أدى رئيس النظام السوري بشار الأسد السبت “القسم الدستوري” لولاية رابعة مدتها سبع سنوات بعد الإعلان عن فوزه في الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية مايو/أيار الماضي.
وألقى الأسد بهذه المناسبة خطاباً تحدث فيه عن برنامجه للعمل في المرحلة المقبلة، لكن حديثه تميز بالعموميات والمصطلحات الخاصة بالعناوين العامة للحالة السورية مثل معنى المعارضة ومعنى الحرية والانتماء للوطن.
وخاطب الأسد المعارضين السوريين بقوله: “أنت مستغل من قبل أعدائك، والتراجع عن الخطأ فضيلة والأبواب ستبقى مفتوحة لعودتهم إلى حضن الوطن”.
واعتبر أن نظامه ربح معركة الحفاظ على سعر الليرة، مشيداً بحجم الاستثمارات الحاصلة في البلاد، مشيراً إلى أن هناك 3 آلاف مصنع تبنى الآن. واستدرك بالقول إن كلامه لا يعني أن الأمور بخير، لكن هناك إمكانية لجعلها بخير، حسب تعبيره.
ورأى أنه رغم الحصار لم تغلق الأبواب نهائيا، وهناك فجوات يمكن المرور منها، وعاد للحديث عن الأموال السورية في المصارف اللبنانية، معتبراً أن استعادتها تشكل مفتاحا لعودة النشاط للاقتصاد السوري.
وتعيش سورية أزمة حادة في مجال توفير التيار الكهربائي، وتصل ساعات انقطاع التيار الى أكثر من 20 ساعة يومياً في معظم المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام.
وتحدث رئيس النظام عن ضرورة الشفافية في عمل مؤسسات الدولة باعتبارها مفتاح مكافحة الفساد وقال إنه لن يكون هناك تساهل مع أي شخص متورط بالفساد.
وفيما يبدو أنه رد على بعض أصوات المعارضة، التي توقعت أن يطلق رئيس النظام في خطابه مجموعة من الوعود التي لن يتمكن من تحقيقها، قال الأسد إن ما يقوله ليس وعوداً، بل أشياء بدأ العمل بها بالفعل.
وجدد اعتزام نظامه استعادة السيطرة على كل المناطق الخارجة عن سيطرته حالياً، واصفا تركيا بالغادرة والولايات المتحدة بالمخادعة، مشيداً بدور روسيا والصين في دعم نظامه، كما انتقد قوات “قسد” دون أن يسميها، معتبراً أنها أداة بيد الأميركي، وتعهد بدعم “المقاومة الشعبية” ضد المحتل الأجنبي بكل الوسائل السلمية والعسكرية.
وكرر الأسد عدة مرات الانتقادات لوسائل التواصل الاجتماعي التي قال إنها تحمل أخبارا مضللة وتوهن عزيمة الأمة.
واستخف الأسد بالحدود بين الدول العربية، التي قال إن الاستعمار هو من صنعها، معتبراً أن انتماء سورية لأمتها العربية هو انتماء حضاري وجودي، وليس سياسيا مرتبطا بالأنظمة السياسية القائمة حالياً. وشدد على “عروبة” سورية، لكن دون أن يعني ذلك طمس هوية غير العرب في سورية، وجدد التزام نظامه بدعم القضية الفلسطينية، وباستعادة الجولان السوري المحتل.
وفي تعليقه على الخطاب، قال الناطق الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية المعارضة، يحيى العريضي لـ”العربي الجديد” إن رئيس النظام يعيش في “انفصال عن الواقع والتنكر له وإدارة النظر عنه، والظهور بمظهر المحلل المركب الشفاف. الواقع في واد وما يقول في وادٍ آخر.
لعب وبهلوانية بالمفردات والمآل الدلالي ذاته
وأضاف: “حتى اللحظة ولأكثر من عقد على انتفاضة سورية، لا يزال خطاب النظام منفصلا ومنفصما عن الواقع، وبالتأكيد، لا يستطيع أن يكون غير ذلك، فما تعوّد هذا النظام على قول الحقيقة أو مواجهتها. فهل سيعترف بأنه دمّر واعتقل وشرّد وخرّب البلد على كل الأصعدة اقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً؟! أستبعد ذلك”.
وأشار العريضي إلى أن رئيس النظام يواصل “المكابرة، والادعاء، ورمي عقابيل ما حدث على “المؤامرة الكونية” خارجياً وداخلياً” معتبراً أنه ليس لدى النظام أي مشروع سياسي “سوى الحديث عن الصمود والمقاومة والأمور الخلبية، وهو يكذب ويعرف أنه يكذب، ويعرف أن الآخرين يعرفون ذلك”، كما أنه يعود إلى “أسطوانة “الأمل والعمل” والتبشير بالغد الأفضل ويحث على الصبر والصمود ودعم الأصدقاء، وفي داخله يعرف أن كل ذلك خلّبي، ولكنه لا يستطيع قول غيره”.
وكان المنسق العام لـ”هيئة التنسيق الوطنية” حسن عبد العظيم قال لموقع “روسيا اليوم” إنه “لا جديد سوى إطلاق وعود غير قابلة للتنفيذ”، مضيفاً أن المعارضة سواء في “هيئة التنسيق الوطنية” أم في “جود” (الجبهة الوطنية الديمقراطية) لا تتوقع جديدا في خطاب القسم “لأن هناك، مع الأسف، انهياراً ماليا واقتصاديا، وأزمات تزداد تصاعدا وحدة، والفقر يتسع، مع إصرار على تجاهل الحل السياسي في جنيف، وتنفيذ القرارات الدولية”.
وأشار عبد العظيم إلى أن خطاب القسم الأول عام 2000 تضمن وعوداً حول أن التغيير يحتاج إلى احترام الرأي الآخر، وذلك لأول مرة في سورية بهدف التعاون من أجل التغيير، “لكن الخطاب تم التراجع عنه”.
وأضاف أن البلاد لم تشهد “أي حوار أو استجابة حقيقية لمطالب المعارضة، وبقيت الوعود دون مرحلة التنفيذ، وهو أيضا ما تم في خطابي القسم الثاني والثالث”.
وكان الأسد قد فاز في الانتخابات الرئاسية وحصل على نسبة 95.1%.
المصدر: العربي الجديد