يغادرنا الياسمين تباعاً وترحل عن دنيانا أغصان الزيتون وزهر الياسمين يوماً إثر يوم.
فلم تكن مغادرة العزيز محمد خليفة سهلة بالنسبة لنا بعد ميشيل كيلو وحبيب عيسى وتيسير الحج حسين وكلهم مشاعل نور نستضيء بها طريقنا بعثاره الكبير.
واليوم إذ يرحل الغالي أبو خالد محمد خليفة وهو العلم الثوري الشامخ أبداً والكاتب الباحث المتمكن والصادق فيما يكتب وهو المندمج بآهات الأمة وآمالها. ومن انتقل من هموم الوطن السوري والجرح النازف في سورية إلى هموم الأمة كل الأمة. إذ لم تهن ولم تلن عزيمته يوماً فكنا نستمد التفاؤل والأمل من جوانية وتلافيف ضميره الوطني والقومي المتوقد دائماً.
لقد شكل رحيل أبو خالد ضربةً كبرى لمسار عروبي ووطني نقي وواع كما شكل غيابه أيضاً الماً ممضاً وجرحاً غائراً لن يندمل بفترة زمنية قريبة.
في رحيل رجالات الياسمين وفي غياب القامات الوطنية يجد المرء نفسه بل تجد فعاليات العمل الوطني أنها أمام جهد مضاعف في محاولة منها لملء الفراغ الكبير الذي تركه هؤلاء الوطنيون والعروبيون حتى النخاع.
وقد استوقفنا بعض أصدقاء الفقيد أبو خالد فقالوا فيه شهادةً للتاريخ وهو يستحق منهم ومنا الكثير الكثير.
الإعلامي والروائي علاء الدين حسو قال: ” في تموز 2019 تشرفت باستضافة الكاتب والاعلامي محمد خليفة ضمن برنامج حوار مع مغترب وخلال ساعة اصطحبني معه بأسلوبه السهل الممتنع إلى أهم المحطات في حياته من طفولته إلى شبابه ونضجه وحتى اليوم، تعلمت منه كيف يمكن أن يكون الانسان إنساناً محباً للجميع ومناضلا شرسا ضد كافة اشكال الظلم والطغاة، وعرفت منه أنه لا حدود بين الأيدولوجيات ولا التيارات ان كانت غايتها واحدة. رحمه الله واسكنه فسيح جناته”.
أما الدكتور مخلص الصيادي رفيق درب الراحل أبو خالد فقال:” أرجو أن تتقبلوا وأسرته وأهله خالص عزاءنا. عظم الله أجركم، وأحسن عزاءكم، وجعل الجنة مثواه ومستقره، وأدعو الله أن يكون ما مر به من محن ومصاعب ومرض رفع للدرجات، وتنقية من الذنوب والخطايا، وإعلاء للمكانة في جنات النعيم. محمد رفيق درب، وحياة، ورفيق آمال وتطلعات، عشنا معا فترات مهمة من حياتنا في حلب وبيروت واليونان، وكانت فترة مطبوعة بالحيوية والانجاز والعطاء قبل أن تفرقنا دروب الهجرة، وظروف الحياة، وله في قلبي مكانة كبيرة.
أبو خالد رحمه الله عانا كثيرا في حياته، تنقل كثيرا، وأحاطت به ضغوط كثير، ومر بصعاب كثيرة، ومع ذلك كان له عطاؤه المميز على مستويات مختلفة.
اللهم أحطه برحمتك وعطف وكرمك، وعوضه عن كل ما مر به خيرا ورحمة ومغفرة،
مجددا أرجو أن تتقبلوا عزاءنا وتنقل عزاءنا للجميع.
نسلم بقضاء الله، ونحمد الله على هذا القضاء ولا حول ولا قوة إلا بالله”.
من جهته فقد كتب القيادي الإخواني زهير سالم في رحيل محمد خليفة قائلاً:” حتى لا يقال إن أهل الوفاء قد ماتوا … محمد خليفة الانسان والمعارض النشيط الأبي في ذمة الله …
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عن سيئاته وزد في حسناته ولقه الأمن والبشرى والكرامة والزلفى اللهم إنه وفد عليك فاجعل قراه منك الجنة.. وأحر مشاعر العزاء والمواساة لأسرته ولأحبابه ولأسرة الثورة السورية جمعاء”.
أما الأستاذ والمعارض السوري ماجد حمدون فقال:” ثائراً كما ينبغي أن يثور الأحرار، حاملاً وطنه في حقيبته مسافراً أينما وجب حضوره كي تكون قضيته حاضرة في كل المنابر التي اعتلاها، فاضحاً إجرام وانتهاكات نظام الأسد والمحتل الايراني والروسي وما فعلوه بشعبه.
متمسكاً بعروبته، معتدلاً في إسلامه وطروحاته. متخذاً من الديمقراطية حصاناً للوصول إلى دولة المواطنة. كاتباً صحفياً فذاً، وباحثاً سياسياً مرموقاً يترقب انتصار الثورة والعودة إلى الوطن. سنذكره دائماً، وسيبقى صوته الجهوري يطرق مسامعنا حتى نحقق ما كان يصبو إليه”.