يقول الشاعر والكاتب الإنكليزي صموئيل جونسون ( الوطنية هي الملاذ الأخير لكل وغد ).
رغم تعنت النظام المجرم وتنفيذه الحرفي لمقولة وليد المعلم سنغرقهم في أدق التفاصيل، ورغم جولات لا تنتهي من المفاوضات العبثية، نجد بالمقابل إصراراً من لجان المعارضة التفاوضية على الاستمرار بهذه المفاوضات التي لم تُخرج معتقلاً واحداً، ونجد استمراراً لخنوعها واستماتتها للبقاء في مناصبها وتحت الأضواء والحصول على الراتب ورضى مشغليها.
وكلما تعرضت هذه المفاوضات إلى منعطف حرج أو وصلت إلي طريق مسدود، أو أرادوا أن يذكروا الناس بأنفسهم بعد فترة من السُبات، ظهر لنا مصطلح جديد لتبرير أو تمرير صفقة مشبوهة.
وآخر ما تفتق عنه العقل الفذ للمعارضة هو مصطلح التجهم في وجه بيدرسون بعد تصريحه الأخير أنه لم يسمع من مقابليه أحداً يريد إسقاط الأسد، بالإضافة إلى مصطلح الخطوة – خطوة، وتسريب مصطلح المصلحة الوطنية وضرورة إتباع هذا الطريق دون غيره بوصفه مصلحة عليا وإهمال ونبذ كل الخيارات والبدائل الأخرة، حيث يُظهر أصحاب هذا المصطلح أنفسهم كحراس على المصلحة الوطنية وضامنين لها، وكأن المصلحة الوطنية شبح لا يستطيع رؤيته ( بفضل بركاتهم ) أحد سواهم.
وفي الحقيقة والواقع لن نجد ثائراً سورياً واحداً يرفض العمل من أجل تحقيق المصلحة الوطنية، ولكن السؤال هو على أي أساس ووفق أي هدف؟
هل حرصكم على المصلحة الوطنية وحماسكم لها يتناسب طرداً مع أمنياتكم والوعود المقدمة لكم بالحصول على ثلاث أو أربع حقائب وزارية هامشية تافهة؟
هل المصلحة الوطنية تقتضي أن ننسى ونهدر دماء مليون شهيد وعذابات مئات الآلاف من المعتقلين والمغيبين والمغتصبات، وتهجير حوالي نصف الشعب السوري واقتلاعهم من أرضهم وتاريخهم؟
هل المصلحة الوطنية تتحقق ببقاء وتبادل كراسي الائتلاف بين نفس الأشخاص الذين أثبتوا فشلهم؟
هل المصلحة الوطنية تتحقق بإعادة تدوير النظام ورأسه المجرم وإعادة منحه الشرعية عبر مشاركته بحكومة يشكلها ويقودها، وترك المجرم حراً طليقاً لا بل مكافأته على إجرامه ببقائه على رأس العصابة لمتابعة ومعاودة سيرته في القتل والتدمير؟
إن استغلال الوضع الإنساني والاقتصادي (المزري) للشعب السوري من أجل الترويج لخدعة المصلحة الوطنية في حال نجاحه سيعمل على إبقاء الجمر تحت الرماد وسيحول الوضع في سوريا إلى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة.
إن المصلحة الوطنية تتحقق عبر التمسك (كحد أدنى) والمطالبة بتطبيق (بيان جينيف الأول، والقرارات ٢١١٨ و٢٢٥٤) التي تنص على أن الحل السياسي يبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، لا عبر متابعة التفاوض مع النظام رغم رفضه لكل شيء.
في الحقيقة منذ أن تم رفع اسم المعارضة بدلاً من الثورة وحسب العرف السياسي والدبلوماسي الدولي فإن هذا يعني الاعتراف بشرعية النظام، وتحولنا من ثورة تريد إسقاط واستبدال النظام إلى معارضة تريد إصلاح ومشاركة النظام.
لقد كثرت أخطاؤكم وخطاياكم وتحولتم إلى أداة من أدوات إجهاض الثورة ولم يعد يفيدكم التبرير والترقيع، ويجب على قيادة المعارضة أن تتحمل وزر مواقفها دون مسرحية أو لطمية الحرص على المصلحة الوطنية والمواطن، ويجب محاسبة أي قرار ومتخذه ومنفذه، ولا يمكن الوصول لأي حل دون إزالة هذه المعارضة الفاشلة مع النظام المجرم.
المصدر: موقع المجلس العسكري السوري