“كسر الفيتو”.. هل يؤشر انتخاب الحلبوسي لتراجع إيران بالعراق؟

وليد الخزرجي 

رغم “الفيتو الكبير” الذي وضعته إيران وحلفاؤها في العراق على السياسي السني محمد الحلبوسي، لمنع وصوله إلى رئاسة البرلمان، لكن الأخير فاز بالمنصب للمرة الثانية على التوالي، بعد حصوله على غالبية ساحقة لأصوات النواب في الجلسة الأولى للبرلمان.

وحقق الحلبوسي فوزا بـ200 صوت من أصل 227 نائبا حضر جلسة البرلمان، الأحد، بينما فاز نائبه الأول عن التيار الصدري حاكم الزاملي، بـ182 صوتا، وكذلك الحال فاز النائب الثاني عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، شاخوان عبد الله بـ180 نائبا.

وانتخاب رئيس البرلمان أثار تساؤلا ملحا عن مدى تأثير إيران الحالي في اختيار رئاسات العراق، في حين سبق أن أعلن قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري عام 2018 أن بلاده تغلبت على أمريكا في العراق (3-0)، لأن الرئاسات الثلاث هم من المعسكر الإيراني، بحسب تعبيره.

“دور مراقب” ورحيل سليماني

وتعليقا على ذلك، قال أستاذ العلوم السياسية العراقي الدكتور معتز النجم، في حديث لـ”عربي21“، إن “الدور الإقليمي أصبح ضعيفا في العراق، ولا سيما بعد الانتخابات البرلمانية المبكرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، لاعتبارات عدة، منها صعود المستقلين إلى قبة البرلمان”.

وأوضح النجم أن “العامل الدولي أصبح مراقبا أكثر مما هو فاعل، لأنه بات هناك توازن قوى داخل البرلمان، إضافة إلى طبيعة التعاطي مع الأزمات الداخلية العراقية، سواء التي تتعلق بالمكونات أو الأزمة الذاتية، وهذه كلها أدت إلى نوع من الاستقلالية السياسية في اختيار رئاسة البرلمان على العكس مما حصل في انتخابات 2014 و2018”.

وأكد الخبير العراقي أن “غياب الجنرال الإيراني قاسم سليماني كان له تأثير واضح في الدور الإيراني بالعراق، حيث ظهرت أزمة داخل البيت الشيعي لأن ضابط إيقاع هذا المكون غير موجود، فبالتالي المعادلة مختلفة بعدما كان الأخير يعرف كيف يعزف على الخلافات، واليوم خليفته إسماعيل قاآني يفتقد مفاتيح المعادلة”.

وأشار النجم إلى أن “الدور الإيراني تحوّل من فاعل مؤثر لما يمتلكه من عوامل قوة في السابق إلى مراقب حالي يستطيع أن يتدخل بشكل أو بآخر، إذ أن غياب ضابط الإيقاع أصبح واضحا”.

“إيران منشغلة”

وفي المقابل، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي، سعدون التكريتي، أن “انتخاب الحلبوسي رغم الفيتو الإيراني، ليس بالضرورة تعبيرا عن تراجع دور طهران وتأثيرها في العراق، لأن الأخيرة لديها همّ أكبر وأهم في الوقت الحالي، وهو مفاوضات الملف النووي”.

وأضاف التكريتي في حديث لـ”عربي21“، أن “الموضوع أكبر من الحلبوسي، فإيران تجد أن العراق كله يخرج من سيطرتها بالتدريج، وأن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أداة ليس أكثر، لكن هي عندها أسلوب تبديل الخطط، والصبر على بعض الخسائر”.

وأوضح الباحث أن “الإيرانيين لديهم مخاوف بأن الصدر هو أداة في مشروع غربي إماراتي سوف يجمع السلطات كلها ويقصي البقية من الشيعة، وسوف يسيطر على القوات كافة ويفكك الحشد الشعبي، ثم تشتعل بسبب إدارته حرب شيعية – شيعية”.

وتوقع التكريتي أن يتمكن التيار الصدري مع حلفائه من السنة والأكراد من “تمرير رئيس الحكومة بالطريقة ذاتها التي مرر بها رئيس البرلمان، لكن قد يكون الوضع أصعب في انتخاب رئيس الجمهورية لأن القوى الكردية وضعهم أصعب حاليا”.

لكن أستاذ العلوم السياسية معتز النجم، قال إن “طبيعة انتخاب رئيسي الجمهورية والحكومة تختلف، لأن كليهما بحاجة إلى حضور ثلثي البرلمان والتصويت بالأغلبية، وليس كما حصل مع انتخاب رئيس البرلمان الذي كان يتطلب النصف زائد واحد”.

ورأى النجم أنه “كلما زاد عدد المصوتين على رئيس الوزراء فإن ذلك سينتج حكومة قوية”، لافتا إلى أن “قوى (الإطار التنسيقي) لا تزال لديها أدوات قوة، لأن لديها خبرة سياسية وهو فاعل مؤثر في المعادلة السياسية والنظام السياسي، وأن عزله بشكل أو بآخر ربما يجعل عمر الحكومة المقبلة قصير الأمد وربما نشهد انتخابات مبكرة”.

وتابع: “(الإطار السياسي) يمتلك شخصيات سياسية فاعلة مثل رئيسي الوزراء السابقين، نوري المالكي وحيدر البعدي، وكذلك لديه فصائل مسلحة يمكنها التأثير سياسيا واستراتيجيا على القرار السياسي في العراق”.

“قرار عراقي”

وعلى الصعيد ذاته، قال مسعود حيدر مستشار رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني في مقابلة تلفزيونية، الأحد، إنه “إذا كنا نريد أن يكون القرار عراقيا فيجب التنسيق والتحالف مع التيار الصدري، حتى لا ندع الفاعل الإقليمي يفرض إرادته على الشعب والأحزاب العراقية”.

وأضاف: “كان هناك فيتو إقليمي على الحلبوسي، لكن نحن لدينا رؤى مشتركة بتوليه رئاسة البرلمان، واليوم جرى وضع خط فاصل بين طرف يريد بناء دولة ويعيد السيادة للعراق ويكون القرار عراقيا، وبين طرف آخر يرد أن يكون البلد بلا سيادة من الأساس”.

وأشار حيدر إلى أن “من صوّت على انتخاب هيئة الرئاسة في البرلمان (الرئيس، ونائباه) في جلسة يوم الأحد، يريدون أن يكون القرار عراقيا بحتا، وليس غير ذلك”.

وفي تصريحات سابقة للنائب العراقي مشعان الجبوري، قال إنه “لا يوجد فراغ إيراني في العراق، وربما تبادل بالأشخاص، لكن لا تزال تشكل عاملا مؤثرا ولكن بدرجة أقل”، مشيرا إلى أن “العامل الخليجي والتركي لا ينافس العامل الإيراني في العراق، رغم أن الأخير يخترق الساحة التي يفترض أن يكون فيها العامل الخليجي والتركي مؤثرا فيها”.

وأضاف الجبوري خلال مقابلة تلفزيونية في 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أن “العامل التركي والخليجي عامل دافع ومشجع لوحدة الموقف السني، وهو الضاغط لهذا الأمر، وقد جعل البعض منا يتجاوز ارتباطاته ويذهب إلى حالة التوافق الحالية بين تحالفي عزم وتقدم”.

ولفت إلى أن “العامل الإيراني يعمل على أن لا يتوافق السنة فيما بينهم، ولذلك حرّك بعض الموالين له من السنة لتخريب أي توافق سني، لأنها تريد أن تفرض عليها أشياء لا نتحملها”.

وأكد مشعان الجبوري أن “إيران لديها فيتو كبير على محمد الحلبوسي حتى لا يكون رئيسا للبرلمان مرة ثانية، ومن أجل ذلك تستعمل كل وسائلها، بعدما كانت هي من أتت به بعد انتخابات عام 2018”.

المصدر: عربي 21

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى