
محزن جدا ومضحك جدا تلك الصرخات التي ارتفعت في ساحة الكرامة مطالبة ليس بالحكم الذاتي ولا الفدرالية ولكن بتقرير المصير والاستقلال التام.
لنفرض أن جهة ما أممية محايدة مثل محكمة العدل الدولية أحيلت إليها تلك المطالب فكيف ستفكر بها؟
أولا : القانون الدولي يميل في الوقت الحالي ضد نزعة الانفصال وتغيير الحدود عموما , ولايترك سوى هامش محدود ضمن مايسمى ” بالانفصال العلاجي ” وهو الانفصال الذي يجد مبرره في حالات استثنائية مثل عدم استفادة الاقليم من ثرواته الطبيعية وقيام الدولة المركزية بالسيطرة عليها لصالح أقاليم أخرى وبقاء الاقليم بحالة فقر وعوز , أو انتهاكات واسعة ومستمرة لفترة طويلة للحقوق الأساسية للانسان تقودها الدولة المركزية أو لاتتمكن من وقفها .
ثانيا : يحيل القانونيون مطالب الاقليم اولا للدولة المركزية ضمن مساعي وسيطة لتحقيقها . وعلى أية حال فليس هناك في القانون الدولي صيغة الزامية , وغاية مايمكن أن يقدمه هومساعيه الحميدة .
ثالثا : لنضع سؤالا إفتراضيا لمن يطالب بالانفصال التام : ماهي حجتكم في طلب الانفصال ؟ وعلى أي أساس بنيتم مطالبكم ؟
مايقولونه هو الآتي : نظام دمشق أرسل الجيش لسحق السويداء وقام بالمذابح , وتدمير المدينة والحرق والاغتصاب …الخ , السويداء تتعرض للابادة الجماعية .
يبدأ تدقيق الحجج السابقة كالتالي : أنتم تقولون ذلك لكن لانستطيع الأخذ بادعاءاتكم , أين تقرير لجان التحقيق المستقلة ؟
جواب : لايوجد .
هل طلبتم أن تقوم لجنة تحقيق أممية بالتحقيق في الأحداث التي تنسبونها للدولة ورفضت الدولة ذلك لنساعدكم في ذلك .
الجواب : لا لم نطلب .
إذن نقترح عليكم أولا أن تطالبوا بلجنة تحقيق مستقلة أممية بالتحقيق في الأحداث التي تشيرون إليها قبل كل شيء
ملاحظات :
1-حسب الشبكة السورية لحقوق الانسان فاجمالي عدد الضحايا في أحداث السويداء من مختلف الأطراف بحدود 1100 شخص . وهو رقم لايمكن معه الحديث عن أعمال إبادة مع كامل الاحترام لكل نفس بشرية وكل نقطة دم .
ليس متاحا حتى الآن كم من عناصر الأمن والجيش وكم من العشائر المسلحين والمدنيين وكم من المدنيين الدروز وكم من الميليشيا التي كانت تقاتل الجيش . من أصل الرقم السابق .
2 – حصل سقوط قسم من الضحايا خلال اشتباكات دامية بين الجيش والأمن العام وبين الوف الميليشيات المسلحة جيدا , وسقط قسم آخر بعد انسحاب الجيش وانفلات الأمن .
3- اعترفت الدولة بمسؤوليتها عما حصل ووعدت بالتحقيق وايقاع العقوبات بحق المرتكبين من أي جهة كانوا .
4 – انسحبت القوات الحكومية بصورة تامة من المدينة وبقيت خارجها حتى الآن .
5- بينما تعرض الدولة الحوار والتفاوض مع وجهاء المدينة يصر الطرف الذي يمسك قرار المدينة بيده على عدم الحوار والتفاوض لاعادة الأمن والنظام واصلاح ماتم تدميره خلال الاشتباكات .
6 – هناك في السويداء عشرات الميليشيات المسلحة بكل أنواع الأسلحة والتي تمنع الدولة من بسط سيطرتها على المحافظة .
7 – الدولة السورية معترف بها دوليا وفق حدودها المعروفة بينما يمكن وصف الجهة المسيطرة على المدينة عسكريا باعتبارها حالة تمرد عسكري على الدولة الشرعية وهي حالة لاتسمح بالنظر بدعوى تقرير المصير أساسا .
8 – جميع المراقبين التابعين للأمم المتحدة ومنظمات الاغاثة المتواجدين حول السويداء مقرون أن الدولة تقوم بكل ما تستطيع لتأمين الاغاثة للمدينة .9 – لايمكن لأي جهة قانونية دولية قبول أن يقوم تمرد عسكري ضد دولة معترف بها بتقديم نفسه كممثل عن السكان , ومن الواضح أن أي دعاوى من نوع طلب تقرير المصير تتم من قبل الطرف المسيطر المسلح وبالتالي لايمكن قبولها قبل أن يسلم سلاحه ويخضع للدولة الشرعية للتمكن من معرفة راي السكان الحقيقية الحرة .