أحد المعارضين السوريين التقيته بعد زيارته لإسرائيل بشهور ،ووجد في وجهي كلامًا أريد أن أقوله حول زيارته، وحول قراره بزيارة اسرائيل.
توقع مني أن أتحدث من وجهة نظر إسلامية ، فأذكر له ما ورد في القرٱن من عداوتهم للمسلمين ،وأن أذكر له اغتصابهم للأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وأن أذكره بأفعال الصهاينة تجاه أهلنا في فلسطين، حيث اغتصبوا الأرض والمقدسات والحقوق.
توقع مني أن أهتف فأقول:
القدس لنا ،والأقصى مسرى نبينا ،وأي علاقة مع الذي اغتصب القدس ودنّس الأقصى لا تصح ولا تستقيم ولا تجوز.
توقع مني أن الفت انتباهه إلى مجازر دير ياسين وعشرات المجازر في فلسطين؛ ومجزرة صبرا وشاتيلا ومجزرة قانا في لبنان، وبحق مصر مجزرة بحر البقر، ومجزرة الاسرى المصريين!
وربما توقع مني من زاوية وطنية أن أذكره بشراء واحتلال اسرائيل للجولان بعد أن باعها حافظ أسد، واستولى على السلطة في سورية مقابل البيع اللئيم الموثق!
كل ذلك وأكثر ربما توقعه مني زائر إسرائيل أن أقوله، وأن اسهب فيه، وقال أعرف ما ستقوله في رفضك لزيارتي لإسرائيل…
ولكنني فاجأته بسؤال بعيد عما توقع؛ قلت له :
هل أخذت رأي أحد غيرك في هذا الأمر؟!
هل أخذت رأي من حولك؟
بل الأهم من ذلك هل أخذت رأي من تظن نفسك أنك تمثلهم من الثوّار؟
هل استمعت إلى ثوار منطقتك ومدينتك؟ وقد قلت مرارًا إنك اشتغلت معهم ،وتفتخر بهم ،وقلت إنك حرضتهم و،حرّكتهم وتواصلت معهم باستمرار في الداخل مباشرة ومن الخارج عبر الوسائل كافة؛
هل سألتهم عن رأيهم بقرارك قبل ان تزور إسرائيل؟
هل يشكل رأيهم شيئًا مهمًا في نظرك؟
هل تحترم رأيهم أصلاً، ولرأيهم حيزٌ في اتخاذ قراراتك وتنفيذها؟
ربما تعتقد أن وعيهم وثقافتهم ومستواهم في المعرفة والوعي لا يصل ،ولن يصل إلى مستواك وقدراتك وما فهمته من اطلاعات خاصة هي لك ،ولا تشرك فيها أحدًا ولا حتى جمهورك!
طبعًا هذا المعارض السوري علماني معلن لعلمانيته بشدة ،ويدعو دائمًا إلى فصل الدين عن الدولة ،وفصل الدين عن المجتمع ،وفصل الدين حتى عن الثقافة وعن الأخلاق!
طبعًا هذا الرجل السوري المعارض خسر جمهوره -إن صحت النسبة – وخسر الثوار في منطقته وخسر رصيده في كل المناطق السورية الثائرة؛ بل خسر أغلب من أعجب به يومًا في الداخل والخارج، وانزوى في بيته يخاطب الناس بتسجيلات كل حين ووراءه حطب كرامي مخلوف!
هذا عن العلماني المغالي في علمانيته نقسو عليه ولا نبالي؛ ولكن ماقولنا في الإسلامي “سعد الدين العثماني “الذي نحبه وفرحنا لفوزه مرتين واستبشرنا الخير العميم لاستلامه السلطة في بلاده ،ووقفنا مرارا نستدل أمام العلمانيبن به ،وبفوزه ،وبما نرجوه من خير في حكمه وتوليه السلطة .سعد الدين العثماني لم يذهب إلى اسرائيل بل استدعى اسرائيل إلى بلاده ،وسجل في تاريخ المغرب أن الذي شرعن العلاقات والتطبيع مع إسرائيل هو رمز إسلامي ينتمي للتيار الحركي الإسلامي…
وكذلك لن نقول للعثماني أي أمر من منظور إسلامي وعروبي…
سنقول له كما قلنا للعلماني المتطرف.
هل استفتيت جمهورك في مسألة الاعتراف باسرائيل والتطبيع مع إسرائيل؟
لن نقول للعثماني : هل استمعت إلى الرأي الاسلامي الحركي العالمي الذي تنتمي إليه؟
بل سنقول:
هل أخذت برأي جمهورك الإسلامي المغربي؟
بل هل أخذت برأي الشعب المغربي؟
هل كان الرأي المغربي الجمعي العام في نظرك مهما وملزمًا؟
أم قلت في نفسك : الجمهور لن يفهم المعادلات الدولية، والضرورات المرحلية وممرات السياسة الاحترافية؟
قد ينبري كثيرون متحزبون للعثماني فيدافعون ،ويدفعون، ولكنهم لن يستطيعوا أن ينكروا أن عدم احترام العثماني لجمهوره هو أهم سبب أدى إلى خسارته للانتخابات وفي الحقيقة خسارته لجمهوره.
وأن ينهار مؤشر شعبية العثماني إلى العشر ليس بالأمر البسيط ولا بالعابر.
إنها دعوة لكل رموز التيار الإسلامي الحركي العاملين ،ألاّ بغفلوا عن الرأي الجمعي لجمهورهم؛
ليحترموا رأي جمهورهم أو يزولوا !
المصدر: رسالة بوست