إيران تنقذ صائب النحاس من أسماء الأسد

بعد أقل من شهر على صدور حكم قضائي لصالح حكومة النظام السوري بفرض الحجز الاحتياطي على أموال رجل الأعمال الشهير صائب النحاس، طلب المصرف المركزي في دمشق رفع الحجز عن الحسابات العائدة للنحاس وأولاده وشركاته.

وأكدت مصادر إعلامية موالية أن المصرف المركزي في دمشق طلب، الخميس، وعلى نحو مفاجئ، من جميع المصارف العامة والخاصة رفع الحجز عن الحسابات العائدة للنحاس وولديه محمد وهادي والشركات التي يملكونها.

وبينما لم تذكر هذه المصادر الأسباب التي دفعت لإصدار هذا التعميم، اكتفى موقع “سيريا ستيبس” المقرب من النظام في تقرير الجمعة بالقول إن “قرار الحجز السابق تم استغلاله وتوظيفه من قبل جهات سياسية معارضة، ووسائل إعلامية خارجية، بما يتناقض والدوافع القانونية لصدور قرار الحجز الذي تم طيّه”.

وكان المصرف المركزي قد عمم الشهر الماضي على كافة المصارف قراراً يقضي بالحجز التنفيذي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للنحاس وأبنائه، بالإضافة إلى حسابات شركاتهم، بسبب “ارتكابهم مخالفات وتهريب مواد تبلغ قيمتها نحو خمسة ملايين ليرة سورية”، إضافة “إلى التهرب من دفع رسوم بقيمة أكثر من مليوني ليرة وتصل غراماتها إلى أكثر من 31 مليوناً”.

لكن اللافت هو التراجع السريع عن القرار الذي اتخذ بحق صائب النحاس، وهو ما يحصل للمرة الأولى منذ بدأ النظام الحملة التي تقودها أسماء الأسد، على الطبقة التقليدية من رجال الأعمال الذين تسيدوا المشهد الاقتصادي في سوريا منذ تسلم النظام الحكم قبل نحو خمسة عقود.

إلا أن مصادر في دمشق كشفت ل”المدن” عن تدخل النظام الإيراني بشكل مباشر وقوي في قضية النحاس، بسبب العلاقة الوثيقة التي تربط رجل الأعمال الدمشقي بطهران، والتي تعود إلى بداية الحرب الإيرانية-العراقية نهاية سبعينيات القرن الماضي.

وصائب شفيق النحاس، المولد في حي الجورة الدمشقي لأسرة شيعية فقيرة، انخرط في التجارة في سن مبكرة، لكن نجاحه الواسع بدأ مع وصول حافظ الأسد إلى منصب وزير الدفاع في حكومة البعث عام 1966، حيث ارتبط بعلاقة وثيقة مع شقيقه رفعت الأسد، قبل أن يصبح مسؤولاً عن صفقات السلاح التي كان يؤمنها النظام لطهران من السوق السوداء خلال سنوات الحرب مع العراق.

ويمتلك النحاس عدداً كبيراً من الشركات تتبع لمجموعة النحاس التجارية، وتشمل نشاطاتها الاستثمار في قطاع السياحة والخدمات، بالإضافة إلى تجارة السيارات والمعدات الطبية، ويبلغ رأس المال المعلن للمجموعة نحو مئة مليون دولار، لكن مصادر في المعارضة تقول إن ثروته لا تقل عن 300 مليون دولار.

ويبدو الرقم الأخير منطقياً بالنظر إلى حجم الأعمال والاستثمارات التي تقوم بها شركات النحاس المسجلة باسمه وباسم نجليه محمد وهادي، وأهمها الوكالة الحصرية لسيارات بيجو وفولفو وفولكس فاغن وأنتر فلاغ، بالإضافة إلى العديد من شركات الطيران الكبرى، كما يمتلك فنادق متعددة أهمها “سفير دمشق” ومجموعة النحاس للسياحة والنقل التي تضم أسطول حافلات ضخم.

وبالإضافة إلى ما سبق، فقد تسلم صائب النحاس، بين ثمانينات وتسعينات القرن المنصرم، إدارة العديد من المؤسسات الحكومية وشركات القطاع المشترك التي كانت محط اهتمام مباشر من الرئيس الراحل حافظ الأسد، وأبرزها “مؤسسة دمشق للحواسيب الرقمية” و “الشركة السورية لتنمية المنتجات الزراعية” ما جعله رجل الاقتصاد الثاني بعد محمد مخلوف، والد رجل الأعمال الشهير رامي مخلوف، وخال بشار الأسد والواجهة الاقتصادية الأولى لوالده حافظ الأسد.

وعليه لم يكن مفاجئاً، حسب مصادر “المدن” أن يصدر قرار معاكس يقضي بطي الحكم القضائي بالحجز على أموال وشركات النحاس، بل المفاجئ هو صدور قرار الحجز على أهم واجهات النظام الاقتصادية التي ظلت ملتزمة بخطه السياسي وتجنب إثارة أي مشكلات مع السلطة، على الرغم من الدعم منقطع النظير الذي تحظى به من قبل إيران، وهو ما يبدو أنه كان الدافع الرئيسي خلف وضعه على لائحة رجال الاعمال المستهدفين من قبل اسماء الأسد، التي تهدف إلى القضاء على نفوذ وهيمنة الواجهات الاقتصادية القديمة لصالح طبقة جديدة من رجال الأعمال.

المصدر: المدن

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى