في اليوم الثالث.. إسرائيل تفرض هيمنة على أجواء طهران وإيران تلوح بالتصعيد البحري

في اليوم الثالث من التصعيد العسكري غير المسبوق بين إسرائيل وإيران، تتسارع وتيرة التطورات الميدانية والتصريحات الرسمية، في ظل مؤشرات على رغبة الطرفين في الدخول بمرحلة جديدة من المواجهة المباشرة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه شن هجمات مكثفة على مواقع متعددة داخل إيران، شملت العاصمة طهران، بمشاركة أكثر من 70 طائرة حربية استهدفت أكثر من 40 هدفاً عسكرياً، من بينها منشآت دفاع جوي ومنشآت نووية في أصفهان ونطنز. وصرّح المتحدث باسم الجيش بأن الضربات “أزالت عدة تهديدات”، مؤكداً أن الطائرات الإسرائيلية باتت تحلق بحرية في الأجواء الإيرانية من غرب البلاد حتى طهران، ومشيراً إلى أن “طهران لم تعد تتمتع بالحصانة، والطريق إلى العاصمة بات معبّداً”.

وفي تصريحات لشبكة NBC، أكد مسؤول عسكري إسرائيلي أن البرنامج النووي الإيراني “تضرر لكنه لم يُدمّر”، مشيراً إلى أن إصلاح الأضرار في منشأتي أصفهان ونطنز قد يستغرق أسابيع. وفي تصريح آخر نقلته “فوكس نيوز”، كشف مسؤول إسرائيلي عن تدمير 40 نظام دفاع جوي إيراني، لافتاً إلى أن “المزيد من الضربات متوقعة خلال الساعات والأيام المقبلة”.

وشدد الجيش الإسرائيلي على أن أنظمته الدفاعية الجوية أسقطت العديد من الصواريخ والطائرات المسيّرة، لكنه أقر بأنها “لا تعمل بنسبة 100%”. كما أشار إلى أن الخطر الأكبر حالياً على الجبهة الداخلية يتمثل في احتمال استخدام إيران للصواريخ الباليستية، بينما توقعت هيئة البث الإسرائيلية أن تشن طهران موجة جديدة من الهجمات مساء اليوم السبت.

وأضاف المتحدث باسم الجيش أن إسرائيل “لا تتحرك وحدها”، بل لديها شركاء دوليون في المجهود الحربي، دون الكشف عن تفاصيل.

إيران تتوعد بالرد وتلوّح بإغلاق مضيق هرمز

من جانبها، أعلنت إيران تعليق المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، معتبرة أن استمرار “السلوك الهمجي الإسرائيلي” أفقد الحوار أي معنى، خصوصاً في ظل ما وصفته الخارجية الإيرانية بـ”الدعم الأميركي المباشر للعدوان على المنشآت النووية”.

وفي تصريحات اليوم السبت، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن بلاده “عازمة على استخدام حقها المشروع في الدفاع والرد بالمثل”، متهماً واشنطن بتوفير الغطاء السياسي والعسكري للهجمات الإسرائيلية. واعتبر أن قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحق طهران “شكّل ذريعة لهذا العدوان”.

وعلى الأرض، أعلن الجيش الإيراني أنه أسقط طائرة حربية إسرائيلية من طراز F-35 غربي البلاد، مشيراً إلى أن الطيار الإسرائيلي قفز من الطائرة ولا يزال مصيره مجهولاً. وعلى الرغم من النفي الإسرائيلي، أكدت طهران أنها فتحت تحقيقاً لكشف مصير الطيار.

في السياق ذاته، نقلت وكالة “رويترز” عن أعضاء في البرلمان الإيراني أن طهران تدرس “بجدية” إغلاق مضيق هرمز، في خطوة قد تترك تداعيات اقتصادية وأمنية كبيرة على المنطقة والعالم، نظراً لأهمية المضيق كمعبر لنحو ثلث إمدادات النفط العالمية.

من جهتها، حمّلت الخارجية الإيرانية الولايات المتحدة والغرب مسؤولية تفاقم الأزمة، مؤكدة أن الداعمين لإسرائيل “انحدروا بوعي إلى مستوى الشركاء في جرائمها اليومية”، وأن “العدوان على المنشآت النووية والمناطق السكنية يمثل خرقاً صارخاً للقانون الدولي”.

وفي الوقت ذاته، تتزايد الدعوات داخل لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني لاتخاذ مواقف أكثر حسماً، من بينها تعليق الحوار مع واشنطن و”الرد القاسي” على إسرائيل، ما ينذر بمزيد من التوتر والانزلاق نحو مواجهة إقليمية مفتوحة.

دعوات دولية للتهدئة وتحذيرات من حرب شاملة

توالت ردود الفعل الدولية عقب التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، وسط مخاوف متزايدة من تداعيات المواجهة على الأمن الإقليمي والعالمي. وتباينت المواقف بين التحذير والدعوة للتهدئة، والدعم الصريح لأحد طرفي الصراع.

في الولايات المتحدة، أعرب السيناتور الديمقراطي كريس كونز عن أمله في ألا تستهدف إيران القواعد أو المصالح الأميركية في المنطقة، مؤكداً في تصريحات صحفية أن “جميع التقييمات تشير إلى أنه لا يمكن إنهاء البرنامج النووي الإيراني بالوسائل العسكرية”، في إشارة إلى أهمية المسار الدبلوماسي.

وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤول أميركي أن واشنطن لا تزال مهتمة بعقد محادثات مع إيران يوم غد الأحد بشأن برنامجها النووي، نافياً صحة الأنباء التي تحدثت عن أن هذه المفاوضات كانت “خدعة” أو تهدف لتضليل طهران.

في المقابل، كشفت مصادر مطلعة لموقع “ميدل إيست آي” أن واشنطن زوّدت إسرائيل سرّاً بمئات من صواريخ “هلفاير” قبيل الهجوم على إيران، ما أثار جدلاً حول مدى علاقة الولايات المتحدة أو علمها المسبق بالتصعيد، رغم استمرار المساعي الدبلوماسية.

أما على الصعيد الإقليمي، فقد أعلن وزير الدفاع الباكستاني دعم بلاده الكامل لإيران، مؤكداً أن إسلام آباد “تقف إلى جانب جارتها بكل الطرق الممكنة وبكل ما أوتيت من قوة”. وفي موقف آخر، حذّر العاهل الأردني من أن “الهجوم الإسرائيلي على إيران ستكون له تبعات خطيرة على استقرار المنطقة”، مشدداً على ضرورة ضبط النفس.

من جهته، دعا بابا الفاتيكان إلى تغليب لغة السلام، معتبراً أن “لا أحد يجب أن يهدد وجود الآخر”، مشدداً على أهمية دعم الحلول السياسية والمصالحة بدلاً من الانخراط في نزاعات جديدة.

أما العراق، فقد طلب رسمياً من طهران عدم استهداف المصالح الأميركية على أراضيه، في محاولة لتجنيب البلاد الدخول في أتون صراع قد يهدد أمنه الداخلي الهش.

وبينما يشتد التصعيد، تظل المواقف الدولية منقسمة بين السعي إلى حل سياسي والدعوة إلى الردع أو حتى تقديم الدعم العسكري، ما يعكس حجم التوتر وتعقيد الحسابات الجيوسياسية في هذه المرحلة الحرجة.

المصدر: تلفزيون سوريا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى