
انطلقت في تركيا أعمال النسخة الرابعة من منتدى أنطاليا الدبلوماسي تحت شعار “تبنّي الدبلوماسية في عالم منقسم”، بمشاركة واسعة من رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية وممثلين عن منظمات إقليمية ودولية. وقد شكّل الملف السوري محوراً بارزاً في جلسات المنتدى، سواء في اللقاءات الثنائية أو على هامش الفعاليات، وذلك بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي حظي باهتمام إعلامي كبير منذ لحظة وصوله، حيث لاحقته عدسات الصحفيين والتُقطت صورٌ لحركته وتنقّلاته.
وشاركت الجمهورية العربية السورية بوفد رسمي رفيع المستوى ترأسه الرئيس أحمد الشرع، إلى جانب عقيلته لطيفة الدروبي، ووزير الخارجية أسعد الشيباني.
وشهد المنتدى سلسلة من اللقاءات الثنائية التي أجراها الرئيس الشرع مع عدد من القادة والمسؤولين، كان أبرزها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إضافة إلى لقاء مع رئيسة جمهورية كوسوفو فيوسا عثماني، التي أكدت على التزام بلادها بدعم الشعب السوري ومشاركة خبراتها في إعادة البناء، بالإضافة إلى لقاء جمعه بنظيره الأذربيجاني إلهام علييف، ورئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، في مؤشر على تحرّك سوري نحو بناء شراكات جديدة على أساس المصالح المشتركة والاستقرار الإقليمي.
من جانبه، شدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال كلمته في المنتدى، على أن أمن سوريا واستقرارها يشكّلان جزءاً لا يتجزأ من أمن تركيا، مؤكّداً أن بلاده تعمل بتوافق مع جميع الأطراف، بما فيها الولايات المتحدة وروسيا، لدفع المسار السياسي السوري، وموجّهاً تحذيراً لمن يسعى لإعادة إشعال الصراع في البلاد.
وفي موازاة ذلك، جدّد وزير الخارجية العراقي دعوته إلى تسوية سياسية شاملة تضمن وحدة سوريا وسيادتها، مشيراً إلى أن بلاده تتابع عن كثب التحرّكات الإقليمية والدولية بشأن الملف السوري.
لقاءات مكثّفة للرئيس الشرع
عكست اللقاءات التي أجراها الرئيس السوري أحمد الشرع على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي ديناميكية دبلوماسية، في محاولة لإعادة تموضع سوريا ضمن المشهد السياسي الإقليمي والدولي. فقد التقى الرئيس الشرع، رفقة وزير الخارجية أسعد الشيباني، بعدد من القادة والمسؤولين الدوليين.
وشملت هذه اللقاءات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيسة جمهورية كوسوفو فيوسا عثماني، التي تحدّثت عن القواسم المشتركة بين سوريا وكوسوفو في ما يخصّ معاناة الحرب وتحدّيات إعادة الإعمار، مؤكّدة استعداد بلادها لتقاسم خبراتها في بناء السلام والدولة. كما التقى الرئيس الشرع بنظيره الأذربيجاني إلهام علييف.
وعلى هامش المنتدى، التقى الرئيس السوري رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى جانب لقاء مماثل جمع الشرع برئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان: “جرى خلال الاجتماع استعراض علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها، وآخر التطوّرات في سوريا، ودعم دولة قطر لسوريا في مجال الطاقة، بالإضافة إلى عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، كما جدّد معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، خلال الاجتماع، دعم دولة قطر الكامل لسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها وتطلّعات شعبها الشقيق في الأمن والاستقرار”.
تصريحات بشأن الملف السوري
وجّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رسالة مباشرة إلى إسرائيل خلال كلمته في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، محذّراً من تداعيات أي تصعيد جديد في سوريا.
وقال أردوغان: “لا يمكن أن نسمح بإهدار الفرصة والثورة في سوريا، ولن نتجاهل ذلك”، مشدّداً على أن بلاده تتابع عن كثب التطوّرات في الساحة السورية.
وأضاف: “لقد عانت سوريا بما فيه الكفاية من الحرب. على من ينوي جرّها إلى مزيد من الصراع أن يحسب خطواته بناءً على ذلك”.
وأكّد الرئيس التركي أن أنقرة ما تزال متمسّكة بالحلول السلمية، قائلاً: “لا يجوز لأحد أن يسيء تفسير صبرنا أو التزامنا بحلّ القضايا من خلال الحوار”.
وختم محذّراً من مغبّة تجاهل الموقف التركي: “لا ينبغي لصمتنا أن يقود أحداً إلى أوهام خطيرة”. وأضاف: “نحن في حوار وثيق مع جميع الأطراف الفاعلة في المنطقة، وخاصة السيّد ترامب والسيّد بوتين، بشأن الحفاظ على وحدة أراضي سوريا واستقرارها”.
من جهتها، قالت رئيسة كوسوفو بعد لقائها الرئيس الشرع: “تتشارك كوسوفو وسوريا ندوب الحرب والنزوح وتحدّيات إعادة الإعمار، ولكنهما تشتركان أيضاً في التزامهما بالسلام والصمود والكرامة الإنسانية”.
وأضافت أن “كوسوفو على أهبة الاستعداد لدعم الشعب السوري ومشاركة تجربتها في عمليات بناء السلام وبناء الدولة”.
بدورها، نشرت الخارجية العراقية بياناً جاء فيه: “وزير الخارجية أكّد في منتدى أنطاليا ضرورة التوصّل إلى حلّ سياسي شامل للأزمة السورية يحفظ وحدة البلاد وسيادتها”.
وأشارت إلى أن “وزير الخارجية أكّد أن العراق يتابع عن كثب التحرّكات الإقليمية والدولية في ما يخصّ الملف السوري”.
ويقام المنتدى خلال الفترة ما بين 11 و13 نيسان في مركز مؤتمرات “نيست” بمدينة بيليك، ويؤكد على أهمية استعادة الدبلوماسية كوسيلة لحل القضايا الإقليمية والعالمية، وتقديم الحوار كأداة أساسية لمعالجة الأزمات. كما تشير التصريحات الرسمية على الموقع الإلكتروني للمنتدى إلى التحديات الناجمة عن التوترات الجيوسياسية المتزايدة، والتفاوتات العالمية، والتحولات التكنولوجية، وتؤكد ضرورة تقديم المشاركين حلولاً لهذه التحديات.
ويُعدّ المنتدى أيضاً فرصة لتسليط الضوء على المرحلة الجديدة في سوريا، بمشاركة عربية وتركية ودولية. ومن بين ممثلي المنظمات الدولية المشاركين الأمين العام لمجلس أوروبا ألان بيرسيه، والأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا فريدون سينيرلي أوغلو، بينما لا يُتوقع حضور رفيع المستوى من الاتحاد الأوروبي أو معظم دول أوروبا الغربية.
المصدر: تلفزيون سوريا