حق الصحة المفقود والمنتهك لدى الأطفال المحاصرين في الغوطة الشرقية لدمشق، والذين عاشوا الحصار منذ أيلول/ سبتمبر 2013. حيث تحاصر قوات النظام السوري نحو 400 ألف مدني في الغوطة الشرقية، يعيشون في ظروف إنسانية مأساوية منذ أربع سنوات ونيف، علاوة على أنه ما تزال الهجمات العسكرية للنظام السوري وحلفائه من الميليشيات الطائفية مستمرة عليها رغم دخول الغوطة حيز اتفاق خفض التصعيد في تموز/يوليو 2017.
الأوضاع الصحية في أسوأ حالاتها ولا قدرة لأحد داخل الغوطة على إنقاذ الأطفال فاقدي الرعاية الصحية، من خلال انتهاك صارخ لأي حق صحي كانت قد كفلته لهم شرعة الأمم المتحدة، القانون الدولي الإنساني، واتفاقية حقوق الطفل التي انضمت إليها سلطات النظام السوري منذ وقت مبكر.
صدر مؤخرًا التقرير الأهم عن منظمة اليونيسيف، المنظمة الأممية المعنية بالطفولة، يبين حجم الكارثة الصحية على الأطفال المحاصرين في الغوطة، وقد حذر تقرير اليونيسيف من كارثة تقترب من أطفال الغوطة الشرقية المحاصرة في ريف دمشق؛ كونهم يعانون واحدة من أسوأ الأزمات الصحية. أشارت المنظمة في تقريرها إلى تلقيها بلاغًا عن وفاة خمسة أطفال نتيجة عدم حصولهم على الرعاية الطبية اللازمة. وقال التقرير: ” إن 137 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 7 أشهر و17 عامًا بحاجة إلى الإجلاء الطبي الفوري لظروف تتراوح بين الفشل الكلوي، إلى سوء التغذية الحاد وإصابات ناجمة عن القصف”، لافتًا إلى أن غالبية المدارس في الغوطة الشرقية أغلقت الشهر الماضي نتيجة القصف. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من منظمات المجتمع المدني بينت أن ذلك يعتبر من الانتهاكات الكبرى بحق أطفال الغوطة، في مخالفة واضحة لكل الشرائع الوضعية والسماوية أيضًا. كما أشارت إلى ضرورة تسليط الضوء على هذه المأساة، فالصحة حق لا يجوز استلابه.
مهند الخبير طبيب في الغوطة الشرقية تحدث عن الوضع الصحي للأطفال قائلًا: ” الوضع الصحي كارثي، حصار وقصف وسوء تغذية و برد، والحصار منع إدخال الأدوية، وبالتالي هناك كثير من مرضى القلب والسكري من دون دواء، بالإضافة للأمراض المزمنة النادرة مثل الغدد، داء كرون، والتهاب الكولون القرحي، والبروستات، والروماتيزم وزرع الكلية، وقصور الكلية، كل ذلك بلا أدوية، مع أن المريض يحتاجها يوميًا، وأيضًا المواد الجراحية مفقودة، وقد اقتصرت مدخرات المشافي على العمليات الإسعافية مثل الجرحى والتهاب الزائدة والكسور، أما الجراحات الأخرى مثل الأذنية واللوزات، والفتوق والمرارة والخصية الهاجرة والدوالي فمؤجلة حتى تتوفر مواد
التخدير والخيوط، على الرغم من خطورة عدم إجرائها على مستقبل حياة المريض الصحي “. ثم أكد الطبيب مهند أن ” هناك قائمة لإخلاء مرضى ومعظمهم أطفال، أمراضهم غير قابلة للعلاج في الغوطة، وعددهم حتى اليوم 572 كمرضى القلبية (القثطرة القلبية) والمجازات الاكليلية والأطفال بتشوهات القلب، أيضًا الأورام مثل سرطان الدم والثدي، والعينية مثل انفصال الشبكية، لكن لم تسمح السلطات بدمشق سوى ل 12 مريض للعلاج بدمشق عبر الهلال الأحمر، وهناك حوالي 138 طفل بحاجة للإخلاء الفوري 55 حالة بحاجة للخروج كإنقاذ للحياة، وقد توفي من القائمة16 مريض، والباقي ينتظر مصيره.” ثم نبه إلى أن ” القصف زاد من معانات المدنيين بسبب تدمير المنازل، وعدم القدرة حتى على شراء نايلون لتغطية النوافذ في هذا البرد، ولعدم توافره، علاوة على ازدياد أعداد الجرحى والمعاقين لسوء الوضع الأمني وخطورة التنقل على الحياة، ما أدى إلى توقف المدارس وبعض العمال عن عملهم، وهم إن لم يعملوا بشكل يومي لا يأكلون. كما نجد سوء التغذية لدى الأطفال بسبب الحصار ومنع ادخال المواد وندرتها، وارتفاع الأسعار حيث وصلت أسعار بعض المواد الأساسية إلى 100 ضعف، عن أسعار دمشق، وبسبب دخول البضائع بإتاوات كبيرة، حيث ازداد عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الشديد والمتوسط، ولا شك أن البرد يؤثر على الأطفال، حيث المنازل مدمرة في الغوطة الشرقية دمارًا جزئيًا حوالي 90 % ودمارًا كليًا 40% وجميع المنازل لا نوافذ ولا أبواب محكمة لها، الغالبية العظمى تستخدم النايلون لتغطية النوافذ، كما أن ارتفاع أسعار المحروقات إلى 20 ضعف عن سوق دمشق أدى إلى أن الكثير من العائلات باتت تحرق النفايات للتدفئة والطبخ، وهذا يساهم في انتشار الأمراض، ومع هذا الوضع الكارثي تأتي المساعدات الأممية الهزيلة، هذا إن جاءت، حيث دخلت آخر قافلة في 12 تشرين ثاني /نوفمبر 2017. وقد احتوت على 4300 سلة غذائية ل 27ألف عائلة وقد تم تقسيم السلة الواحدة على 10 عائلات، والأدوية قليلة جدًا، والسلطات بدمشق تمنع أي شيء متعلق بالجراحة والعمليات الجراحة”.
بينما قال طبيب الأطفال ياسر طعمة من داخل الغوطة الشرقية: ” وضع الأطفال سيء جدًا في الغوطة، هناك نقص أدوية شديد، وخاصة شرابات الأطفال، وأدوية الرضع، وعدم توفر حليب الأطفال أدى إلى أزمة شديدة لبعض العائلات التي تضطر أحيانًا إلى دفع مبالغ كبيرة لإطعام الرضيع، قد يفوق ما يدفعه لإطعام إخوته، هذا إن توفر. كما أن استهداف المدارس أدى إلى زيادة في أعداد الشهداء والجرحى من الأطفال، وأصبحنا نرى الكثير من الأطفال بأعراض نقص نمو، أو نقص في الطول، ويراجعني الأب يريد لابنه أن يزداد طوله، ويريد أن أصف له متممات غذائية، وهو غير قادر على إيجاد الغذاء من أجل الأطفال الآخرين، ويأتيني أطفال يعانون من آلام بطنية، بعد السؤال تبين أن خبزهم الملفوف فقط.”. أضاف الطبيب طعمة ” انتشر في الفترة الأخيرة مرض السل، وآخر طفلة كان اسمها بتول حتاوي توفيت بسبب عدم القدرة على إخراجها إلى دمشق، بعد إصابتها بسل بطني و قبولها في المشفى لأكثر من أسبوعين، راجعتني عائلة كاملة مكونة من أب و أم وطفليهما، بأعراض التهابات معوية بعد تناولهم قمر الدين منتهي الصلاحية، بسبب عدم توافر الخبز من يومين لديهم، هنا نتكلم عن الأمراض والرضوض الجسدية ولا نتكلم عن الأمراض النفسية بسبب عدم توفر الاختصاصيين النفسيين لتقييم الحالات حاليًا، والكارثة مستمرة وتتفاقم حيث استُهْلك الأطفال والناس ماديًا و نفسيًا و دوائيًا”.
في سياق التشاركية المجتمعية مع مفاصل المجتمع الغوطاني والمعنيين بحقوق الطفل، وكذلك منظمة اليونيسيف المعنية بالأمر، فقد أكد (فران إكيزا) مندوب اليونيسيف في سورية بقوله “إن الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية يزداد سوءًا يومًا بعد آخر” مضيفًا ” الأطفال (هناك) يعيشون حالة من الرعب والخوف”، داعيًا إلى وقف الحصار والهجمات في المنطقة.
وكان قد اعتبر المبعوث الأممي إلى سورية “ستيفان دي ميستورا” في تصريحات له قبل أيام أنه ” ليس هناك سبب أمام نظام الأسد لمواصلة حصار يشبه القرون الوسطى في الغوطة الشرقية”.
أما السيد علاء ظاظا مدير البرامج في شبكة حراس الطفولة العاملة في الغوطة فقد أكد لنا أن” حراس الطفولة منظمة مختصة في قطاع حماية الطفل، وهو قطاع يهدف إلى منع أي حالة من حالات الايذاء أو الاستغلال أو العنف التي قد يتعرض لها الطفل، والاستجابة للقضايا والتعامل معها، وفريقنا في الغوطة الشرقية بدأ عمله هناك منذ 4 سنوات، ونستجيب لقضايا الحماية بعدة طرق. أهمها: نستقبل قضايا الحماية المعقدة من خلال نظام إدارة حالة يربط الطفل بمقدمي الخدمات بإشراف ومتابعة من قبل فريق حراس. ضمن هذا النظام نستقبل الحالات التي قد تكون حياة الطفل معرضة فيها للخطر، وهناك عجز لدى الأسرة على تقديمها. ومن ذلك الأطفال ذوي الاعاقة، الناجين من التحرش الجنسي، المعرضين للعمالة الاستغلالية، والتجنيد أو الزواج المبكر.” وأضاف ظاظا ” لدى حراس الطفولة مساحات صديقة للطفل في دوما، وبيت سوى، آمنة على المستوى النفسي للطفل، وتقدم خدمات التعليم غير الرسمي والدعم النفسي للطفل، وكذلك الدعم النفسي للأسر. من خلال هذه المساحات نسعى لتحديد الأطفال المعرضين للخطر، والاستجابة لاحتياجاتهم المختلفة ومسرابا، وهي مراكز تؤمن بيئة آمنة. أيضًا نقوم ببناء قدرة لعناصر من المجتمع والمؤسسات الناشئة على تقديم خدمات حماية الطفل بشكل آمن. وفي الفترة الأخيرة، لاحظنا تسجيل عدد كبير من الحالات التي تعاني من سوء التغذية، أو مشاكل صحية معقدة، تحتاج لعلاج خارج الغوطة.”. وقد نبه ظاظا إلى خطورة الوضع بقوله “هناك نقص حاد في الأدوية والتدخلات العلاجية لبعض الأمراض المزمنة، وهناك حالات تحتاج إلى نقل مباشر لخدمات خارج الغوطة، لكن يتم منع لهذه المساعدات المنقذة للحياة من قبل النظام وحلفائه بشكل عام، وهناك انخفاض شديد في توفر المواد الغذائية مما قد يؤدي إلى انتشار كبير لحالات سوء التغذية، نتيجة تهديد الأمن الغذائي للأسر والأطفال، يتولى فريق الشبكة أيضًا استقبال حالات الأطفال المنفصلين عن أسرهم، أو غير المصحوبين، وإدارة حالاتهم إلى حين لم شملهم بأسرهم.” ثم قال: ” نركز في الشبكة على التنسيق والتشبيك مع الشركاء المختلفين، ومقدمي الخدمات لضمان وصول الأطفال للخدمات اللازمة لهم. وذلك بالاتجاهين، إما بإرشاد الأسر للخدمات من قبلنا، أو باستقبال حالات يتم إحالتها من مقدمي الخدمات لشبكة حراس. والتنسيق جيد مع قطاع الصحة والتغذية والتعليم والدفاع المدني وغيره من المؤسسات الوطنية المستقلة.”.
بينما أكدت أسوان نهار مديرة فريق نور لكسر الحصار في الغوطة الشرقية أن هناك” حكايات كثيرة عن الوجع والحزن والصبر داخل البيوت في الغوطة، لا يدري من هو خارج البيت ولا يشعر بتلك الحكايات، حتى يدخل جليسًا إلى جانب من كان به ألم، وقد كسر فريق نور لكسر الحصار حاجز المرض، ليدخل ويرسم بسمة المواساة على شفاه أتعبتها الآلام، لعلهم يدفعون اليأس بعيدًا عن بعض الذين تدركهم شظايا الحقد في حرب لا تعرف للإنسان معنى، وقد قام الفريق بزيارة عدد من المصابين مبتوري الأطراف الذين لا يلتفت إليهم أحد في الغوطة الشرقية، ولن يتوقف فريقنا عن زرع البسمة في كل شبر من تلك الأرض .ومن أولويات فريق نور لكسر الحصار صحة الطفل النفسية والجسدية ومن ثم التعليمية، لذلك قام الفريق بمبادرة الفحص الطبي الدوري للأطفال، انطلاقًا من مركزه، ولأن صحة العيون عند الأطفال تلعب دورًا مهمًا في العملية التعليمية لديهم، كانت البداية بالتعاون مع مركز الفاروق الطبي لفحص البصر في الغوطة الشرقية بإشراف كادر متخصص، تم تسجيل 18 حالة بحاجة لعلاج فوري من أصل 60 طفل وبأعمار مختلفة، و4 حالات بحاجة إلى دواء يساعد في الحد من سوء حالة العين .
ويستمر الفريق بمبادراته المتنوعة التي تساهم في كسر الحصار عن الغوطة الشرقية”.
أمام هذا الواقع الكارثي الذي يطال الأطفال في الغوطة الشرقية، وضمن أساسيات المحاسبة سألنا المعنيين في الهلال الأحمر العربي السوري في دمشق وهي منظمة تابعة للنظام السوري ومعنية بصحة أطفال دمشق وريفها، حيث أكد لنا مسؤول في الهلال الأحمر بدمشق آثر عدم ذكر اسمه، أنهم يقدمون بين الفينة والأخرى أدوية ومتطلبات طبية ، للغوطة كان آخرها بتاريخ 12 تشرين ثاني/ نوفمبر 2017 ، واعترف أنها كانت غير كافية ، لكنهم الآن بصدد الإعداد لقافلة طبية جديدة تعنى بصحة الأطفال خاصة، لكن الموضوع يأخذ وقتًا، حتى يتم الموافقة على أصناف الأدوية من قبل الجهات الوصائية.
لكن السيد أكرم طعمة نائب رئيس الحكومة السورية المؤقتة تحدث إلينا من جهته في سياق استباحة كل شيء ” حماية الأطفال من القصف يقع على مسؤولية الأمم المتحدة، والدول التي شرعت قوانين حماية الطفولة وحماية المدنيين من أي انتهاكات تطالهم، وجرمت من يعتدي عليها بقوانين يعلمها الجميع، أما من الناحية الصحية فإن وزارة الصحة بمديرياتها ومكاتبها المنتشرة بكل المناطق المحررة، وخاصة في الغوطة الشرقية تقوم بتقديم كل ما يلزم لهؤلاء الأطفال مجانًا، ولكن منع النظام لإدخال الأدوية وحليب الأطفال إلى الغوطة يجعلنا عاجزين عن ذلك لبعض الفترات” وأضاف طعمة ” يوجد مشروع مشترك يستهدف شريحتين للأطفال الشريحة الأولى من عمر ستة أشهر إلى عمر سنة، والشريحة الثانية من عمر سنة حتى عمر سنتين الذين لديهم سوء تغذية، ومن المقرر أن يبدأ العمل بالمشروع خلال أسبوع، والمشروع ينفذ بالتعاون بين مجلس محافظة ريف دمشق ومديرية الصحة، بالتعاون مع جهة داعمة. وأنهي كلامي بمطالبة الأمم المتحدة والمجتمعِ الدوليِ وكافةِ دولِ العالم، بأن تحملَ مسؤولياتِها الإنسانيةَ والأخلاقيةَ، أمامَ الجرائمِ الصارخةِ بحقِّ شعبِنا العريق، وأن تقفَ معه ضد النظام الذي يمارس أبشع الجرائم بحق الأطفال والنساء والمدنيين اجمالًا، من قصف وتهجير وحصار وتجويع”.
من جهة أخرى فقد أكد رئيس المجلس المحلي في دوما السيد إياد عبد العزيز والذي يمثل جيش الإسلام كسلطة أمر واقع في دوما وقسم كبير من الغوطة الشرقية ” أنه لا يخفى على أحد سوء الأوضاع بشكل عام، وخاصة القطاع الصحي والأكثر خصوصية القطاع الصحي للأطفال، والحصار له تأثير بالغ على موضوع الأدوية والمكملات الغذائية، وحتى حليب الأطفال يكاد لا يتواجد في الأسواق إلا نادرًا، وبأسعار خيالية بسبب الحصار، مما يؤدي إلى أن معظم العائلات الموجودة في الغوطة لا تستطيع شراء هذه المادة الضرورية الأساسية لغذاء الأطفال، ما ينعكس سلبًا على صحتهم، وعلى تغذيتهم، وفي فترة الحصار كان لدى المجلس المحلي بعض المواد الأساسية التي قام بتخزينها وشرائها أيام الرخاء، أي عندما كان هناك بعض الأنفاق يتم التهريب عبرها، فقمنا بشراء بعض المواد، لكن مع الحصار وارتفاع الأسعار ونفاذ الكميات من النقاط الطبية والمواد الغذائية، تقدمت إلينا جمعية الصحة الخيرية التي تُعنى بشكل كبير بموضوع تغذية الأطفال بطلب مواد لصناعة بسكويت مكمل غذائي للأطفال، وقمنا بتزويدهم ببعض هذه الكمية، بسعر الشراء، أو الكلفة، وأظن أننا قدمنا كمية من السكر والطحين والسمن لصناعة بسكويت الأطفال مجانًا، والذي يساعد في التغذية وتخفيف وطأة الحصار، وهذا ما يمكن للمجلس المحلي القيام به، ونسعى دائمًا للقيام بكل ما نستطيع للتخفيف عن أهلنا في الغوطة”. واعترف السيد عبد العزيز أن ” دور المجلس المحلي لمنع آثار هذا الحصار محدودة ضمن الامكانات التي يمتلكها المجلس، وليست لدينا أية طرقات أو معابر أو مصادر تمويل للبضائع للمساهمة بالحد من هذا الحصارى إلى القول ” إنه الظلم الذي يُطبق على الأطفال بشكل خاص، وعلى أهل الغوطة بشكل عام، الناتج عن هذا الحصار، لكن المجلس المحلي بالتنسيق مع المكتب الطبي الموحد، ومع مديرية الصحة في ريف دمشق، ويرحب بكل مساعدة ممكنة، وهناك مذكرات تفاهم مع المكتب الطبي ومع مديرية الصحة، للقيام بكل ما يساعد الكادر الطبي من أعمال، كأعمال التحصين للنقاط الطبية، وفتح الطرقات التي تسهل عمل الاسعاف أو سيارات الاسعاف وكل ما يلزمهم”.
وفي الطرف الآخر من الغوطة الشرقية المحاصرة تحدث إلينا السيد يوسف الغوش رئيس المجلس المحلي السابق في بلدة زملكا قائلًا” يأتي دور المجالس المحلية الثورية بحكم طبيعتها التي قامت لأجلها، وهي تسيير أمور المواطنين الخدمية والصحية والتعليمية والإغاثية، فمنذ البداية كنا حريصون على تحميلها لمهام ثورية، رغم انفصال القطاعات الطبية والإغاثية والتعليمية لاحقًا ونسبيًا عن المجالس، واتباعها بتجمعاتها ومديرياتها. لكن يظل دور المجالس المحلية المنتخبة، أو المتوافق عليها، داخل الوحدة الإدارية، بوصفها حاملة لهموم المواطنين ومطالبهم أساسيًا، ومركزيًا من ناحية وضع الأولويات والتنسيق بين تلك الفاعليات، وبهذا المعنى تقوم المجالس المحلية بدورها في الغوطة الشرقية، لمقاومة الحصار وتأثيراته السلبية، في النواحي الطبية والإغاثية والخدمية والتعليمية. ولا يمكن لكل مجلس محلي أن يقوم بأعباء تابعيه من السكان، نظرًا لتفاوت الدعم والخبرات بين كل مجلس لوحده، ولهذا فإن واجب مكتب المحافظة في الغوطة، أن يقوم بدوره لتذليل المعوقات المناطقية والتنظيمية، وفرض الإرادة الداخلية، على الجهات الداعمة، لجسر الهوة بين المجالس المحلية والقيام بتنظيم الاحصاءات الموحدة وتوزيع الامكانات والخبرات بشكل عادل. وتذليل المعوقات المناطقية والتنظيمية لإشعار الإخوة المواطنين بالعدالة ووحدة الألم والمصير، وإقناعهم بأن الثورة ونخبها هي بديل حقيقي ومتقدم عن النظام المجرم، الذي عاث بالبلاد قتلًا وفسادًا”.
ولعل الشريحة الأكثر فائدة والأهم في عملية تسليط الضوء على حالة العسف الكبرى الممارسة على الأطفال السوريين المحاصرين في الغوطة الشرقية، هي فئة الأطفال، التي تعاني ما تعانيه جراء هذا الحصار المجرم. وقد سألنا الطفل مرشد الغوش البالغ من العمر 9 سنوات والذي يعاني من عدة أمراض نتيجة الحصار وأهمها داء السل، الذي يحتاج إلى دواء، ومشفى مختص، حيث لا دواء ولا مشفى اختصاصي في بلدة زملكا، ليقول مرشد” إنني أعاني من مرض السل منذ فترة، وقال لي الأطباء أن مرضي يمكن الشفاء منه، فيما لو تم إدخالي إلى المشفى، وتأمين الدواء المناسب، وهو ليس خطيرًا، لكنه يصبح الآن خطير جدًا وقد يؤدي إلى الموت، إذا لم يتوفر العلاج اللازم سريعًا ” ثم انهمر الطفل مرشد في نوبة حادة من البكاء.
والحقيقة أنه ما يزال غائبًا عن أعين ووعي المجتمع الدولي حق الحصول على خدمات صحية مناسبة وضرورية لحياة الطفل، وهو حق أساسي من بنود الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وأيضًا حق أساسي من حقوق الأطفال ضمن اتفاقية حقوق الطفل، والبروتوكولات الملحقة. ويتساءل أطفال دوما والغوطة الشرقية برمتها، أين الأمم المتحدة، وأين أصحاب الضمائر الإنسانية، وأين الحضارة الإنسانية؟ هل غاب كل ذلك؟!
وهم محقون في تساؤلاتهم هذه حيث الطامة كبرى، والحق الصحي للأطفال يُنتهك من قبل النظام السوري كل يوم دون وجود جدي لمن يقف ويمنع هذه الكارثة، من الوجود. أطفال الغوطة الشرقية اليوم هم أشد حاجة إلى الدواء والغذاء بينما البرد ينهش العظام واللحم، هذا إن بقي فوق عظامهم لحمًا.
المصدر: السوري الجديد