الأحداث عندما حاولت الدعاية الروسية إخفاء إخفاقات الجيش الروسي عن مواطنيها:
- إنكار استهداف الصواريخ الأوكرانية طراد “موسكفا” الصاروخي الروسي. حسب وزارة الدفاع الروسية أصيبت السفينة “بأضرار جسيمة إثر انفجار ذخائر على متنها نتيجة اشتعال حريق”. حتى عندما كانت السفينة تغرق نشرت وزارة الدفاع الروسية معلومات خاطئة مفادها أن “النيران على الطراد تم احتواؤها وانفجارات الذخائر أوقفت”. وبعد غرق الطراد صرحت الوزارة بأنه غرق “بسبب العاصفة”.
- استهداف سفينة الإنزال الكبيرة “ساراتوف” الراسية في ميناء بيرديانسك بصاروخ أوكراني “توشكا يو” في آذار/ مارس. ورغم حقيقة أن السفينة غرقت نتيجة حريق وانفجار ذخيرة فإن الإدارة المحلية الروسية أكدت أن سبب ذلك هو الحريق الذي اندلع على متن السفينة ونتج عن انفجار ذخيرة.
- انسحاب القوات الروسية من كييف 30 آذار/ مارس الذي سمته روسيا رسمياً “إعادة نشر القوات المخطط له في اتجاهي كييف وتشرنيغيف” منكرة أن الجيش الروسي لم يكن قادراً على الاحتفاظ بتلك الأراضي.
- مغادرة القوات الروسية جزيرة الأفعى نتيجة قصف الجيش الأوكراني الكثيف لأراضي الجزيرة واستهداف الزوارق الروسية القريبة من الجزيرة. وصفت روسيا الفرار من الجزيرة بأنه “بادرة حسن نية” و”إنجاز المهام الموكلة”.
- انفجارات 9 آب/ أغسطس في مطار “ساكي” العسكري بالقرب من قرية نوفوفيدوروفكا في شبه جزيرة القرم. عللت وزارة الدفاع الروسية ذلك بانفجار العديد من ذخائر الطائرات، على الرغم من صور الأقمار الصناعية المنشورة في وقت لاحق تظهر ما لا يقل عن ثماني طائرات روسية دمرت نتيجة الهجوم.
تحاول السلطات الروسية التستر على خسائرها الكبيرة ولأن سمعة فلاديمير بوتين وحاشيته في وضع هش للغاية. في الواقع، ومهما حاول الاعلام طمس الحقائق فنحن بزمن أصعب من تغييب هكذا حقائق من حرب مفتوحة على أراضي كبيرة واسعة.
واليوم الحرب في أوكرانيا لا تقاس بشكل أرقام الرياضيات من عدد الجنود والآليات بل بعدد الحلفاء والمواقف إضافة إلى هشاشة المؤسسات العسكرية الروسية التي كثيراً ما أخفقت في سورية أمام قوى شعبية واليوم تخفق في أوكرانيا أيضاً.