
في حدث أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، اتهمت مديرة منظمة “عدل وتمكين”، هبة عز الدين، فصائل في إدلب بالتورط في اختطاف نساء من مناطق الساحل السوري، وذلك في منشور نشرته عبر حساباتها، قبل أن تعود لاحقاً وتحذفه وسط موجة من التفاعلات والردود المتباينة.
مزاعم بالاختطاف
أشارت عز الدين إلى أنها التقت خلال زيارة لإدلب بسيدة لا تعرفها، ظهرت عليها مؤشرات غير مألوفة في المظهر والسلوك، ما دفعها للسؤال عن خلفيتها.
وقالت إنها علمت لاحقاً أن المرأة من قرى الساحل، وقد تم جلبها وتزويجها دون معرفة تفاصيل إضافية.
كما ادعت أنها تلقت شهادات من ناشطين وأفراد من فصائل محلية أكدوا حدوث حالات خطف مشابهة، متهمة مجموعات من “الجيش الوطني” وبعض المقاتلين الأجانب بالمسؤولية.
محافظة إدلب تتحرك ضد عز الدين
على خلفية هذه المزاعم، أصدرت محافظة إدلب، عبر توجيه رسمي من المحافظ محمد عبد الرحمن، أمراً بتحريك دعوى قضائية بحق هبة عز الدين، المعروفة أيضاً باسم هبة الحجي.
ونقلت صحيفة “الوطن” ومصادر رسمية أخرى أن الدعوى جاءت بعد تداول تسجيلات صوتية منسوبة لعز الدين، تتضمن تصريحات مسيئة بحق النساء المنقبات، اعتُبرت “تحريضاً ضد القيم الاجتماعية والدينية”.
من جهته، قال مهند اليماني، أحد مسؤولي إعلام محافظة إدلب، في تصريح اطّلع عليه موقع تلفزيون سوريا: “السيد محافظ إدلب أعطى توجيهاً للمدعي العام في إدلب لأخذ الإجراء القانوني بحق المدعوة هبة عز الدين (هبة الحجي) وتحريك دعوى الحق العام عليها، وذلك بعد انتشار صوتية لها تحارب فيها الحجاب”.
عز الدين ترد وتتمسك بروايتها
بعد حذف منشورها، عادت عز الدين لتوضح موقفها، مشيرة إلى تعرضها لتهديدات، وإلى تواصل أحد الأشخاص من وزارة الداخلية معها لمتابعة القضية.
وقالت عز الدين رداً على انتشار صوتيات منسوبة لها بخصوص إهانة النساء المنقبات: “أنا بأكد مية بالمية أن التسجيلات مفبركة، واللي بيعرف مراكزنا، بيعرف أنه عنا موظفات ومتدربات مخمرات، ما حدا قرّب منهن، وببداية أي تدريب، منسأل كل الصبايا إذا حابات يتصوروا أو لأ، أو إذا بدن يحطوا كمامة، أو يطلعوا بوجهن. مراكزنا مفتوحة للجميع للي بدها تزورها”.
مطالب بفتح تحقيق يكشف الحقيقة
في خضم الجدل المتصاعد حول مزاعم اختطاف نساء من الساحل السوري، طالب عدد كبير من الناشطين الحقوقيين والفاعلين في المجتمع المدني الجهات المختصة بضرورة الاستماع لشهادة هبة عز الدين، مديرة منظمة “عدل وتمكين”، باعتبارها صاحبة الادعاء الأول في هذه القضية التي باتت محط اهتمام واسع في الأوساط الإعلامية والشعبية.
ورأى هؤلاء أن تجاهل هذه التصريحات أو الاقتصار على التعامل الأمني مع صاحبتها لن يفضي إلى معالجة حقيقية للمخاوف المطروحة، بل قد يعزز الشعور بانعدام الشفافية، ويزيد من فجوة الثقة بين المواطنين والسلطات، كما أكدوا أن التحقيق الجدي والشفاف هو السبيل الوحيد للوصول إلى الحقيقة وتبديد الشكوك أو تثبيتها بالأدلة.
وفي حال ثبوت صحة ما ورد في منشور عز الدين، شدد الناشطون على ضرورة محاسبة كل من تورط في عمليات الخطف أو تستر عليها، بما يشمل محاكمات علنية وفتح تحقيق موسع حول الشبكات التي يُزعم تورطها في استغلال النساء تحت ذرائع متعددة.
في المقابل، دعا آخرون إلى التعامل بصرامة قانونية مع هبة عز الدين في حال ثبت عدم صحة روايتها، معتبرين أن مثل هذه الاتهامات تمس السلم الأهلي وتثير الانقسام المجتمعي، ولا يجوز تمريرها دون مساءلة، خاصة في ظل الأوضاع الحساسة التي تعيشها سوريا ومحاولات ترميم النسيج الاجتماعي.
وبين هذين الموقفين، تبقى الحقيقة رهينة بتحقيق رسمي نزيه، يتجاوز الحسابات السياسية ويضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار، إذ يعتقد مراقبون أن فتح هذا الملف، مهما كانت نتائجه، قد يشكّل اختباراً حقيقياً لمدى جدية السلطات في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان، ويعيد رسم حدود الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة في سوريا الجديدة.
تمديد عمل لجنة التحقيق في أحداث الساحل
وأعلن الرئيس السوري أحمد الشرع في وقت سابق، تمديد عمل لجنة التحقيق في أحداث الساحل لمدة ثلاثة أشهر إضافية غير قابلة للتمديد، وذلك بناءً على طلب اللجنة.
جاء هذا القرار بعد مرور نحو شهر على تشكيل اللجنة في آذار الماضي، عقب وقوع أحداث دامية في مناطق الساحل الغربي من سوريا.
تتألف اللجنة من سبعة أعضاء، وقد كُلّفت بالتحقيق في الأسباب والظروف التي أدت إلى تلك الأحداث، بالإضافة إلى الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون، والاعتداءات على المؤسسات العامة ورجال الأمن والجيش، بهدف تحديد المسؤولين عنها.
وخلال فترة عملها، استمعت اللجنة إلى شهادات من جهات أمنية وعسكرية ومدنية، كما عقدت اجتماعاً مع اللجنة الدولية للتحقيق التابعة للأمم المتحدة في دمشق.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 172 عنصراً أمنياً وعسكرياً، و211 مدنياً، بينهم عامل في المجال الإنساني، نتيجة لهجمات نفذتها مجموعات مرتبطة بالنظام المخلوع.
وسجلت الشبكة مقتل 420 شخصاً، بينهم كوادر طبية وصحفيون، خلال العمليات الأمنية والعسكرية التي نفذتها الفصائل الموالية للحكومة.
المصدر: تلفزيون سوريا