قتل فجر الجمعة رجل في بلدة بصر الحرير في ريف محافظة درعا الشرقي، جرّاء إطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين، وهو من المتهمين بالعمل في تجارة المخدرات وترويجها في المنطقة.
وتتكرر في مناطق درعا جنوب سوريا عمليات استهداف متهمين بترويج المخدرات وتجارتها في المنطقة، حيث قتل شخص آخر قبل فترة وجيزة في ريف درعا الغربي وألقيت جثته مرفقة معها ورقة كتب عليها: «هذه نهاية كل تاجر مخدرات»، وذلك وسط معاناة يعيشها سكان جنوب سوريا من انتشار المخدرات في المجتمع وبكل أشكالها.
وقال قيادي في أحد فصائل التسويات جنوب سوريا لـ«الشرق الأوسط» إن ظاهرة المخدرات وانتشارها بدأت بشكل لافت منذ عام 2013 في جنوب سوريا، وتصاعدت عام 2018 مع تغير القوة المسيطرة في المنطقة والتنافس عليها. وتوجه ميليشيات «حزب الله» وإيران وروسيا مطامعها إليها، ما جعل من المخدرات وسيلة لاستقطاب الراغبين بالثراء والسلطة واستغلال الوضع الأمني المنفلت وعدم المحاسبة.
وكثيراً ما تتحدث تقارير عن علاقة «حزب الله» بتجار المخدرات في سوريا، من خلال منح الأشخاص المتعاونين معهم سلطات واسعة في سوريا وحمايتهم من الملاحقات الأمنية. ومنهم من استغل ذلك وعدّ وسائل لإنتاج المخدرات ودعم فصيله العسكري من مردود الاتجار بالمخدرات. وهو ما حدث مع فصيل قوات الفجر في السويداء التي يقودها المدعو راجي فلحوط، حيث عثرت الفصائل المحلية في السويداء عند مهاجمتها مقار هذه المجموعة الأمنية قبل شهر على معمل لإنتاج المخدرات في بلدة عتيل بريف السويداء. وكانت هذه المجموعة ذات ارتباطات أمنية وتلقت تدريبات من «حزب الله».
وكانت مصادر خاصة كشفت لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، عن وصول معمل لإنتاج المخدرات إلى السويداء من قبل أشخاص لبنانيين.
وأوضح القيادي أن الحالة الأمنية والاقتصادية المتدهورة باتت دافعا للكثيرين في الاتجار بالمخدرات وترويجها بالنظر إلى الفائدة المادية الكبيرة التي تحققها. وهذا ما يفسر جعل مناطق جنوب سوريا مقصداً لتجار ومروجي المخدرات، باعتبارها بوابة سوريا الجنوبية نحو الأردن ودول الخليج.
ويعلن الجيش الأردني بشكل متكرر عن إحباط محاولات تهريب كميات من المخدرات قادمة من سوريا، كان آخرها فجر الخميس الماضي، حيث أعلن مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، أن حرس الحدود الأردني أحبط محاولة تسلل وتهريب قادمة من الأراضي السورية، أسفرت عن مقتل مهرّب وفرار الآخرين إلى داخل العمق السوري.
أحد اليافعين وهو متعافٍ حديثاً من الإدمان على المخدرات، قال لـ«الشرق الأوسط» «إنك لا تحتاج إلى السرية والمعاناة لتجد تاجر مخدرات يبيعك الحشيش في معظم مناطق درعا». واللافت، وفقاً لحديثه، أن أسعار هذه المواد زهيد في المنطقة بحيث يستطيع أي عامل أو يافع شراءها، لكثرة التجار والتنافس بينهم على استقطاب أكبر قدر ممكن من المدمنين. فبمبلغ 20 ألف ليرة سورية أي 5 دولارات، يستطيع الشخص شراء كمية من الحشيش تكفيه أسبوعاً.
ويؤكد هذا الشاب أن انتشار هذه المواد بأسعار زهيدة ضاعف نسبة المدمين، إضافة إلى الظروف المحيطة المليئة بالتوتر والتفكير والتعب نتيجة صعوبة الحالة الاقتصادية والمادية التي تمر بها المنطقة والبلاد بشكل عام، ما يدفع الشباب إلى هذه المواد السامة لتنسى مشاكلها وهمومها مثل ما حصل معه. ويقول إن الفئة الغالبة المدمنة تتشارك هذه الأسباب التي دفعتها للإدمان، بدلاً من التفكير بإيجابية والبحث عن سبل النجاح والنجاة. ويضيف: «كنا نفضل على ذلك الجلوس ووضع كميات الحشيش أمامنا ونبدأ بالتشاؤم والتحشيش، والسلبية تسيطر على عقولنا».
يعتبر هذا المتعافي من الآفة، أن الرقابة الأسرية في الوضع الراهن هي السبيل الوحيد لإنقاذ الشباب، من خلال متابعتهم بشكل جيد. وعلى الرغم من أن رب الأسرة في سوريا لديه من الأعباء المعيشية ما يبعده ويشغله طوال يومه لتأمين احتياجات العائلة، لكن متابعة الأولاد وعلاجهم من هذه المواد السامة أهم وأولى من أي تقديم يمنح لهم.
المصدر: الشرق الأوسط