عاشت بلدة “أم ولد” بريف درعا الشرقي خلال الأيام الثلاث الأخيرة على صفيح ساخن، مليء بالتوتر بعد هدوء نسبي منذ توقيع اتفاق التسوية مع النظام منتصف عام 2018.
الأحداث الأخيرة بدأت عندما استقدمت قوات النظام مجموعات تابعة للأمن العسكري يترأسها محمد علي الرفاعي، الملقب “أبو علي اللحام”، قائد أحد فصائل المعارضة التابعة ل”جيش اليرموك” سابقاً، وعماد أبو زريق القائد العسكري العام للجيش بحجة إطلاق حملة لملاحقة خلايا تنظيم “داعش” إلا أن المجموعات المقتحمة قامت بقتل مدني خنقاً حتى الموت قبل حرق منزله بأوامر من اللحام، حسب ما تناقلته مصادر محلية.
كما اعتقلت القوة المرتبطة بالأمن العسكري كلاً من الشيخ إبراهيم تركي الأيوب، الذي تربطه علاقات وثيقة مع اللواء الثامن في الفيلق الخامس المدعوم من روسيا بقيادة أحمد العودة، والشاب محمد رضوان الأيوب، وشاب آخر نازح من قرية جبيب المحاذية لمحافظة السويداء، في حين اختفى كل من الناشط الإعلامي وليد جادو الرفاعي والشاب صلاح تركي الأيوب، شقيق الشيخ إبراهيم الأيوب منذ مداهمة الأمن العسكري البلدة حتى الآن.
تجاوزات وانتهاكات اضطر معها سكان البلدة للتصدي لميليشيا الأمن العسكري التي اقتحمت أم ولد وبلدة جبيب. وجرت مواجهات بين الجانبين انتهت بمقتل أحد عناصر الميليشيا المهاجمة، وحرق منزله ومنزل قائد الميليشيا أبو علي اللحام ومنصور الرفاعي أحد عناصر المجموعة وعدد من المسؤولين عن الهجوم الأخير.
تصفية الحسابات وثارات قديمة
لكن الأحداث الأخيرة ليست وليدة لحظة الهجوم الأخير بل مرتبطة بحوادث سابقة. وكشفت مصادر خاصة ل”المدن” أن أبو علي اللحام “يستغل ارتباطاته الأمنية مع النظام والمواقع التي يشغلها حالياً لتصفية حسابات قديمة مع أبناء بلدة أم ولد ومعظمهم من أقربائه الذين قُتل عدد منهم بالفعل نتيجة التنافس والخلافات الشخصية، وآخرهم ماهر ذبيان الرفاعي الذي لقي حتفه مع بداية هذه الحملة، كما قتل إبنه محمد ماهر الرفاعي في 13 تموز/يوليو اغتيالاً في القرية نفسها بعد انشقاقه الثاني عن النظام، حيث كانت المرة الأولى في بداية الثورة، والثانية بعد أن عاد إلى صفوف الجيش في حلب ضمن اتفاق التسوية لكنه انشق بداية هذا العام”.
وأشارت المصادر إلى أن اللحام اغتال محمد ذبيان الرفاعي، شقيق ماهر الرفاعي يوم 28 شباط/فبراير من العام 2017 ب11 طلقة.
العشائر تصعد
عقب هذه التطورات، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بيان منسوب إلى “عشيرة السادة الأشراف من آل الرفاعي” أمهل النظام مدة 24 ساعة للإفراج عن المعتقلين في الحملة الأخيرة على أم ولد ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات والجرائم التي رافقتها، “وإلا فإن الرد سيكون قاسياً” حسبما جاء في البيان، الذي هدد أنه “في حال لم تستجب الأجهزة الأمنية لهذه المطالب فإن الخبر سيكون “ما ترون لا ما تسمعون وقد أُعذر من أنذر”. كما نصّ البيان المنشور على براءة العشيرة من اللحام وهدر دمه هو وجميع عناصر المجموعة التي تتبع له.
وفي خطوة مشابهة قامت عشيرة “المفعلاني” بنشر بيان حمل تهديدات أيضاً لعناصر التسويات التي تتبع للنظام وتقوم بالإخلال بالأمن في ريف درعا الشرقي. البيان قال إن “أي حماقة سيرتكبها هؤلاء وأي عملية اغتيال ستطاول شاباً من شبابنا ستكون عاقبتها وخيمة، وسنرد عليها بفصل بالرأس عن الجسد وسنعمل على استئصال هذه الجراثيم وما أنبتت ولن نذر منهم نفساً واحدة” حسب البيان.
قوات حفظ سلام
بعد الأحداث المتسارعة في الآونة الأخيرة، بدءاً من سيطرة “الفيلق الخامس” على حواجز تتبع للنظام وطرد قوات الأمن العسكري منها، اعتقد الكثيرون أن “الفيلق” سيستمر في تصعيده ضدّ هذه المجموعات لتخليص المنطقة منها وكسب الحاضنة الشعبية في المنطقة، لكن رغم تدخله في الأحداث الأخيرة في أم ولد إلا أن قوات “اللواء الثامن” آثرت البقاء على الحياد، والدخول كقوات حفظ سلام، الأمر الذي أثار امتعاض السكان الذين اعتبر الكثيرون منهم أن هذه القوات تعاملت بانتهازية مع هذه الأحداث ولم تتدخل إلا بعد انتفاضة الأهالي ضد مجموعة اللحام وأن تدخل الفيلق الخامس كان لحماية هذه المجموعة عملياً.
وكان اللحام خرج مع قوافل المهجرين إلى الشمال السوري ضمن اتفاقية التسوية منتصف عام 2018، ووصل إلى اسطنبول في تركيا ليتم اعتقاله من قبل الأمن التركي لأسباب بقيت مجهولة، ثم تم إطلاق سراحه ليعود إلى سوريا ويستقر في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، قبل أن يعود إلى مسقط رأسه في أم ولد من خلال تنسيق مباشر مع الأمن العسكري.
المصدر: المدن