الإدارة الذاتية في شمال سورية تحذر من إعادة ترتيب صفوف “داعش” في مخيم الهول || عودة “نظام الحسبة” ومحاكمات وإعدامات وبث الفكر المتطرف بين الأطفال

حذّر عبد الكريم عمر، مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها من عودة تنظيم “داعش” إلى استغلال الثغرات الاقتصادية والوضع المعيشي للمنطقة لصالحه ونشاطه، منبهاً إلى المشكلة الأخرى وهي وجود عائلات التنظيم في مخيم الهول (30 كلم شرق الحسكة)، وأنها “استمرار لمشكلة داعش”. وبحسب تعبيره فإن مواجهة هذه المشكلة تتطلب جهداً دولياً مثلما جرى في الجانب العسكري، وانتهى بالقضاء على التنظيم عسكرياً. وعبّر عمر عن قلقه من حالة عائلات التنظيم في المخيم، واصفاً الوضع “بالمشكلة العالمية على أراضي شمال شرقي سوريا، مع استمرار خطر “داعش” الذي أعاد ترتيب صفوفه داخل المخيم، وأنه تحول إلى أخطر بقعة في العالم، حيث يوجد نظام الحسبة، ومحاكمات وإعدامات ميدانية من قبل نساء وأفراد يتبعون التنظيم”، على حد قول المسؤول في الإدارة الذاتية. ودعا عمر في هذا السياق، الدول التي لها رعايا من التنظيم إلى تحمل مسؤولياتها تجاه تلك العائلات والأطفال “الذين باتوا يتشربون الفكر المتطرف في المخيم”، وبات وجودهم في هذه المنطقة أخطر من عودتهم إلى مجتمعاتهم التي ترفض استقبالهم. عمر شدد على ضرورة استمرار التعاون والتنسيق بين الإدارة الذاتية ودول التحالف ضد “داعش”. وبحسب قوله عمر “تم القضاء على التنظيم عسكرياً، في حين بقي الفكر الإرهابي متجذراً في المناطق التي حكمها لسنوات، وإن مواجهته تتطلب تنسيقاً عالياً وجهوداً متضافرة”.

المجتمع الدولي “مقصر”
وأشار الرئيس المشارك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية إلى أن المجتمع الدولي “مقصر” تجاه إنهاء فكر التنظيم المتطرف، في جانب تقديم الدعم الاقتصادي والخدمي، وعدم وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى مناطق شمال سوريا وشرقها، عقب قرار إغلاق معبر تل كوجر الحدودي، بالإضافة إلى عدم وصول المساعدات الأممية إلى الإدارة الذاتية، والتي تصل عبر دمشق “ولا بد من وجود بديل لمساعدة المنطقة”، وفق تعبيره.

“علاقات متقدمة”
وفي الأشهر الأخيرة التي أعقبت العملية العسكرية التركية في مناطق واسعة من شمال سوريا وشرقها، بمؤازرة فصائل عسكرية معارضة سورية تابعة لها في إطار عملية “نبع السلام”، وانتشار جائحة كورونا في العالم، شهدت تلك المناطق عدداً من الزيارات الرسمية المهمة، كان أبرزها زيارة وفد سويدي برئاسة المبعوث الخاص بالملف السوري في وزارة الخارجية السويدية، بير أورنيوس، حيث جرت في الاجتماع مناقشة عدد من القضايا السياسية التي تخص المنطقة المعنية وعموم البلاد، بالإضافة إلى مناقشة قضايا الإرهاب. وقال الرئيس المشارك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، إن لهم “علاقات متقدمة” مع كل من السويد وفرنسا.

التغيير في الموقف الأميركي
وزادت العملية العسكرية التركية من تعاطف المجتمعات الأوروبية والأميركية والحكومات مع المنطقة التي حاربت “داعش”، ما استدعى تنظيم اجتماعات وزيارات تُجرى مع المسؤولين، منها اجتماعات دورية كانت تُجرى مع ممثل الخارجية الأميركية في المنطقة، السفير ويليام روباك، والتي بينت أن تغيراً طرأ على طبيعة المواقف تجاه الإدارة الذاتية “بما فيها موقف جيمس جيفري، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، بخصوص مشاركة الإدارة الذاتية في العملية السياسية ولجنة صياغة الدستور ومفاوضات جنيف، وقد باتت الأطراف كافة تنظر إلى هذه المسألة “بجدية”، وفق مسؤول العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية. ويرى عبد الكريم عمر، وهو سياسي كردي قديم، أن الإدارة الذاتية باتت أمراً واقعاً، وتدير منطقة بها خمسة ملايين نسمة “بنموذج ديمقراطي بين مكونات شمال سوريا وشرقها”، وتصلح لأن تكون نموذجاً معمماً على مستوى البلاد، وأن كل هذه الأسباب دفعت بالأطراف والحكومات إلى تغيير موقفها “إيجابياً تجاه الإدارة الذاتية والتعامل معها بشكل علني”، وفق تعبيره.

عودة الأطفال اليتامى
وزار المبعوث البريطاني الخاص إلى سوريا، مارتن لونغدن، المنطقة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأجرى لقاءً مع دائرة العلاقات الخارجية بحث فيه القضايا السياسية وما يتعلق بالإرهاب، بالإضافة إلى كيفية تقديم الدعم لمواجهة جائحة كورونا، وفق وسائل إعلام محلية. وقال عمر إنه جرى عدد من اللقاءات مع الجانب البريطاني، وإنهم يسعون لتمتين العلاقات مع الدول العربية “لكنها ليست في المستوى المأمول”، وفق تعبيره. ويسعى عدد من الوفود الأجنبية الزائرة إلى استعادة الأطفال من دون أمهاتهم، لكن قوانين الإدارة الذاتية لا تسمح بفصلهم،في حين تقدم الإدارة كل التسهيلات للحالات الإنسانية والأطفال اليتامى الذين قضى آباؤهم بعد التحاقهم بتنظيم “داعش”.

المصدر: اندبندنت عربية