الرياح الطائفية ومسؤوولية النخب

معقل زهور عدي

عندما تنزاح النخب السورية كل إلى طائفته لايبقى في الميدان غير الطائفيين الأصليين فيصبحون هم أصحاب الكلمة العليا والرأي المسموع , وتحتشد وراءهم الجموع التي كوتها الطائفية بنارها منذ أن قرر حافظ الأسد أن أفضل طريق لبقائه في السلطة هو استخدام العصبية الطائفية العلوية مع إضافة نكهات مثل حزب البعث وفريق من تجار دمشق وحلب وفريق من شيوخ دمشق ولمسات أخرى من هنا وهناك .

لكن ذلك السياق تحول تدريجيا من كونه وسيلة لحماية النظام السياسي كيلا يصيبه ما أصاب كل الأنظمة السياسية التي سبقته في سورية إلى كونه جوهرا وهدفا بحد ذاته , وترسخ ذلك حين غاب مؤسس النظام وتسلم مكانه ابنه الذي أتاح ضعفه وظروف السياسة العالمية المتغيرة صعود الطائفية لسطح الدولة كبديل عن الانتماءات الايديولوجية أولا ثم الوطنية السورية ثانيا .

وحين انفجر الشعب بوجه النظام عام 2011 استسلم النظام للرياح الطائفية لتقود سفينته التي أصبحت تهددها الأمواج المتلاطمة .

خلال أربعة عشر عاما من القتل والابادة والتهجير والتعذيب الذي يصعب وصفه أصبحت الطائفية سيدة الموقف في سورية فهل هناك شيء غير عادي في أن لا تخمد ريحها المسمومة بعد اسقاط النظام .

لنكن واقعيين نحن بحاجة لنخب سورية قادرة على الارتفاع فوق الطائفية نحو الوطنية السورية لاحتواء الرياح الطائفية وتقديم البديل في الواقع وليس من خلال الشعارات الكاذبة التي تنحل وتذوب بمجرد أن تترك مكاتبها ونظاراتها وتخرج نحو الشارع الذي تعشعش فيه الطائفية .

ومن خطاب وطني ديمقراطي الى خطاب نصف وطني نصف طائفي إلى انغماس كامل في الحالة الطائفية لكن مع بقاء لافتة عليها علم صغير لسورية .وعلم كبير للطائفة .

لاينطبق ذلك على طرف دون طرف ففي الطائفية كلنا طائفيون .

وكل مثقف كنت تحسبه وطنيا يصبح همه الدفاع عن طائفته بالطريقة التي وصفها الشاعر : ” وما أنا إلا من غزية إن غوت &&&غويت وإن ترشد غزية أرشد “

هل ننتظر جيلا جديدا بعقل جديد مختلف ؟ وماذا إن تأخر ظهور مثل ذلك الجيل أو انتقلت إليه عدوى أمراضنا المزمنة .

بعد ما رأينا وسمعنا ممن كانوا يحتلون مكان الطليعة الوطنية العلمانية المعارضة للنظام السابق وكيف تسللوا في الظلام نحو طوائفهم ليسجدوا أمامها لم أعد قادرا على تصور أن يكونوا جزءا من الحل .

ربما يأتي الحل من وعي وطني من الناس العاديين يخرج مفاجئا للجميع كما تفاجأنا جميعا بسقوط النظام بينما كانت نخبنا تعول على التنوير الفكري الذي لابد منه حسب رأي البعض كمرحلة تاريخية تمهد للتغيير وإسقاط النظام .

تعليق واحد

  1. عندما تنزاح النخب الوطنية السورية كُلٍ لطائفته يبقى بالميدان الطائفيين الأصليين ويصبحون هم أصحاب الكلمة العليا والرأي المسموع , وتحتشد وراءهم الجموع، لذلك تقع المسؤولية على هذه النخب لتفادي الكارثة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى