ترتبط مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” الكردية في دير الزور بنحو عشرة معابر نهرية مع مناطق قوات النظام السوري، تعتبر بمثابة الأوردة التي ينعش منها النظام أسواقه في المحافظة، وخاصة تلك المتعلقة بالمحروقات.
ويعتبر معبر مدينة الشحيل التي تقع ضمن مناطق سيطرة الإدارة، وتقابلها من الجهة الأخرى بلدة بقرص، في ريف دير الزور الشرقي، أحد أهم تلك المعابر وأنشطها، وقد تم استهدافه من قبل التحالف الدولي عدة مرات خلال السنوات الماضية، بينما بات اليوم مغلقًا أمام عمليات التهريب تمامًا.
كيف ذلك؟
يُستخدم معبر الشحيل بشكل مكثف في تهريب النفط من مناطق “الإدارة الذاتية” عبر وسطاء من المنطقة يتعاملون مع شركة “القاطرجي” النفطية، التي يعتمد عليها النظام بهذه المهمة منذ سنوات.
وافتُتح معبر الشحيل في تشرين الأول 2019، بعد تنسيق جرى بين قيادي من “مجلس دير الزور العسكري” التابع لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) يدعى خليل الوحش، من جهة، وشخص من بلدة بقرص يعمل لمصلحة “القاطرجي”، من جهة أخرى.
ووفق مراسل عنب بلدي في دير الزور، فقد كان الهدف من افتتاح المعبر في البداية هو توصيل النفط الخام من مناطق “قسد” لمناطق النظام.
لكن ومع اتساع رقعة العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على كل من يتعامل مع النظام، والتي طالت “القاطرجي”، أصبح معبر الشحيل يستخدم لإدخال جميع المواد ما بين شرق الفرات وغربه، في دير الزور.
ومن بين المواد التي ينشط إدخالها من المعبر، الأسمنت والحديد والمواد الصناعية والغذائية القادمة من مناطق النظام، مقابل عبور النفط الخام والمفروز من مناطق “قسد”، وفق مراسلنا.
في الآونة الأخيرة، ركزت القوات الأمريكية على المعبر وبقية المعابر الأخرى بهدف الحد من عمليات التهريب تطبيقًا للعقوبات، وتم التضييق على الذين يتعاملون مع شركة “القاطرجي” النفطية في المنطقة.
وبرز اسم عائلة القاطرجي خلال السنوات الماضية كوسيط بين تنظيم “الدولة الإسلامية” (في أثناء سيطرته على الآبار) و”قسد” من جهة، والنظام السوري من جهة أخرى لنقل المحروقات من المنطقة الشرقية.
وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شركة “القاطرجي” النفطية في سوريا، في أيلول عام 2018، كونها لعبت دور الوسيط بين النظام السوري وتنظيم “الدولة”، عبر تسهيلها نقل شحنات نفطية بين الطرفين، بالإضافة إلى تزويد النظام بالفيول وشحنات أسلحة وتقديم الدعم المالي.
ومع الانتشار الواسع الذي يشهده العالم لفيروس “كورونا” (كوفيد- 19)، وخوفًا من دخول العدوى من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق “الإدارة الذاتية”، فرضت الأخيرة قيودًا على الحركة في مناطقها، وأغلقت جميع معابرها مع النظام ومع إقليم شمال العراق.
ومن ضمن إجراءات الوقاية، حاصرت دورية من “قسد” معبر الشحيل، في 24 من آذار الحالي، بدعم من قوات “التحالف الدولي”، التي كانت تسيّر دوريات جوية لمراقبة الحركة بين ضفتي النهر، إلا أن عددًا من المهربين لم يلتزموا بإجراءات “قسد” وعادوا لتفعيل المعبر.
كما وضعت القوات الأمريكية حاجزًا مؤلفًا من عربات عسكرية عند المعبر للمرة الأولى، معلنة إغلاقه بشكل كامل، وبذلك تكون حرمت النظام من وصول النفط الخام إلى مناطقه، التي تعاني في الأساس شحًا في المحروقات.
ويصب الإجراء، رغم كونه يتعلق بـ”كورونا”، في خانة العقوبات الأمريكية على النظام، التي تتزايد وطأتها، وذلك مع الدعوات والمطالب لإلغاء العقوبات.
إذ طالبت روسيا والصين إلى جانب دول أخرى برفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن سوريا، في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ناشدوا فيها الرفع الكامل والفوري للإجراءات التي وصفوها بـ”غير القانونية والقمعية والتعسفية للضغط الاقتصادي” .
في الوقت ذاته، تُعزز القوات الأمريكية منذ نهاية العام الماضي وجودها في المناطق النفطية في شمال شرقي سوريا، وسط تصريحات مسؤولين أمريكيين عن أهمية النفط السوري، ومحاولات الولايات المتحدة لـ”تأمينه”.
المصدر: عنب بلدي