أظهر استطلاع رأي أجرته «الرابطة السورية لكرامة المواطنين» في مناطق سيطرة النظام السوري، أن معظم السوريين ينتقدون الفساد المستشري في مفاصل النظام بنسبة 97 في المئة.
وأكد الاستطلاع الذي شمل 533 شخصاً من مناطق سـورية مختلفة، أن أكثر من نصف العينة أشار إلى فقدان الأمان في مناطق سيطرة النظام، بعدما عاين أموراً ولامس وقائع تثبت ذلك.
وحسب النتائج فإن 67 في المئة ممن عادوا إلى سوريا لا يشعرون بالأمان، في حين أن 68 من سكان المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام و48 في المئة من سكان المناطق التي كانت أصلًا تحت سيطرة النظام يرغبون بالهجرة.
وأكد الاستطلاع أن نسبة تقدر بـ21 في المئة من المشمولين بالدراسة اللاجئين السوريين، في حين أشار 94 في المئة من السوريين الذين يقيمون في مناطق «المصالحات» إلى غياب الأمان بسبب انتشار الجريمة، وبطش سلطات النظام بهم، والأوضاع الأمنية والمعيشية، حيث يشعر الأهالي الذين أجبروا على العودة إلى سلطة النظام من تهديد دائم لحياتهم.
واللافت، في أرقام الاستطلاع مدى الشعور بالإحباط من الواقع المتردي الذي وصلت إليه سوريا بعد عقد من الصراع، في ظل غياب أي أمل بحل ينهي مأساة الشعب السوري. وتأكيداً لنتائج الاستطلاع، دعت مسؤولة إعلامية سابقة لدى النظام، إلى هجرة جماعية من سوريا، وقالت مديرة تلفزيون النظام السابقة ديانا جبور، على صفحتها الشخصية «فيسبوك» «بمناسبة رأس السنة الهجرية أتمنى لنا ولكم إعادة سيرة السلف الصالح وأن نهاجر كلنا كلنا».
وحظيت تدوينة جبور بدعم عدد كبير من النخب في مناطق سيطرة النظام، مما يعكس واقع التدهور الاقتصادي، وتآكل القدرة الشرائية، وسط تضخم جامح يسود الأسواق، ونقص كبير في الخدمات (الكهرباء، المياه، المحروقات).
وقال رئيس «الرابطة السورية لحقوق اللاجئين» مضر حماد الأسعد، إن الشعب السوري في مناطق سيطرة النظام يعاني من غياب الأمان، نتيجة عمليات الخطف والاعتقال على الشبهة، والتهديد المتواصل بالموت من قبل المليشيات غير المنضبطة. وأضاف لـ«القدس العربي» أن المواطن السوري في دمشق وغيرها يعيش كل يوم تحديات كثيرة، من تأمين الخبز إلى الطعام، وسط عدم توفر فرص العمل، وهذا ما يدفع بالغالبية إلى التفكير الجماعي بالهجرة، وهو ما يدحض رواية النظام عن «انتصار» على المؤامرة.
وحسب حماد الأسعد، فإن الهدف هو إفراغ سوريا من سكانها «السنّة» وإحلال سكان جدد مكانهم، بدلالة تجنيس آلاف المقاتلين الشيعة من قبل النظام بأوامر إيرانية، وقال: «كذلك تفعل مليشيا قسد الأمر ذاته، فهي تستجلب المقاتلين من شمال العراق وتركيا إلى شمال شرق سوريا، بعد تفريغ المنطقة من العرب السنّة، وخصوصاً في محافظة الحسكة».
وقد دعا رئيس الرابطة الحقوقية، المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى إيقاف مأساة الشعب السوري، وتنفيذ القرارات الدولية التي من شأنها إيجاد حل يعيد سوريا إلى ما كانت عليه، بحيث لا يمكن لبقاء الأسد أن يؤدي إلى أي حل في سوريا.
وأشار الباحث بالشأن السوري، أحمد السعيد، إلى إعلان الأسد عن تشكيل الحكومة الجديدة، بعد «مسرحية الانتخابات» بحيث لم يجر الأسد إلا تغييرات طفيفة على أسماء الوزراء، رغم الفشل الذريع السابق في توفير الخدمات للسوريين. وفي حديثه لـ«القدس العربي» أكد الباحث، أن الأسد يريد القول للسوريين إن الوضع الاقتصادي لن يتحسن، وإن القضايا الأكثر أهمية لن تحل، وعلى السوريين التأقلم مع غياب الخدمات والجوع.
والثلاثاء، أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد مرسوماً بتشكيل حكومة جديدة برئاسة حسين عرنوس، في حين احتفظ أغلب الوزراء بمناصبهم، مع تغيير طفيف في الوزراء. ووفق السعيد، فإن الغالبية العظمى من السوريين داخل البلاد، ترغب بالهجرة في حال توفر السبيل إلى ذلك، ما يؤكد من وجهة نظرة استمرار فشل سوريا لعقود قادمة، حتى في حال انتهاء الحرب.
وفي آذار/مارس الماضي، توقع «المجلس النرويجي للاجئين» في تقرير صادر عنه، أن تشهد سوريا نزوح 6 ملايين لاجئ آخرين في العقد المقبل، في حال استمرار الصراع وقمع النظام.
المصدر: «القدس العربي»