بوابات إسرائيلية تخنق قرى القنيطرة.. “احتلال ناعم” يزحف نحو الجنوب السوري

في خطوة وصفتها مصادر محلية بأنها “تصعيد جديد في سياسة التضييق”، أقامت قوات الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً بوابة حديدية على طريق الحميدية – الصمدانية الغربية في ريف القنيطرة الجنوبي، لتضاف إلى بوابة أخرى مشابهة نصبتها خلال الأشهر الماضية في المنطقة.
وبحسب ناشطين من القنيطرة، فإنّ البوابة الحديدية في الصمدانية ليست الأولى من نوعها، إذ سبق أن نصبت قوات الاحتلال بوابة مماثلة قرب قرية الرواضي، في خطوة رأى فيها الأهالي محاولة لخنق القرى السورية القريبة من الجولان المحتل.
“بوابات إسرائيلية تعزل قرى القنيطرة”
وأثارت البوابة الجديدة غضب الأهالي، لما تسببه من خنق لقرية الصمدانية وفصلها عن جارتها الحميدية، حيث يشير سكّان المنطقة إلى أن نصب البوابات يمثل مقدمة لتثبيت واقع جديد، يهدف إلى توسيع نفوذ الاحتلال الإسرائيلي في محافظة القنيطرة، وضمها تدريجياً إلى الجولان السوري المحتل.

أحد وجهاء الصمدانية الشيخ عثمان الأحمد، يقول لـ موقع تلفزيون سوريا: إنّ “الاحتلال الإسرائيلي أنشأ البوابة الحديدية لفصل الصمدانية عن الحميدية، في انتهاك واضح لاتفاقية فك الاشتباك لعام 1974.
وأضاف أن ما يجري في القنيطرة هو “تمهيد لسلخ قرية الصمدانية تدريجياً عن الجغرافيا السورية، كما سبق وحدث للجولان السوري المحتل”.
“غضب شعبي وحصار متزايد”
في الأوّل من شهر تشرين الثاني الحالي، اعترض أهالي القنيطرة دورية للاحتلال الإسرائيلي في أثناء مرورها بالمنطقة، ورشق الأطفال الجنود بالحجارة، ما دفعهم إلى إطلاق النار في الهواء لتفريق المحتجين، قبل أن ينسحبوا من الحاجز الجديد.
ويرى الناشط أحمد كيوان، أنّ هذه الحادثة أعادت إلى الأذهان ما جرى في قرية كويا بريف درعا، حين اشتبك الأهالي مع قوات الاحتلال.
وأضاف كيوان، أنّ “ممارسات إسرائيل في القنيطرة مؤشر على تصاعد التوتر في منطقة لطالما حرصت تل أبيب على إبقائها هادئة”.
وتابع: “كلما بدأ الجنوب السوري يستعيد بعضاً من استقراره، يتدخل الاحتلال ليعيد خلط الأوراق.. نصب البوابات اليوم رسالة بأن إسرائيل ما تزال هنا، وأنها قادرة على عزل القرى متى شاءت”.
وجهاء القنيطرة: “الهدف سياسي لا أمني”
يؤكّد عدد من وجهاء القنيطرة، أن الهدف من نصب هذه البوابات ليس أمنياً كما تدّعي إسرائيل، بل سياسي بالدرجة الأولى، إذ تهدف إلى إحداث تغيير ديمغرافي تدريجي وخلق بيئة طاردة للأهالي.
الشيخ خالد قبلان، أحد وجهاء القنيطرة، يقول لـ موقع تلفزيون سوريا: “الناس في القنيطرة تعيش بين خيارين أحلاهما مرّ: البقاء في قرى محاصرة ومعزولة، أو النزوح إلى خارج المحافظة.. إسرائيل تدرك ذلك وتستغله لفرض واقع جديد خطوة بخطوة”.
ويحذّر الوجهاء من أن إقامة بوابتين حتى الآن قد تكون “مقدمة لشبكة بوابات جديدة”، تهدف إلى قطع أوصال القرى، مما يؤدي إلى نزوح السكّان أو إجبارهم على التكيّف مع سلطة الاحتلال غير المعلنة.
“الاحتلال الناعم.. استراتيجية إسرائيلية تتجدّد”
الخبير في الشأن الإسرائيلي سميح أبو صالح، يصف ما يجري في القنيطرة بأنّه تطبيق حرفي لما يسميه بـ”سياسة الاحتلال الناعم”، أي “التوسع الهادئ دون إعلان رسمي للضم”.
ويقول أبو صالح لـ موقع تلفزيون سوريا: إنّ “إسرائيل تتبع هذه السياسة منذ عقود في الجولان المحتل والجنوب السوري، عبر إجراءات تدريجية على الأرض تُكرّس وجودها الأمني والاقتصادي”.
ويضيف: “إسرائيل لا تحتاج اليوم إلى دبابات لتوسيع نفوذها، بل تفرض وجودها خطوة بخطوة، حتى يصبح الأمر واقعاً يصعب تغييره”، مردفاً: “الهدف هو الضغط على الحكومة السورية قبل أي مفاوضات محتملة، وذلك لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية أكبر”.
“صمت دولي يفتح الباب أمام التمادي”
يُلقي كثير من الناشطين والخبراء باللوم على صمت المجتمع الدولي الذي يشجّع إسرائيل على التمادي في انتهاكاتها، مشيرين إلى أنّ “التغاضي عن خروقات الاحتلال في القنيطرة يمنحه الجرأة على تجاوز اتفاقية فكّ الاشتباك دون أي رادع”.

كذلك، دعا هؤلاء الحكومةَ السورية، إلى تفعيل التحرك الدبلوماسي عبر بيانات احتجاج رسمية وطلب تدخل أممي، مؤكّدين أنّ الضغط السياسي هو الوسيلة الوحيدة لوقف سياسة التوسع الهادئ قبل أن تتحول إلى أمرٍ واقع.
يبدو أنّ ما يجري في القنيطرة يتجاوز إقامة بوابات معدنية أو نقاط تفتيش، إنّما يشكّل مشروعاً منظّماً لتغيير ملامح الجنوب السوري، فسياسة “الاحتلال الناعم” التي تنتهجها إسرائيل، وفق ناشطين، تزحف بصمت، وتفرض واقعاً جديداً يعزل القرى ويخنق السكان، في ظل صمت دولي وتغاضٍ رسمي يثيران القلق والتساؤلات.
المصدر: تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى