تطرح زيارة رئيس الحكومة المؤقتة، عبد الرحمن مصطفى، مع وفد مرافق له إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، أوراقًا جديدة فيما يتعلق بتعامل الإدارة الأمريكية مع منطقة شمال غربي سوريا.
وتضمن اللقاء، الذي جرى في 8 من حزيران الحالي، عددًا من الشخصيات الأمريكية ومنها نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، إيثان غولدريتش، ومديرة ملف سوريا والعراق في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، زهرة بيل، إلى جانب مجموعة من المسؤولين في البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع، بحسب ما نقلت “الحكومة السورية المؤقتة” عبر موقعه الرسمي.
الاعتراف بتقسيم سوريا
الدبلوماسي السوري، المقيم في واشنطن، بسام بربندي، يرى أن إدارة الرئيس الأمريكي، الأسبق، باراك أوباما، اعتبرت أن أي لقاء رسمي مع الحكومة المؤقتة من المعارضة السورية يعني اعترافها القانوني بتقسيم سوريا لوجود رئاسة وزراء معترف فيها قانونيًا في دمشق وإن كانت غير شرعية.
وأضاف أن الإدارة كانت ترفض اللقاء بهم بشكل رسمي أو حتى دعوتهم لواشنطن.
وتسعى الإدارة الأمريكية الحالية الى تكريس وضع سياسي جغرافي لمنطقة الجزيرة (شمال شرقي سوريا) يفصلها عمليًا عن بقية الأراضي السورية، عن طريق إيجاد ظروف اقتصادية تكرس الوضع الحالي، بحسب ما قاله بربندي لعنب بلدي.
ولأن هذا الأمر يثير حفيظة تركيا فكان استقبال وفد الحكومة المؤقتة (المقربة من تركيا) لتكريس النفوذ التركي في المنطقة التي تعمل فيها هذه الحكومة (ريف حلب الشمالي)، والتي تسيطر عليها تركيا عسكريًا بشكل مباشر أو من خلال الميلشيات السورية التابعة لها، بحسب بربندي.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية وافقت على السماح بأنشطة 12 قطاعًا، بما فيها الزراعة والبناء والتمويل في مناطق شمال شرقي سوريا، التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ومناطق في شمال غربي سوريا حيث يسيطر “الجيش الوطني” (ذراع الحكومة المؤقتة العسكرية)، باستثناء منطقة عفرين.
وأصدرت الخزانة، في 12 من أيار الماضي، بيانًا جاء فيه أنها سمحت ببعض الاستثمارات الأجنبية في المناطق الواقعة بشمالي سوريا والخارجة عن سيطرة حكومة النظام، والتي اعتبرتها استراتيجية تهدف لهزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” من خلال تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
ولا يتوقع بربندي، أن ينتج أي شي حقيقي أو مفيد اقتصاديًا للسوريين على الأقل من هذه اللقاءات، بل إن الصورة الحقيقة هي “فصل الشمال السوري عن مناطق النظام والاعتراف بتقسيمه بين مناطق نفوذ تركي وكردي”.
ملامح تقارب تركي- أمريكي
الباحث السياسي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، معن طلاع، قال في حديث سابق، إلى عنب بلدي، إن السياسة الأمريكية ساعدت في مكان ما بترسيخ سيناريو “تمترس الجغرافيا في سوريا”.
وينعكس الاستثناء على دعم المنظمات الدولية والإقليمية، بعدما كانت أمريكا تعتبرها جزءًا من التغيير الديموغرافي الذي تسعى إليه تركيا، في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
ويرى طلاع أن ضم مناطق عمليات “نبع السلام” (مدينتا رأس العين شمال غربي الحسكة وتل أبيض شمال الرقة) في المناطق المشمولة بالإعفاءات، هي “بادرة حسن نية” من قبل واشنطن تجاه أنقرة، التي تقول بموقفها الرسمي إنها ضد الاستثناءات الأمريكية، ولكن تركيا عمليًا اليوم انفتحت على منطقة عمليات “درع الفرات” كاملة من جرابلس لحدود الراعي واعزاز.
كما توجد ملامح تتهيأ لتقارب ما غير مكتمل بين واشنطن وأنقرة في الملف السوري، يفرضها الجو العام ولا سيما في الملف الأوكراني.
ويُقرأ ملف الإعفاءات ضمن سيناريو التجميد على أنه تعزيز “للا مركزية”، في ظل تعثّر العملية الدستورية بجولتها السابعة وغياب أثر سياسي وقانوني لهذه العملية، إلى جانب عدم توافق سياسي في المنطقة، وتراجع الملف السوري عن الساحة الدولية في حين تصدّر الملف الأوكراني، بحسب طلاع.
المصدر: عنب بلدي