
صدرت رواية من شام الى شام للكاتب الاسمر البطحيش عن دار بسمة للنشر الالكتروني .
تبدأ الرواية التي هي أقرب إلى سيرة ذاتية بدء من تعريف الكاتب لنفسه بأنه مغربي – سوري وأن والده السوري الذي كان قد غادر سورية منذ سنوات الثمانينات هربا من بطش النظام السوري الساقط. وذلك اثر الصراع بين النظام والقوى السياسية المعارضة السورية وخاصة الإسلامية منها. والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من السوريين من عنف النظام وبطشه.
انتقل والد الاسمر بطحيش بين دول عربية وغربية عدة وكان أهمها السعودية. وكانت له أعمال تجارية جعلته يعيش في حالة مادية جيدة. وكان مزواجا، فقد تزوج عدة مرات وأنجب منهن الأولاد، وطلق اغلب زوجاته ، وكانت ام الأسمر المغربية من زوجاته التي انجبت الاسمر واخا اكبر منه. كان استقرار عائلة الأسمر في حلب مدينة والده الاصلية.
كانت معاناة الاسمر أن والده تزوج أمه وهو في عمر السبعين تقريبا وهي في العشرينات وكان مريضا بالسرطان وسرعان ما توفي وعاش الاسمر وأخيه يتيمان مع والدته في حلب مستفيدين من إرث حصلوا عليه ريثما يكبر الاسمر وأخيه ويصبحوا منتجين ويخوضون غمار الحياة.
حصلت الثورة السورية في ربيع عام ٢٠١١م على اثر الربيع العربي. وتحرك أغلب السوريين في تظاهرات سلمية لمواجهة استبداد وظلم وفساد وقمع النظام الساقط.
تأخرت حلب بالانضمام الى الثورة السورية. وبدأت في أريافها وانتقلت إلى المدينة وحصل صراع بين فصائل الجيش الحر والنظام وادى لتحرير بعض أحياء حلب الشرقية. وادى ذلك الى اعتماد العنف العسكري الباطش عبر القصف بالطيران والبراميل المتفجرة.
كان الاسمر وأخيه ووالدته يسكنون في أحد تلك الأحياء وكان هو وأخوه في سن قريبة للتجنيد. وكان النظام قد بدأ بسحب الشباب للجيش ليقاتل عبرهم الشعب السوري، يكونوا وقودا في حطب حربه على الشعب بدمائهم.
قررت عائلة الاسمر أن تغادر حلبا انقاذا لانفسهم من الموت او اجبار التحاق الاسمر واخيه بالجيش. كان الاسمر وعائلته متعاطفين مع الثورة السورية وحق السوريين بالحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية. لكنهم خافوا من دفع فاتورة القتل التي اعتمدها النظام السوري. لقد كان بعض إخوته من زوجات ابيه السابقين واولاد عمومه قد التحقوا بالثورة وفصائلها المقاتلة واستشهد بعضهم وتم اعتقال البعض.
غادر الاسمر وأخيه وأمه حلب الى الشمال السوري المحرر دون الاستحصال على الوثائق الثبوتية من جوازات وغيرها. خوفا من وقوعهم في قبضة الأمن السوري.
وصلوا الى الحدود التركية السورية. دخلوا الى تركيا بعدما قدموا المال للمهربين. وتوجهوا الى اسطنبول ومن هناك توجهوا إلى القنصلية المغربية التي رحبت بهم وساعدتهم وقدمت أوراق ثبوتية للوالدة وساعدوهم للسفر الى المغرب. حيث وصلوا الى هناك والتقوا بعائلة والدتهم ووجدوا الاحتضان المطلوب.
في المغرب تابع الاسمر الدراسة مع أخيه وحصل مع اخيه على الجنسية المغربية مستفيدا من جنسية والدته. وهناك وبمرور السنوات قرر أخاه أن يستفيد من كونه سوري ايضا وقرر ان يلتجئ الى اوروبا ويبدأ حياة جديدة. وهكذا حصل.
بقي الاسمر مع والدته في المغرب مكملا دراسته ومع مرور السنين استعاد ذكرياته مع حبيبته شام وكيف لم يستمر حبهم المتبادل الذي كان أقرب للمراهقة.
وتطورت الأحوال في سورية في أواخر عام ٢٠٢٤م استطاعت قوى الثورة أن تسقط النظام المستبد المجرم. وقرر الاسمر أن يعود زيارة الى سورية بعد انتصار ثورتها.
عاد وانتقل من مدينة الى اخرى زار قبر الشهيد عبد الباسط الساروت وساحة الساعة في حمص. وشارك السوريين فرحتهم في كل المدن التي زارها وخاصة دمشق وحلب.
وهكذا تختتم الرواية مسار حياة الاسمر البطحيش بفرحته بالنصر وأنه ينوي بعد استقرار أوضاع سورية بعد انتصار ثورتها وشعبها أن يعود مع والدته الى مسقط رأسه ومدينته حلب ليستمر بالعيش في بلاد ولد فيها ويحس بالانتماء لها ويعتز بها بعدما أسقط الثوار النظام المجرم وبدؤوا ببناء حياة أفضل لكل أبنائها.
في التعقيب على الرواية اقول:
نحن أمام رواية أخرى تتحدث عن الثورة السورية من خلال واقع حال عائلة سورية عاشت في شروط متنوعة سواء في مرحلة النظام الساقط او بعدما سقط النظام وبدأت سورية تعيش حريتها وتتوق للعدالة وتعيش الديمقراطية سلوكا سياسيا وحياتيا وتعمل بهمة كل الشعب لصناعة الحياة الأفضل.
نعم هي قصة مشابهة لملايين القصص للسوريين الذين يتوقون للحرية والكرامة والعدالة والديمقراطي.