المقاومة والحرية.. غزة وسردية البطولة والإبادة

محمود الشربيني

1
2
3
4
– وثيقة فكرية رصينة لنبيل عبد الفتاح تفند المزاعم الصهيونية!

– الكتاب يقع في ٢٨٠ صفحة ويشمل ٦ مباحث فكرية يتصدره إهداء راقٍ مفعم بالعذوبة والصدق من نبيل لشقيقته الراحلة

– تناول متكامل وتحليل شامل لأبعاد ما جرى في عملية طوفان الأقصي والرد عليها بالسيوف الحديدية

– هذا هو مستقبل القضية الفلسطينية في ظل الثورة الرقمية وسقوط القانون الدولي من منظور نبيل عبد الفتاح

– صراع السرديات والتأويلات حول الحرب وجرائمها دارت ولاتزال بين الدفاع الشرعي المزعوم للعدو والحق في المقاومة الوطنية

– الثلاثي المقاوم بالكلمة والتصميم والنشر عبد الفتاح واللباد وهاشم حفر إسمه على جدران التاريخ الفكري والثقافي والسياسي بحروف بارزة.

لايمر كتاب لنبيل عبد الفتاح تنشره دار ميريت على أي مصمم آخر. فقط أحمد (محيي الدين) اللباد. انظر إلى الغلاف ستجد “هاشم” يوثق ببساطة وفي جملة تحمل معاني كبيرة أن “الغلاف إهداء من الفنان أحمد اللباد”. من دون مبالغة نحن أمام مصمم يعرف أولا قيمة الكاتب، وقيمة الناشر وعراقة دار – ميريت – التي اشتد عودها منذ البداية وظلت كذلك نحو ربع قرن. هو نفسه كان جزءًا أساسيًا من هذه المنظومة. كم من الأغلفة لكتب نبيل عبد الفتاح أبدعها اللباد بتقديرٍ عالٍ ومحبة غامرة.

كم أمتعنا هذا الثلاثي الوطني المقاوم.. “نبيل” – محرر تقرير مركز الأهرام الاستراتيجي الشهير عن الحالة الدينية في مصر عام ١٩٩٥، والذي لايزال مرجعا حتى اليوم، ومؤلف الكتاب الخطير “النص والرصاص”، وهو أيضا مؤلف “تفكيك الوهم”، و”الحرية والحقيقة” و”التدين والثورة الرقمية” وأخيرًا وليس آخرًا” المقاومة والحرية .. غزة وسردية البطولة والإبادة”. و”هاشم” الذي حفر اسمه على جدران وسط البلد.. بالكلمة المبدعة والكتابات المتفردة.. و”اللباد” بتصميماته الفريدة المعبرة متفجرة الموهبة.

قبل أن نقرأ الكتاب الأخير لنبيل عبد الفتاح الصادر عن دار ميريت، لابد من تأمل الغلاف بتأنٍ شديد، ستدهشك لمسات وأفكار أحمد اللباد (احمد محيي الدين اللباد .. الذي لايقول هذا “محيي الدين” أبي الفنان العظيم ولكنه يقول: هأنذا احمد اللباد).

الغلاف صورة سلويت لجنود المقاومة في كامل هيئتهم التي نعرفها وأسلحتهم التي أصبحت عنوانا لهم..، في القلب منه مربع يحمل أسم الكتاب (المقاومة والحرية .. ميزت بلون أحمر وعنوان ثان يوضح فكرة الكتاب وهو غزة وسردية البطولة والمقاومة.. بلون أسود)

كان هاشم رحمه الله عندما يفكر في كتاب يضيف إلى رصيد ميريت، ينتهز فرصة وجود نبيل عبد الفتاح.. هو رجل الكتابات العميقة والأفكار المدروسة المنشغل دائما بالقضايا الرئيسية.. ومن هنا كتب أولًا وأشرف ثانيًا على عددٍ من إصدار ميريت من بينها دواوين شعر تكريما لغزة وصمودها، وعلى من شعر سميح القاسم أيضًا وهو الكتاب الأخير الصادر عن الدار العريقة.

يمكنك أن تعتبر مايفعله الثلاثي نبيل وهاشم واللباد مقاومة من نوع آخر.. مقاومة الأفكار.. والكلمات.. إنها “اللكمات” الوحيدة الممكنة التي يمكن ان يقدمها ناشرون وكتاب ومصممون، في ظل هذه الحالة العربية البائسة التي نعيشها! قدموا معًا كتابين عن غزة، كتب لهما المقدمة نبيل عبد الفتاح، والذي أخذ خطًا واضحًا منذ لحظة انطلاق عملية السابع من اكتوبر – التي رد عليها العدو ردًا بشعا عرف بعملية السيوف الحديدية – في غزة، حيث استمرّت في دكها بأشرس آليات التدمير بلا هوادة وبلا انقطاع. نبيل عبد الفتاح رصد وحلّل كل شيء، من هدير المدافع الهائجة إلى سقوط القانون الدولي سقوطًا ذريعا أثناء هذه الكارثة التي هددتنا بالفعل، وجعلت العرب أشبة بورقة ممزقة، في مواجهة أميركا الداعم الأكبر للصهيونية ومن يتبعها من دول أوروبا الغربية، الأمر الذي لم يكن غريبا على شخص مثل دونالد ترامب الذي يلقب بأنه أول رئيس يهودي في أميركا حسب وصف أحد المسؤولين الأميركيين.

كتاب نبيل عبد الفتاح الجديد المقاومة والحرية غزة سردية البطولة والمقاومة، يضاف إلى رصيده حيث بذل فيه جهدًا فكريًا مهمًا، يبدو للجميع عند تأمل فهرس الكتاب الواقع في ستة فصول أو مباحث فكرية، تبدأ بإهداء شديد الرقي والعذوبة والإنسانية، فقد أهدى نبيل كتابة إلى روح شقيقته الغالية “إلهام” فقد كتب:

إلى اختي الغالية الأستاذة المربية الفاضلة إلهام عبد الفتاح المعنى والقيمة والمثال المكتمل في الحياة وفي أسرتنا، التي آمنت بالعلم والحرية والعدالة والكفاءة والنزاهة والكرامة لتطور مصرنا العزيزة الساكنة في قلوبنا.

إهداء مجلل بالمحبة والاعتزاز، في كتاب يفيض تقديرًا للمقاومة ودعما لأهل غزة والذي يقع في ٢٨٠ صفحة من القطع الصغير، ويتناول بعد المدخل المعنون بـ “الاحتلال والحرية المحاصرة والمقاومة”.. مباحث أخري:

* اولاً: ثقافة المقاومة الشجاعة والحياة في الموت .. ويتناول عبد الفتاح في هذا الفصل أربعة أفكار :

