رحل عن عالمنا أول أمس المحامي والمناضل الكبير الأستاذ نجيب ددم.. هذا الرجل الذي أمضى عمره في مقارعة الاستبداد الأسدي، وكان صاحب الرأي الواضح والصلب، لم يهن يومًا، ولم ينحن أو يتراجع عن موقف وطني أو عروبي، وهذا ما أدى إلى أن يزج به حافظ الأسد في معتقلاته لما يزيد عن عشر سنوات، لأنه صاحب الموقف والرؤيا، المناهض لحكم الطغاة من آل الأسد ومن والاهم.
ثم تابع الأستاذ نجيب / أبو عبدو نضاله فالتحق بالثورة، ثورة الحرية والكرامة، وكان لا يهادن في ذلك أبدًا، حتى وافته المنية في تركيا عن عمر طويل مفعم بالثورة والعقلانية في نفس الآن. بتاريخ 4 تشرين أول / أكتوبر 2020 ودعه جمع كبير من السوريين إلى مثواه الأخير، بكل الاحتضان والمحبة، لأنه صاحب الموقف الوطني والقومي الشجاع، كما يعرفه الكثير من السوريين. موقع ملتقى العروبيين استوقف العديد ممن عرف أبو عبدو/ نجيب ددم وكانت هذه الأقوال والآراء عنه وفيه رحمه الله:
السيد مأمون خليفة رفيق درب الراحل قال:” نجيب ددم الراحل.. الباقي معنا.. ليس سهلاً أن يتحدث الواحد عن الراحل المناضل الكبير نجيب ددم بوسط أحزان وانفعالات الفقد بعد ساعات على رحيله، فلقد امتدت مسيرة نضاله السياسي الوطني السوري والعروبي مع نضاله الاجتماعي والمهني على مدى عمره منذ أن فتح عينيه على واقع المعوقات الذاتية والموضوعية التي تحول ودون الوصول لأهداف التحرر والتقدم العربي، فعمر نضاله العام مثله مثل بقية أقرانه ورفاقه في أوائل ستينات القرن الماضي من الذين جمعتهم ردات فعل الشباب العربي على جرائم التآمر على أحلامهم الكبرى، التقوا بساحات التظاهر وحناجر شبابه الصاعد الذي كان يردد شعارات الوعد بالتحرر بالوحدة والتقدم، نعم من هنا كانت بداية نضاله الطويل الكثيف الذي تواصل على مدى ستة عقود من مراحل الاقتراب من الأهداف ومن إحباطات الإخفاقات المهولة التي كان نجيب ددم يهضمها بروحه الصلبة المثابرة المؤمنة بعدالة مشروع التقدم العربي الشامل كأساس للحق ركب التقدم الإنساني كان نجيب ددم المحامي نصيراً للمظلومين تعرفه زوجات وأبناء معتقلي النظام الفاشي المجرم وهم الكثيرين الكثيرين على مدى عشرات السنين، ما كان كمحامي مختصاً بالدفاع عن حقوق المعتقلين والسعي لتأمين لقمة عيش أسر معتقلي حزبه أو تياره العروبي فقط بل كان ابنًا باراً لشعبه لمثله العليا الجامعة للتيارات الوطنية الديمقراطية التي تنتمي إليه، مما أرسى بسلوكه المهني قاعدة تقاس على أساسها جدية الذين يدعون الإخلاص للمبادئ والانتماء للإنسان أولاً والدفاع عن حقه في الحرية والحياة والكريمة والتقدم المستمر كما كانت قوة نجيب ددم الإنسان تكمن بهدوئه بصوته المنخفض الذي يصاحب عمق وصوابية اصطفافاته وخياراته، فمازالت حواراتنا حول مسيرة هيئة التنسيق ماثلة أمامي أسمعها وأحس بمفاصلها التي يتخللها أحياناً نزق الثوار المنتمين لصفوف شعبنا الثائر أكثر من أي انتماء كان . ما زال أمامي الحوار حول الموقف من المؤتمر القومي العربي الذي كان يجمعنا بعضويته ووقفتنا الانتقادية لمواقفه المبتذلة المهينة الخارجة عن سياق الانتماء للنضال العربي بتأييده لنظام الأسد الفاشي على حساب الشعب السوري الثائر لتحقق المبادئ التي يرفعها المؤتمر ذاته!! مع دير ظهره لغزارة دماء السوريين ودموع أرامله ثكلاه وأيتامه، دماء كانت ومازالت تريقها أدوات الأسدية المحتلة، ما زلت أتذكر إجابته حينها: بيان تجميد لعضويتنا في المؤتمر القومي العربي يعبر عني يمثلني، أطلب إضافة اسمي عليه. أزعم أن غداً عندما تستقر الأحوال وتقف أجيالنا الصاعدة على مراحل تاريخ نضال آبائها وأجدادها ستقول أن المفيدين نساءً ورجالاً لمستهدفات نضالنا والذين شاركوا بإحداث التراكم البناء المكثف للتجارب البناءة والتي يمكن البناء عليها، أحدثه هؤلاء المنتمين المخلصين للمبادئ ولم يكونوا منغلقون ومحصورون بقالب الحزبية الأصغر من طموحات شعبهم وأن هؤلاء كانوا من صنف الهادئين المتواضعين الفعالين وكان منهم نجيب ددم . “
أما السيد يحيى الخطيب العروبي السوري فقال ” رحم الله المناضل العروبي الناصري المحامي نجيب ددم، كان مناضلاً ثوريًا عمل بنشاط طوال نضاله الحزبي في مدينة حلب وكان مثال الرجل المناضل متمثلًا الفكر العروبي الناصري في أخلاقه وأعماله ومواقفه، لقد افتقدناه وافتقدنا رؤيته الثورية وثورتنا بأمس الحاجة إلى الحكماء أمثاله”.
بينما قال المعارض السوري وعضو هيئة المفاوضات قاسم الخطيب ” بداية لابد لي من الترحم على فقيدنا الكبير والتعبير عن أسفنا لخسارتنا شخصية وطنية بهذا الحجم والتأثير.
عملت مع الأستاذ نحيب لمدة ربع قرن تقريبًا ما لفت نظري بشخصيته إيمانه العميق بقضيتنا كسوريين، قضية الحرية والانعتاق من ربق الاستبداد، حيث كان دائمًا يذكرنا بعدالتها وبضرورة المثابرة في العمل لأجلها. كان يعمل بلا كلل أو ملل، وبصمت وهدوء. وللأسف الشديد لم ألتق به خارج سورية بعد أن غادرناها جميعًا مضطرين. برحيله تنطوي صفحة من النضال الوطني الديمقراطي، أشعر بالحسرة والألم على ما انتهت اليه أوضاعنا جميعًا. رحمه الله وغفر له.”.