
شهدت العاصمة السورية دمشق، واحدة من أعنف الهجمات الإرهابية منذ سنوات، بعدما فجر انتحاري نفسه داخل كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة شرق المدينة، ما أدى إلى سقوط أكثر من 25 شهيداً وعشرات الجرحى، وفق ما أفاد به شهود عيان لـ”المدن”.
وبحسب المعلومات الأولية، اقتحم الانتحاري الكنيسة أثناء قداس حضره عدد كبير من أبناء الطائفة المسيحية، وأطلق النار عشوائياً على المصلين قبل أن يفجر نفسه بواسطة سترة ناسفة، ما أدى إلى مذبحة داخل الكنيسة ودمار واسع في محتوياتها.
من جهته، قال الأب ملاطيوس شطاحي، إن “السكوت عن ما كان يُوصف بأنه مجرد أحداث فردية هو ما قادنا في النهاية إلى هذه الكارثة”، وأضاف: “بدأنا نسمع أصوات إطلاق نار خارج الكنيسة استمرت نحو دقيقتين، قبل أن تنتقل إلى الساحة الداخلية، ثم فوجئنا بشخصين يدخلان إلى الكنيسة وهما يرتديان حزامين ناسفين، وفجرا نفسيهما أثناء القداس المعتاد يوم الأحد”، وأوضح أن عدد الحضور في القداس عادةً ما يتراوح بين 400 و500 شخص.
ولم يوضح الأب شطاحي ما إذا كان منفذو التفجير هما وحدهما من أطلقا النار، أم أن هناك عناصر أخرى كانت تدعم الهجوم من الخارج، في ظل الغموض الذي يلف تفاصيل العملية ودوافعها الدقيقة حتى الآن.
تنظيم داعش متهم
وفي بيان رسمي، أعلنت وزارة الداخلية السورية أن “انتحارياً يتبع لتنظيم داعش الإرهابي أقدم على الدخول إلى كنيسة القديس مار إلياس في حي الدويلعة، حيث أطلق النار على المتواجدين، ثم فجر نفسه بواسطة سترة ناسفة”.
وفي إطار المتابعة الأمنية العاجلة، توجه قائد الأمن الداخلي في محافظة دمشق، العميد أسامة محمد خير عاتكة، إلى موقع الانفجار الذي وقع داخل كنيسة القديس مار إلياس، وذلك للاطلاع على مجريات التحقيق الأولية ومتابعة التدابير الميدانية المتخذة في المنطقة، وفق ما أفادت به مصادر أمنية رسمية.
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر أمني أن سيارات الإسعاف هرعت إلى الموقع ونقلت الضحايا إلى مشافي العاصمة، في وقت انتشرت فيه قوى الأمن الداخلي بشكل كثيف وأغلقت كافة الطرقات المؤدية إلى الحي، كما شرعت في تمشيط المنطقة خشية وجود متفجرات أو مخططين آخرين.
وقال مراسل “سانا” إن المشاهد داخل الكنيسة كانت “صادمة”، إذ تناثرت بقع الدماء والمقاعد الخشبية، بينما أظهرت صور ومقاطع فيديو تم تداولها عبر وسائل التواصل أشلاء بشرية وأجساداً ممزقة، في مشهد وصفه الأهالي بأنه “مرعب وغير مسبوق منذ سنوات”.
وأعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، الحداد الرسمي وتنكيس الأعلام لمدة ثلاثة أيام، على أرواح شهداء كنيسة مار إلياس، في إشارة إلى حجم الفاجعة التي ضربت أحد أبرز أحياء العاصمة ذات الغالبية المسيحية، وفي رسالة تضامن مع عائلات الضحايا.
حصيلة ثقيلة.. ونداء استغاثة طبي
وقال شهود عيان لـ”المدن” إن عدد الشهداء يتجاوز 25 شخصاً، مشيرين إلى أن بعض الجثث لا تزال مجهولة الهوية بسبب شدة الانفجار، وأشارت وكالة “سانا”، إلى إرتفاع عدد الضحايا إلى 20 شهيداً، واصابة 53.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل أن المشفى الفرنسي القريب من مكان التفجير، وجّه نداء عاجلاً للتبرع بالدم من أجل إنقاذ الجرحى، في ظل وجود عدد من المصابين في حالات حرجة داخل غرف العناية المشددة.
تهديدات إرهابية مستمرة
ويمثل هذا الهجوم أول عملية إرهابية كبيرة في دمشق بعد سقوط نظام الأسد، حيث كانت العاصمة قد شهدت هدوءاً نسبياً في الفترة الماضية، بعد سلسلة من الإجراءات الأمنية المكثفة وانحسار رقعة سيطرة التنظيمات المتطرفة.
لكن الهجوم يعيد إلى الواجهة خطر الخلايا النائمة التابعة لتنظيم “داعش”، الذي رغم هزيمته الميدانية في مناطق واسعة من سوريا، لا يزال يحتفظ بقدرات لوجستية محدودة داخل مناطق حضرية أو عبر الصحراء السورية، حيث ينشط بين مثلث دير الزور–حمص–الرقة.
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت في وقت سابق هذا العام من أن التنظيم “يعيد ترتيب صفوفه في سوريا والعراق”، مستفيداً من تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية، وفشل جهود المصالحة الوطنية أو إعادة الإعمار في كثير من المناطق، لا سيما في محيط البادية السورية.
المصدر: المدن