أين نقف من الحرب على إيران؟

معقل زهور عدي

أكتب هذا المقال وشبح توسيع الحرب على إيران بانضمام الولايات المتحدة إلى اسرائيل يلوح في الأفق بينما تبتعد الحلول السلمية بقدر ما تصر اسرائيل على نصر كامل وتصر الولايات المتحدة على استسلام إيران بدلا من التوصل لاتفاق سياسي معها.

أبادر للقول إن العاطفة دائما ما تكون الدليل السيء في السياسة , ومهما كانت ذاكرتنا متخمة بشرور التدخل الايراني في سورية ودور ذلك التدخل في تشجيع النظام البائد على محاربة الشعب وتأمين متطلبات تلك الحرب القذرة الوحشية والتي وصلت لتشكيل ميليشيات طائفية شيعية إضافة لحزب الله بعشرات الألوف سوريين وعراقيين وأفغان وايرانيين وتمويلها وتسليحها وزجها لإخضاع الشعب السوري والتمادي في التدخل والذي وصل لمحاولة إجراء تغيير ديموغرافي لسورية والسيطرة على القرارات الأمنية والسياسية كل ذلك صحيح لكن عليه أن لايمنعنا اليوم من النظر بعقلانية لما تحمله الحرب على ايران من نتائج استراتيجية على نطاق المنطقة وعلى سورية بصورة خاصة .

مازالت الحرب حتى الآن تدور ضمن حدود ضربات متبادلة تحاول فيها اسرائيل دون جدوى – حتى الآن – تدمير المفاعلات النووية الايرانية وتدمير ما تقدر على تدميره من الصواريخ البالستية ومصانعها ومنصاتها وهذه المحاولة الأخيرة ( تدمير الصواريخ ومصانعها ومنصاتها )  لاتعني أن ايران غير قادرة على استعادة بناء مايتم تدميره خلال فترة زمنية ليست بعيدة , بالتالي فهي ليست سوى هدف مكمل للحملة الجوية بينما الهدف الحقيقي هو تدمير المفاعلات النووية .

خلال الأيام السابقة كانت هناك تقديرات متضاربة للضرر الذي أصاب المفاعلات النووية , لكن أغلب تلك التقديرات تميل إلى  حدوث أضرار محدودة قابلة للاصلاح خلال مدة قصيرة , والسؤال هنا : ألم تكن اسرائيل تعرف أن ليس بمقدورها وحدها تدمير المفاعلات النووية ؟

والجواب لايحتاج لكثير من التفكير : نتنياهو راهن على تدخل الولايات المتحدة خلال الحرب , وكما تابعنا الموقف الأمريكي فقد كان ينزاح ببطء كل يوم من مجرد إعطاء ضوء أخضر لاسرائيل لشن هجومها الكبير وصولا للتسريبات اليوم بأن الولايات المتحدة قد اتخذت بالفعل القرار بالتدخل إلى جانب اسرائيل والهدف تدمير المفاعلات النووية وربما تغيير النظام السياسي الايراني بالقوة .

صحيح أن هناك شيئا من السيولة في الوضع العام للحرب بحيث لن يكون مستغربا تراجع الولايات المتحدة ودخول وسطاء على خط الأزمة , لكن الاحتمال المرجح هو أن تقوم الولايات المتحدة بتدمير المفاعلات النووية أو أحدها على الأقل لدفع ايران نحو الاستسلام للشروط الأمريكية في التخلي عن البرنامج النووي تحت تهديد تدمير باقي المفاعلات واحدا بعد الآخر .

أما تراجع الولايات المتحدة عن التدخل فسوف يعني انتهاء الحرب دون تحقيق أهدافها المعلنة وهو بمثابة هزيمة ضمنية لتنياهو سوف تضاف لهزيمته في عدم القدرة على حسم حرب غزة خلال مايقارب السنتين من الحرب .

في الحالة الأخيرة وبعد انتهاء الحرب وانقشاع غبارها سوف يتذكر الرأي العام الاسرائيلي الثمن الذي دفعته اسرائيل من دمار , وما ظهر من عجز الأنظمة الدفاعية مقابل أحدث طبعة من الصواريخ الايرانية فرط الصوتية , وعوامل الضعف الاستراتيجي في وضع اسرائيل الكامنة في صغر مساحتها وكثافة تموضع كل الفعاليات الحربية والصناعية والسكنية ضمن مثلث القدس تل أبيب حيفا بحيث أن التمكن من الوصول لتلك البقعة الجغرافية الصغيرة جدا بالقضف الصاروخي بصواريخ محملة برؤوس متفجرة من الوزن الثقيل قد يصبح قريبا من خطر القنبلة النووية إن لم يكن الآن فخلال مدة قصيرة .

فشل اسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة للحرب، وخسائرها التي لم تعتدها سابقا في تدمير مناطق سكنية ومنشآت هامة سوف يدفع نتنياهو نحو الوراء ويدفع العقل الاسرائيلي المغيب بفعل طبول الحرب ووعود النصر إلى استعادة شيء من دوره مثلما تفعل الهزائم دائما وهذا سوف سيكون لصالح المنطقة وسورية أيضا.

أما إذا تدخلت الولايات المتحدة في الحرب ودمرت المفاعلات النووية، فثمة سؤال كبير: هل يمكن إنهاء الحرب والسيطرة على إيران بعد ذلك بإنهاء النظام؟

فإذا لم يكن ذلك متاحا فالمنطقة بأسرها سوف تدخل في مرحلة خطرة لأمد غير معروف.

أيضا فإن تحطيم إيران وربما تفكيكها على حساب انتصار عسكري أمريكي – اسرائيلي سوف يعتبر انتصارا للنزعة الحربية العدوانية لإسرائيل تحت قيادة نتنياهو وربما يعاد تشكيل حلف اسرائيلي أمريكي يفرض على المنطقة ما سماه نتنياهو بالشرق الأوسط الجديد والذي يعني استكمال احتلال غزة وتهجير سكانها وضم الضفة الغربية وربما احتلال أجزاء من سورية وتقسيمها وجعل الاردن الدولة الفلسطينية الموعودة أو تهجير الفلسطينيين عبر العالم كما حدث لعشرة ملايين سوري ذات يوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى