
في السياسة , لا توجد حلول مثالية , كما في الأدوية, كل دواء له تأثيرات جانبية , وضعنا يشبه وضع مريض ضمن العناية المشددة , هناك في الداخل لدينا ثلاث قوى لا يستهان بها تعمل لهدم الدولة وتقسيم سورية قسد التي لديها مايزيد عن مئة الف مقاتل مدربين جيدا وأسلحة حديثة تتضمن كل أنواع الأسلحة بما في ذلك الدبابات وأحدث طراز من طائرات الدرون , وتتحرك في مساحة واسعة أمنت لها وضع خطط دفاعية لايستهان بها بما في ذلك الأنفاق مستفيدة من تجربة غزة , لاينقصها سوى استمرار الغطاء الغربي , أما الغطاء الاسرائيلي فموجود , وفلول النظام الذين مازالوا يخططون لمواجهات ابتداء من المشاغبات السياسية الدولية مرورا بتشكيل مجموعات تنفذ حرب عصابات في الساحل لتجعل الوضع هناك غير آمن وغير مستقر وصولا لمواجهة عسكرية شاملة حين تتوفر الظروف بالتشارك مع قسد ومع تيار الهجري جنوبا ومع فلول النظام الايراني بما في ذلك حزب الله وربما مع تواطىء روسي .
وفي الجنوب أصبح لدينا ميليشيات بعشرات الألوف تمتلك أسلحة ثقيلة ودبابات وصواريخ ضد الدرع وكل ما يخطر ببالك مع تعبئة طائفية أقنعت الكثيرين أن حربا قادمة لابد منها لانتزاع مكانة متميزة للطائفة لم تحظ بها منذ استقلت سورية أو الانفصال وإنشاء دويلة برعاية اسرائيل مع ضم الجولان وربما جزء من لبنان والاردن . وهذا بالطبع ليس رأي الغالبية من أهالي السويداء لكنه رأي أصحاب القرار اليوم .
المواجهات العسكرية للقوى الثلاث خاصة حين تجتمع وتنسق فيما بينها وتحصل على غطاء غربي – اسرائيلي ليست كما يتصور البعض كمجرد نزهة تنتهي خلال أيام , بل ربما تطول وتستهلك كل قوة الدولة الوليدة محدودة الموارد والامكانات بعد أن دمرت اسرائيل ماتبقى من قوتها العسكرية .
ولايشبه ذلك في شيء ماقامت به هيئة تحرير الشام في كانون الأول الماضي .
وفوق هذا كله فقد كان واضحا أن اسرائيل أصبحت مصممة على تنفيذ تقسيم سورية ضمن مسارين متوازيين , الاستمرار في القصف الجوي والاختراق البري لابقاء سورية ساحة مفتوحة لاتتمتع بالاستقرار والأمان والاجهاز على أي محاولة للنهوض ودعم سياسي وعسكري ومالي للقوى الانفصالية خاصة في الجنوب وفي الجزيرة , أما فلول النظام فقد أعلن بعضهم صراحة أنهم يريدون دعم اسرائيل .
ماهي بيضة القبان التي يمكن أن تعادل وتزن هذه القوى المدعومة اسرائيليا في الظاهر ومن غير اسرائيل في الباطن ؟
وحدها سياسة ذكية تفكر خارج الصندوق بعقل وطني حر وبفهم صحيح لتوازنات القوى , وهذا مافعله ويفعله الشرع تماما .
عندما تكون سورية في غرفة العناية المشددة ويكون مصيرها على المحك لامعنى للمساومة في ثمن الدواء وأعراضه الجانبية .
الحمقى فقط يظنون أن رفع العقوبات الاقتصادية جاء بلاثمن , والحمقى فقط يظنون أن سورية قادرة مع العقوبات على النهوض , والحمقى فقط يظنون أن اتباع سياسة دونكيشوتية ضد أمريكا ستوصل لأي نتيجة سوى دعم المشروع الصهيوني لتقسيم سورية .
عقلية مزاودات سياسية غبية كعقلية حماس كفيلة بسحب سورية لهاوية كهاوية غزة .
المصدر: صفحة معقل زهور عدي