وسط هدوء حذر، ووقف إطلاق نار شامل في درعا جنوب سوريا، دخلت الشرطة العسكرية الروسية واللجنة الأمنية الممثلة للنظام صباح أمس الاثنين، إلى حي الأربعين في درعا البلد، من أجل استكمال تنفيذ بنود الاتفاق الذي أبرم مساء الأحد، بعد جولة من المباحثات أفضت إلى اتفاق جديد، بعد تعديل بنود الاتفاق المعلن عنه في 1 أيلول الجاري.
وقال عضو لجنة التفاوض عن أهالي درعا أبو علي المحاميد إن المنطقة تشهد أولى مراحل تنفيذ الاتفاق وأضاف «اليوم يستكمل إجراء التسويات في درعا البلد للراغبين بذلك بحضور لجنة التسويات وبحضور الضامن الروسي كخطوة أولى لتنفيذ الاتفاق».07
ووفقاً لمصادر خاصة لـ «القدس العربي» في درعا، فإن نائب وزير الدفاع الروسي ضغط على ممثلي النظام لتنفيذ الاتفاق والالتزام ببنوده، مرجحًا أن يستكمل الاتفاق مراحله دون أي خروقات بضغط من الجانب الروسي.
وقال «سيرفع العلمان السوري والروسي في درعا البلد» مضيفاً أن «الشرطة الروسية واللجنة الأمنية التابعة للنظام أجرت داخل حي الأربعين في درعا البلد تسوية أوضاع المطلوبين حيث سلم هؤلاء قطعاً من السلاح الخفيف في مركز الحي قرب مسجد بلال الحبشي بدرعا البلد».
وقال المصدر «من المفترض أن تشهد المنطقة يوم الثلاثاء تفتيشاً للمنازل من قبل قوات النظام بحضور الشرطة الروسية وأعضاء لجنة التفاوض منعاً من أي تجاوز أو خرق للاتفاق قد ترتكبه قوات النظام، كما سيتم نشر أربع نقاط أمنية في محيط درعا البلد ومخيم درعا وطريق السد». ونشر ناشطون من أهالي الأحياء المحاصرة، صوراً ومقاطع مرئية تظهر عمليات التسوية التي أجراها شبان المنطقة، وتسليم السلاح الخفيف من قبل أهالي درعا البلد.
وينص الاتفاق الذي أبرم بين اللجنة المركزية الممثلة للأهالي نائب وزير الدفاع الروسي وقائد القوات الروسية في سوريا، في المرحلة الأولى، وفق مصادر لـ «القدس العربي» على إجراء التسويات وتسليم السلاح الخفيف والمتوسط، يليها دخول قوة أمنية إلى درعا البلد والأحياء المجاورة برفقة الشرطة العسكرية الروسية ووجهاء من درعا للتدقيق في هويات السكان.
المرحلة الثانية، تفسح المجال لنشر تسع نقاط عسكرية وأمنية في الأحياء المحاصرة بدرعا على أن تضم كل نقطة 15 عنصراً أمنياً، ويجري النظام السوري بإشراف روسي عمليات التفتيش على المنازل ومستودعات الأسلحة مع كشف مواقعها.
وفي المرحلة الثالثة والأخيرة، يفترض فتح الحواجز المحيطة بالأحياء المحاصرة، وانسحاب قوات النظام والميليشيات الداعمة لها والمتمركزة في محيط المدينة، لفك الحصار.
وأوضح المصدر، أن الاتفاق نص على إجراء تسوية لنحو 200 شخص ما بين مدني وعسكري، وتسليم نحو 200 قطعة سلاح خفيف ومتوسط من قواذف «آر بي جي» وبنادق ومذخر «5›14» وفوارغ صواريخ «لاو».
الناطق باسم لجنة التفاوض في درعا المحامي عدنان المسالمة قال «لم نتوصل لاتفاق نهائي مع الأطراف الفاعلة، وفي صباح يوم الغد، سنتباحث في بنود الاتفاق المعلن عنه في 1 أيلول الجاري» موضحاً أن «الأمر الذي شجعنا على العودة إلى المفاوضات، هو تعهد نائب وزير الدفاع الروسي بفك الطوق الأمني عن الأحياء المحاصرة، وسحب التعزيزات العسكرية من محيطها، بمجرد نشر النقاط الأمنية».
في غضون ذلك، قال الائتلاف السوري المعارض أنه لا يمكن تصنيف الاتفاقات والمخططات التي يتم فرضها على درعا «بالحديد والإرهاب إلا كجرائم ضد الإنسانية يتعرض لها الشعب السوري، خاصة وأنها تبرم تحت ضغط رهيب داخل قطعة أرض صغيرة محاصرة من قبل ثلاثة جيوش».
وأضاف في بيان رسمي له يوم الاثنين «أن أي اتفاق تشارك في وضعه قوى الاحتلال الروسية والإيرانية، لن يكون ذا قيمة ومصداقية، وأنه يحتاج إلى ضمانات دولية جدية تؤمّن سلامة المدنيين، وإلى موقف حازم يوفر الحد الأدنى المطلوب من مقومات الحياة ويحفظ كرامة أهلنا في درعا» معتبراً أنه يجب على الدول الفاعلة التحرك بشكل جدي «لوقف الإجرام وفك الحصار عن أهلنا في درعا بأسرع وقت، كذلك إدخال المساعدات الإنسانية والطبية العاجلة دون أي تأخير، فالتخلي عن المسؤوليات تجاه حماية المدنيين في درعا ستكون له نتائج وخيمة».
وحذر البيان من الخطر الإيراني ومن تداعياته وزحفه «واقعاً ماثلاً أمام الجميع، وها هي ميليشيات النظام الإيراني اليوم تقف على تخوم دولة عربية جديدة، ونرجو ألا يكون ثمن ذلك باهظاً، وأن تتحرك الدول العربية وتستبين الخطر قبل وقوع المزيد من الخسائر وقبل أن تقع أضرار لا عودة عنها».
وأضاف «الهيئة السياسية مستمرة في بناء حملة دولية تتضمن حزمة من الرسائل الدبلوماسية والمذكرات القانونية للخارجيات والمنظمات الدولية بشأن الانتهاكات التي يقوم بها النظام وداعموه ضد أهالي المدينة. كما يجري تنسيق الجهود ودعم صمود أهل حوران ضد هجوم النظام وداعميه، إضافة إلى التنسيق مع الأمم المتحدة والدول الفاعلة والمنظمات الإنسانية والحقوقية». وجدد الائتلاف دعمه للمحاصرين، وقال «ستبقى درعا مهداً للثورة السورية، وستظل شوكة في حلق الطغاة والمستبدين والمحتلين».
المصدر: «القدس العربي»