كانت حرائق الغابات في سورية معروفة ومتكررة سنوياً قبل الثورة، لكنها، وفي أشدّها آنذاك، كانت تأتي على مساحات محدودة، بعد أن يتم تطويقها وإخمادها بوسائل محلية، نادراً ما استدعت مساعدة خارجية. أغلب تلك الحرائق، قبل الحرب، وباعتراف مسؤولي النظام ولجان تحقيقه المتخصصة، على الرغم مما يشوبها من فساد وعدم نزاهة، كانت تفضي إلى أن أسباب الحرائق ليست عوامل جوية أو مناخية أو طبيعية، بل إنها تتم بفعل فاعلين. كان واضحاً للمتابعين عن كثب أن افتعالها يتم لأطماع تجاريّة، بقصد تحويل المساحات المحروقة إلى عقارات وملكيات خاصة، تتم بالطريقة السائدة المعرّفة قانونياً بـ”وضع اليد”، فيما واضعو اليد مدعومون غالباً من تجّار وراءهم متنفذون في الحكم مدنياً وعسكرياً، يستطيعون بنفوذهم إضاعة الأدلة وتمويهها وتمييع القضايا أمام لجان التحقيق، ومن ثم القضاء، منعاً لتجريمها، ولتصدر النتائج والأحكام، بعد سنين، مقيّدة الحوادث ضد مجهولين، أو في أفضل الأحوال لاغية الفعل الجرمي بردّه إلى الإهمال والفعل غير المقصود.
كان السؤال آنذاك يطرح، كيف بقيت تلك الغابات مئات السنين، وفي ظروف مناخية أصعب، سبق ومرّت، في منأى عن حرائق كبرى؟ وكذلك الحال في ظل الحكومات السابقة منذ تأسيس الدولة السورية، ولم تعد ظاهرة متكرّرة إلا بعد ترسيخ الأسد ومنظومته حكمهم والسيطرة بقبضة فولاذية على جميع المؤسسات؟ ذلك ما كان قبل التحول المفصلي في سورية الذي بدأ ضمن الربيع العربي، المنطلق بثوراته قبل عشر سنوات، وطموحاته التي ما تحققت حتى في إزاحة أنظمة الطغيان، استبدالاً بما هو أفضل لمستقبل شعوب ودول، بعدما باتت الأوطان، وبفعل طرفي الصراع، مرتعاً لكل أنواع التدخلات والتداخلات من القوى الإقليمية والدولية، وما تلجأ إليه في سبيل مصالحها، بشكل مباشر أو عبر أذرع متعدّدة، غير عابئة بأي حريق أو احتراق، مادي أو معنوي، ما دام لا يصيبها شرره.
غابات سورية قبل الحرائق
قد تبدو مساحة الغابات في سورية ضئيلة كنسبة بالقياس إلى مجمل المساحة الكلية للدولة، وهي على صغر نسبتها، البالغة 2.5% من مساحة سورية، تعتبر رئة حيوية بالغة الأهمية، خصوصا مع تموضع أغلبها على جبال الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، حيث اتجاه الرياح وحركة الغيوم القادمة معظم أيام السنة من جهة البحر غرباً. تلك المساحة الغابيّة السورية، والبالغة أكثر من 4500 كم2، تكتسب أهمية إضافية في منطقة بلاد الشام بعمومها، فهي، في سورية وحدها، أكبر من مساحة غابات بقية غابات المنطقة في كل من لبنان وفلسطين والأردن والجزء التابع لتركيا حالياً في لواء اسكندرون، وعلى غير ما هو سائد من توهم بأن غابات لبنان، نظراً لصغر مساحته، أوسع، فإن مساحة غابات سورية تزيد عن مثيلتها اللبنانية بأكثر من ثلاثة أضعاف.
غنى التنوع الحيوي والغطاء النباتي
تؤكّد الدراسات البحثية والعلمية المتخصّصة أن غابات شرق المتوسط، وسورية خصوصا، كثيرة التنوع والغنى الحيوي على نحو لافت من نواحٍ عديدة، بالإضافة إلى تفرّد غير قليل في عدد من المزايا الحيوية والبيئية.
تزيد الأشجار الغابيّة والحراجية الطبيعية في سورية عن 500 نوع شجريٍّ موثق، منها أكثر من 50 نوعاً واسع الانتشار، من أبرزه أشجار الأرز والشوح (عبر محميات طبيعية هي أكثر عدداً في المنطقة)، والسنديان والبلوط والبطم والصنوبر وسواها من أشجار طبيعية متجدّدة عبر آلاف من السنين. الحيوانات البرية أيضاً كثيرة التنوّع والفرادة، كالنمر السوري الذي وثقت مشاهداته في سبعينيات القرن الماضي، والدبّ البني السوري الذي عملت الجهات المختصة، قبل الحرب، على إعادته إلى بيئته الطبيعية، فيما يعتبر وجود الضباع، بأنواعها وأشكالها المتعددة، والذئاب وبنات آوى والقطط البرية والنمس والسنور، والأيائل السمر والوعول والغزلان والأرانب البرية، وسواها من فقاريات دابة على أربع وزواحف، وجوداً عادياً متكرر المشاهدة والتوثيق في عمق تلك الغابات وعلى أطرافها أحيانا. كذلك الطيور بتنوعها، من كبيرها، وجوارحها كنسور وبواشق وصقور وبوم، إلى صغارها حجماً وأعذبها صوتاً كالشحارير والبلابل والكناريات، مروراً بالحجل المرقّط والمنقط والمطوّق وسواه مما في عالم الطيور من تنوع دخل بعضها، سابقاً، ضمن المحميات لندرته ولحفظه من خطر الانقراض. تنوع آخر شديد الأهمية وثقته مراكز الأبحاث المتخصصة، يتمثل في الغطاء النباتي المتنوع، والمتميز في أرضية الغابات السورية، والبالغ أكثر من 3500 من أصناف السراخس والنباتات والأزهار، منها أكثر من 300 صنف تتفرد بمزاياه وخصائصه وأشكاله البيئة السورية، وكذلك شأن الفراشات والحشرات والكائنات الدقيقة التي يبلغ مصنّفها أكثر من خمسة آلاف نوع، ومتفردها بضع مئات، وهو ما يشكل ثروة بيئية وبيولوجية حقيقية لمراكز البحث العلمي عالمياً وإلى مدى بعيد جدا.
نظرة تاريخية وبدء التعدّيات
التاريخ المنظور والمدوّن، ومن غير ابتعادٍ إلى أحقاب جيولوجية موغلة في القدم وما أحدثته من تبدّلات، يكشف أن مساحات الغابات الطبيعية كانت، إلى عهد قريب، أكثر من حاضرها. مردّ ذلك إلى تمركز معظم الغابات في مناطق جبلية شديدة الوعورة، بتتالي مرتفعاتها الشاهقة ووديانها السحيقة، ما أبقاها في منأىً عن العبث البشري، إذ لم تلجأ تجمّعات سكانية كبرى للاستيطان سوى قرب أطرافها وعلى سفوحها، باستثناءاتٍ قليلةٍ لمن اضطرتهم ظروف هجرات نتيجة اضطرابات أو اضطهاد وخوف إلى سلوك شعاب الجبال للاحتماء بها معاقل نائية، وبتجمعات سكانية صغيرة، كان توسعها محدودا ضمن حدود التكاثر الطبيعي المحدود. ولكن المثبت أيضاً أن بعضاً من تلك الغابات لحقته أضرارٌ وصلت إلى درجة الاندثار الكامل، خصوصا على السفوح والهضاب غير الوعرة قرب التجمعات السكنية الكبرى وذات الكثافة، كما حصل لهضاب جبل ليلون، غرب حلب وشمالها، وهو ما يردّه الباحثون إلى زيادة انتشار التحطيب والتفحيم، وعلى نحو جائر، تلبية لحاجة استهلاكية متزايدة باضطراد متسارع، ما أدّى، في النهاية، وفي مرحلة غير بعيدة، للقضاء كلياً على وجود الغابة، ولم يمض وقت طويل إلا وجرفت السيول تربتها نحو الوديان، محوّلة غابة خضراء باسقة الأشجار إلى أرض صخرية جرداء قاحلة أدّت، وعوامل متضافرة غيرها، إلى هجرات لاحقة منها ومن جوارها، مما يعرف بـ”المدن المنسية”، الباقية آثارها شاهداً على مناطق وحضارات سادت زمنا. وقد جرت محاولاتٌ قريبةٌ لإعادة إحياء بعض الأرجاء بالتشجير، إلا أن تلك المحاولات بقيت محدودة، وعلى طريقة الأنظمة الشمولية، برفع شعارات كبرى فيما واقعها بائس.
على الرغم من بعض تلك الظواهر التاريخية، فإن غابات سورية في مجملها، في التاريخ المعاصر، وعبر مائة عام من عمر الدولة السورية، بقيت محافظةً على مساحتها، ولم تفقد منها سوى ما لا يكاد يذكر في حدود التوسّع الطبيعي والطفيف لتجمعات سكنية صغرى في محيطها الضيق، سواء في بعض الأرجاء الداخلية المأهولة، أم على أطراف وسفوح، ومن غير تأثير ملحوظ يشكّل أي خطر أو أذىً للبيئة والغابات. الخطر الحقيقي الذي بدا مع التعدّيات الجائرة والمتعمّدة بدأ بعد وصول الأسد الأب للحكم المطلق بعشرين عاماً عندما أحكم السيطرة تماماً، عبر منظومته، على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها.
وبعدما اتضح التوجه الرسمي إلى زيادة الاستثمار السياحي، وفتح آفاق جديدة للقطاع الخاص بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وتهاوي المنظومة الاشتراكية، وإثر انعقاد مؤتمر مدريد للسلام (1991)، وتحول الخطاب السياسي والإعلامي في سورية من خطاب التحرير إلى خطاب “سلام الشجعان”، المثبت تحققاً، وبحسب بيانات وزارة الزراعة السورية ومحاضر لجانها وشهادات مديريها وخبرائها، أن التعدّيات المقصودة توسعت، من استيلاء بالتمدّد إلى افتعال حرائق في الغابات، لتحويلها إلى عقارات وفي أكثر المناطق القابلة للتطوير السياحي، كمنطقة صلنفة. ويؤكد وزير الزراعة الأسبق، أسعد مصطفى، أنه وعبر عشر سنوات من توليه الوزارة المعنية، خلال مرحلة التسعينيات، لم يحدث سوى حريق واحد سبّبته ظروف طبيعية ومناخية، فيما كانت عشرات الحرائق المتكرّرة سنوياً بفعل فاعلين وعن عمْد. وأنه بعد السعي إلى استصدار قانون الحراج وتعديلاته (1994)، والذي شدّد على تجريم فعل الحريق العمد للغابات، ووصول بعض حالاته الجائرة إلى حكم الإعدام، تعرض وهو في الوزارة لاستجواب في مجلس الشعب بطلب من النائب جميل الأسد، شقيق الرئيس، ليتهمه بمحاولة الإضرار بمصالح فلاحي المنطقة عبر إعادة الأراضي المحروقة من واضعي اليد إلى ملكية الدولة!؟ وداعياً إياه أن يترك المنطقة لشأنها ومصالح سكانها والتوجه عوضاً عن ذلك إلى تشجير البادية. ويؤكّد مصطفى أن جميل الأسد وابنيه منذر وفواز وسواهم كثيرون من آل الأسد فرضوا بعد ذاك وضع استثمار تلك الأراضي المحروقة وبيعها تحت تصرّفهم. كما تذكر شهادات عديدين أن اللواء عدنان الأسد كان يشرف بنفسه بعد تقاعده على استثماراته في صلنفة، ومنها أكثرها شهرة وارتياداً مطعم ومقصف (التنور)، إضافة إلى مزارع وفلل خاصة في أماكن مختلفة، كانت محمية منه بحكم نفوذه خلال خدمته، وكانت إحداها مقرّا لاتصالات سرية له بإسرائيليين خلال مرحلة التفاوض إبّان عهد الأسد الأب.
في عهد الابن، استفحلت التعديات وحرائق الغابات لتشمل مناطق أكثر إلى أن صدر قانون التطوير العقاري (2008)، الذي أتاح للبلديات اقتراح تحويل ما تراه مناسباً من أملاك الدولة لمشاريع خدمية وسياحية واستثمارية فأتاح القانون المذكور لأولئك المتعدين ومن خلفهم من متنفذين تسوية أوضاع ما استولوا عليه عبر التفافاتٍ، يعرف المتنفذون ومستشاروهم كيفية تمريرها تحت ستار القوننة.
حرائق سورية وغاباتها بعد الثورة
مستغربٌ جداً الغياب الملحوظ لحرائق كبرى في غابات سورية بعد اندلاع الثورة السورية (2011)، خصوصا بعد تحوّل صراعها مع النظام إلى صراعٍ مسلح اشتدّ أواره على جبهات الساحل وضمن غاباته أعواما منذ 2013، ولم يسفر الصراع المسلح، بكل نيرانه، حينها عن حرائق كبرى؟ فيما عادت الحرائق، وبشكل غير مسبوق حجماً وأضراراً وكارثية، خلال العامين، الماضي والجاري، وكان أشدّها الذي اندلع فجر يوم الجمعة الماضي وما زال مستمرّاً في أثناء كتابة هذه السطور، متجاوزاً أضرار كل الحرائق السابقة بمجموعها، ليس عبر ما أتى عليه من مساحات تتجاوز 600 هكتار من الغابات، سبق وأعلنها مسؤولو النظام بأضعافٍ مضاعفةٍ تتصاعد كل لحظة أمام حالة العجز عن إيقاف شراهة النيران المتأجّجة، بل عبر إحاقة النار هذه المرّة بتجمعاتٍ سكانيةٍ كثيرة، صغيرها وكبيرها، وبخطر حقيقي وداهم، بدأت آثاره تتبدّى في حركات نزوح، وبقاء كثيرين ضمن دائرة الخطر احتراقاً بعدما تجاوز حدود الغابات إلى البساتين والمزروعات والتجمعات ذاتها، وإحداث أضرار وانفجاراتٍ في أطرافها، كما في التجمعين الأكبرين، القرداحة والحفلة، وسواهما.
تنوّعت توجهات التفاعل السوري المتصاعد بشكل غير مسبوق، عبر وسائل التواصل وعلى صعد مختلفة، وبعيداً عن الآراء المتطرّفة والموتورة من الطرفين، فإن توجهاتٍ لافتةً برزت في تفسير ما يحدث، ردّها موالون إلى ظروفٍ مناخية طبيعية، مستشهدين بأن الحرائق متساوقة مع ما يحدث في الجوار الطبيعي، كما في لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، ومشيرين، كعادتهم، في أقصى ارتفاع للصوت إلى تقصير الجهات الحكومية. أما المعارضون، ومن هم في الصف الثوري، فأعادوا التذكير بالشعار الذي أطلقه النظام عبر مؤيديه ومنظومته “الأسد أو نحرق البلد”، متهمين النظام بمتابعة السير في نهجه المعتاد، ومذكّرين بذلك النهج، عبر إعادة نشر فيديوهات لجرائم اقترفها جنود النظام وشبّيحته يحرقون فيها الأشجار والمزروعات والمساكن، انتقاماً وحقداً، حتى بعد السيطرة على تلك المناطق. كما ذهب البعض إلى التذكير بتهديداتٍ مبطنة عبر الرسائل المصوّرة التي وجّهها رامي مخلوف، ابن خال رأس النظام وشريكه السابق بعد مصادرة أصول شركاته في سورية، وتلميحاته إلى ما قد يحدث لاحقاً، رابطين ما يحدث من حرائق برمزية الحطب التي كانت خلفية ثابتة في تلك الرسائل.
وذهبت أصواتٌ إلى أبعد من ذلك، مفسّرة ما يحدث ضمن سياق ما هو مرسوم للمنطقة من إتمام تغييرات ديمغرافية ما زالت غير واضحة المعالم، ومن تستهدف من ساكني جبال الساحل، بتنوعهم الديني والعرقي والطائفي والمذهبي. وضمن صراعات إقليمية ودولية، غير بعيد عنها في ساحة النظام دول لها مخططاتها، كروسيا وإيران والمليشيات الطائفية المستجلبة من لبنان والعراق وسواهما. لعل ذلك التوجه ما تقاطع مع أقوى رأي صريح، جاء من ضمن الخاضعين لسطوة النظام، ومن مصدر أكاديمي متخصّص، هو أستاذ علم المناخ في جامعة تشرين في اللاذقية، رياض قره فلاح، الذي دحض مزاعم الأطماع الصغرى، وفند علمياً رد أسباب الحرائق إلى عوامل مناخية.. مؤكداً أن العمل التخريبي ليس عمل أفراد لا يعلمون، بل عمل ممنهج، وعن دراسة تعتمد تخصصاً دقيقاً ومعرفة علمية أدق بالمناخ وتحولاته اللحظية واتجاه الرياح وتبدلاتها والضغط الجوي وسائر العوامل السابقة، لاختيار طريقة تنفيذ محكمة في أكثر من مكان وفي توقيت واحد، لينتهي إلى أن “الموضوع … عملية تخريبية كبرى ممنهجة، تهدد الأمن البيئي والاقتصادي والسياحي والسكني لسورية. وهذا أمر يعد بمثابة الخيانة العظمى تنسب لمن قام به إن كان من الداخل، أو حرب كارثية علينا من النوع الخطير”.
ووسط ألسنة اللهب بأحمرها الناري، وضبابية الرؤية لمستقبل فقد فيه طرفا الصراع جلَّ إرادتهم وأسلموا القياد لسواهم من قوى إقليمية ودولية، ذات أجندات مختلفة، يتحوّل المشهد برمته إلى أحمر وأسود يوشّحان طول البلاد وعرضها وأفقها، لتتعمم قمم جبالها بأسود قاتم قادماً من عماء بصائر قبل الأبصار، ومن ظلمات نفوس لم يبق حتى في قراراتها منفَذٌ لنور. ليبقى السؤال الأكبر: هل يمضي الوطن برمته إلى إتمام تصحيره، بعدما أتت جرائم الحرب فيه على الحي والجامد، وبعدما تسيّد قراره لسنين متصحرو العقول والأفئدة والأرواح؟
مراجع مفيدة للاطلاع:
(1):تصريحات أسعد مصطفى وزير الزراعة الأسبق. الرابط.
(2): فيديو قديم أعيد نشره لجنود و شبيحة النظام يحرقون الأشجار. الرابط.
(3): هل الحرائق طبيعية..؟. رياض قرة فلاح. الرابط.
المصدر: العربي الجديد