١- نهاية أسطورة الإنسان الأعلى

٢- ثقافة المقاومة ضد الاقتلاع

٣- الدين بين المقاومة والاحتلال

٤-المقاومة ومشكلة المعني في الحياة

ثانيا: المقاومة والعقل العربي

١- الحرب وأزمة العقل العربي الجريح

٢- عودة الوعي بالقضية الفلسطينية

٣- الوعي النقدي العربي

٤- العقل السياسي واللغة القانونية الدولية

٥- حرب الإبادة ومرايا الانكشاف العربي

٦- هذا ماقالته غزة وقصيدة الحياة في الموت

ثالثًا – الغرب المراوغ : مرايا التناقضات

١- المعايير المزدوجة

٢- غطرسة القوة

٣- أزمة التنظيم الدولى مابعد الحرب الباردة

رابعًا: الحروب اللغوية والخطابية

١- حروب الخطابات الموازية .. الوظائف والأدوار

٢- المقاومة والثورة الرقمية

٣- خطاب الحرب من القرن العشرين إلى السيوف الحديدية

٤- الخطاب السياسي الإنسانوي

٥- الخطاب المرئي :المشهدية السياسية والتوثيق القانوني والتاريخي

٦- أطفال غزة ثنائية البراءة وبشائر النضج

خامسا: المآلات الغائمة بين السيولة والغموض والتواطؤات والاضطراب

١- طوفان الأقصى والسيوف الحديدية: المآلات المحتملة واللايقين

٢- ثنائية الموت والشجاعة بعض من بشائر التغيير في مسارات غامضة وقلقة

٣- غموض مشروع الدولة الفلسطينية

٤- الخطة الاسرائيلية للاحتلال العسكري مابعد الحرب

ساسًا: خاتمة.. غزة ثنائية الحرية والاستقلال

بجملة واضحة ومحددة يمكن القول بأن الكتاب يمثل “سردية حاولت تحليل بعض قضايا وأسئلة ومآلات الحرب وأطرافها المتنازعة في مجموعة من الدراسات والمقالات التحليلية.

بحسب نبيل عبد الفتاح وكتابه الجديد شكلت الحرب الاسرائيلية الوحشية على قطاع غزة ذروة الحد الفاصل بين خطاب الإبادة والمقاومة تحت وطأة الاحتلال الاستيطاني وأساطيره التوراتية التأويلية المحلقة المتجذرة في بعض من العقل السياسي اليميني واليميني الديني المتطرف، وبين خطاب الكفاح الوطني من أجل الاستقلال والحرية.

وطبقًا لنبيل وكتابه أيضًا انفجرت من قلب التراجيديا الانسانية حروب اللغة والمصطلحات والخطابات المتصارعة إسرائيليًا وأميركيا وأوروبيًا التي انحسرت عنها وجوهها الأخلاقية والإنسانوية والقانونية الدولية في مواجهة خطاب الشرعية والقانون الدولي – والحرب – والإنساني، والقيم الإنسانية المنتهكة من اسرائيل وقادتها وجيشها وداعميها الدوليين في مراكز الغرب الامبريالي العولمي.

الكتاب أيضا يتطرق إلى السرديات والتأويلات، ويقول الكاتب ان صراع السرديات والتأويلات حول الحرب وجرائمها دارت ولا تزال بين الدفاع الشرعي المزعوم (بحسب مزاعم العدو) والحق في المقاومة الوطنية.. هذا الصراع طبقا لعبد الفتاح لم يتوقف إو لم يقتصر على اللغة، وانما امتد إلى قلب الثورة الرقمية وبعض مواقع التواصل الاجتماعي الكونية وجماهيرها الرقمية والفعلية الغفيرة عبر المشهديات المرئية والصور والفيديوهات الطلقة والمنشورات والتغريدات التي وثقت – ولاتزال – الإبادة على نحو أدى إلى تحفيز بعض الاتجاهات الإنسانية من ثنايا الضمير الكوني.

هذه محاولة أولي للاقتراب من عوالم الكتاب الجديد المهم لنبيل عبد الفتاح الذي يحتاج إلى استعراض في أكثر من مقاربة صحفية لعلها تنفذ إلى جوهره ومضمونه، بما يليق بكاتب يعتبر أحد الذين يتصدرون للقضايا العربية والوطنية باهتمام شديد، يجعله وكتبه دائما موضعًا للحفاوة من جانب كبار الكتاب العرب من المشرق العربي في العراق و سوريا ولبنان إلى تونس والجزائر والمغرب، وبالطبع في صدارة الباحثين والكتاب المصريين، الذين ينغمسون حتى النخاع في قضايا الأمة، وفي القلب منها قضايا الحرية والديمقراطية والمقاومة الفلسطينية.. وإشكاليات التدين في عصر الثروة الرقمية. فإلى مقال آخر إن شاء الله.

المصدر: المشهد المصرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى