تصاعد الخطاب الإعلامي من قبل النظام السوري ضد الأردن على خلفية التصريحات الرسمية التي تتهم النظام ضمناً وعلانية بتسهيل عمل عصابات تهريب المخدرات على حدودها مع سوريا، فضلاً عن عدم قدرته على ضبط حدوده أمام نشاط الميلشيات المرتبطة بإيران وحزب الله الآخذة بالتمدد والسيطرة على الجنوب السوري.
وهاجم عضو مجلس الشعب السابق خالد العبود الأردن وملكه عبد الله الثاني الأربعاء. وقال في تغريدة، إن “الأردن شكّل منصة عدوان خطيرة على سوريا، خاصة عندما قام بالدور المطلوب منه لحصار سوريا والسماح لآلاف الإرهابيين بالدخول إليها”، مضيفاً أن النظام السوري “عاد للدفاع عن أمن الأردن وحمايته من آلاف الإرهابيين الذين لم يكن أمامهم غير الهروب إلى الأردن، وضرب أمنه واستقراره”.
حديث العبود وإن كان لا يشكل موقفاً رسمياً لنظام دمشق، إلا أنه عرُف على مدى 10 سنوات من الثورة السورية بدفاعه المستميت عن آلة الحرب التي ما برحت تفتك بالسوريين طوال تلك السنوات، فضلاُ عن كونه يتلقى معلومات التصريحات الإعلامية مباشرة من استخبارات النظام الأمنية.
ورأى الباحث في مركز “جسور” للدراسات وائل علوان أن “التبجح” الإعلامي هو الوسيلة الوحيدة التي يمتلكها النظام السوري لمواجهة الخطاب الإعلامي المقرون بتصعيد عسكري من جانب عمان على الحدود السورية-الأردنية، موضحاً أنه يقف اليوم عاجزاً أمام ضبط حدوده بوجه إيران وميلشياتها.
وقال علوان ل”المدن”، إن “المشكلة الرئيسية اليوم تكمن بعدم امتلاك النظام لأمره في عملية ضبط الحدود مع الأردن”، موضحاً أنه على الرغم من امتلاكه منظومة أمنية مركزية، إلا أن ميلشيات سورية مثل الفرقة الرابعة تعمل جنباً إلى جنب مع الميلشيات الإيرانية، والتي تشكل رأس الحربة بعمليات تهريب المخدرات، مشيراً إلى أنها عادت للانتشار بشكل كبير خلال الأشهر الآخيرة، على حدود سوريا الجنوبية مع الأردن.
بالمقابل، أعرب الملك الأردني عبد الله الثاني في وقت سابق، عن تخوفه من الفراغ الحاصل الذي سيعقب الانسحاب الروسي المحتمل من الحدود الجنوبية لسوريا مع بلاده. وقال الملك الأردني خلال مقابلة أجراها مع معهد هوفر في جامعة ستانفورد الأميركية: “للأسف أمامنا تصعيد محتمل على حدودنا؛ لأن إيران ووكلاءها سيملؤون الفراغ الحاصل عن الانسحاب الروسي إذا حصل من هناك”.
وهاجم العبود، العاهل الأردني متهماً إياه بالسعي لحماية عرشه على حساب أمن المملكة قائلاً: “ميكافيلي فاته أن يقول للملك يوماً حين كان أميراً: لا تحمي عرشك على حساب أمن الإمارة، وإلا تحولت من سيد للعرش إلى حارس عليه”.
وأضاف أن الأردن “يبتعد عن سوريا من جديد بدلاً من التنسيق لمواجهة تلك الفوضى التي كان الأردن مساهماً فيها إلى جانب دول إقليمية وغربية”، معتبراً التصريحات الأخيرة جزء من سعي الأردن ل “ملاقاة الموقفيّن الأميركي والإسرائيلي”.
التصعيد الأمني خيار الأردن
واعتبر علوان أن التصعيد العسكري على الحدود مع الأردن كان متوقعاً؛ بسبب عدم التزام النظام السوري بالتعهدات الأمنية لحمايته من التمدد الإيراني المرفوض من قبل عمان، فضلاً عن تعهداته بضبطها أمنياً أمام شبكات تهريب المخدرات.
وأشار إلى أن الأردن ودولاً إقليمية تمتلك معلومات تفصيلية عن عودة انتشار الميلشيات الإيرانية وشبكات تهريب المخدرات التي تستهدف الأمن الداخلي للمملكة ودول الخليج العربية، وهذا ما دفع المملكة نحو الانتقال من تصعيد الخطاب الإعلامي إلى رفع التشديد الأمني، موضحاً أن الأردن بات اليوم يعامل النظام كجزءٍ من المشكلة وليس من الحل.
ووفقاً لعلوان فإن الأيام القادمة ستكون حُبلى بمزيد من التصعيد والإجراءات الأمنية من قبل الأردن، موضحاً أنها ستبدأ فور نفاذ صبر عمان من وعود النظام بضبط ميلشياته ومواجهة التوسع الإيراني في الجنوب، مستبعداً أن تلجأ عمان لإغلاق معبر نصيب الحدودي كجزء من الإجراءات.
ويعتبر الناشطون السوريون أن الأردن تجاهل تحذيرات الفصائل المعارضة إبان سيطرتها على المحافظة من التمدد الإيراني على حدوده الشمالية في حال سيطرة النظام عليها وتجاهل مطالبها بالوقوف إلى جانبها لعدم سقوطها، إلا أن النظام بدعم روسي وإيراني استطاع السيطرة على المحافظة في تموز/يوليو 2018، متوعداً ومن خلفه روسيا، بضبط الحدود.
المصدر: المدن