تشهد مدينة درعا البلد ومخيّم اللاجئين الفلسطينيين في محافظة درعا جنوب سوريا توتراً واحتجاجات بمشاركة العشرات من أبناء مدينة درعا البلد والمخيم، على خلفية تصاعد ظاهرة الاعتقالات، حيث قام محتجون في مخيم درعا الثلاثاء الماضي بإغلاق الطرقات المؤدية إلى المخيم، وحرق الإطارات في الشوارع، ورفعوا شعارات تنادي بإطلاق سراح المعتقلين من سجون النظام السوري، وسط استنفار أمني لقوات النظام في محيط مخيّم اللاجئين الفلسطينيين، دون تدخل يذكر منهم للسيطرة على نطاق الاحتجاجات. ودعا المحتجون إلى إطلاق سراح المعتقلين والمغيبين من أبنائهم في سجون النظام، وإيقاف الملاحقات الأمنية بحق المدنيين والسابقين في فصائل المعارضة بعد إجراء التسوية.
وقالت مصادر محلية إن سبب التوتر والاحتجاجات التي شهدها مخيم الفلسطينيين في درعا، اعتقال قوات النظام لأحد أبناء المخيم قبل أيام، حيث اندلعت احتجاجات على أثر ذلك، بهدف الضغط على قوات النظام للإفراج عن المعتقل، والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، والإفراج عن جميع المعتقلين منذ اتفاق التسوية مع النظام في درعا.
فيما وثقت «شبكة تجمع أحرار حوران» المختصة بنقل الأخبار عن محافظة درعا وريفها، 1144 حالة اعتقال في محافظة درعا منذ إبرام اتفاق التسوية بين النظام السوري والمعارضة في يوليو (تموز) من عام 2018، ووفقاً للتجمع فإن الاعتقالات شملت 453 مدنياً.
كما أن محافظة درعا تشهد منذ بدء اتفاق التسوية مظاهرات واحتجاجات شعبية تطالب بالإفراج عن المعتقلين، ورفع المطالب الأمنية، إضافة إلى أنها تشهد العديد من عمليات الاغتيال من قبل جهات مجهولة، تستهدف سابقين في فصائل المعارضة أو مقربين من النظام السوري أو حزب الله اللبناني.
في حين شهدت مدينة جاسم بريف درعا الشمالي خلال الأيام القليلة الماضية حالة توتر بين الأهالي، بعد تهديدات بنية النظام السوري اقتحام المدينة بحثاً عن مطلوبين، حيث سجلت المدينة خلال الأيام الماضية، تعزيزات عسكرية وصلت إلى أطراف المدينة، وانتشار لحواجز جديدة داخلها، استعداداً للقيام بحملة عسكرية في المدينة التي شهدت مؤخراً هجمات متفرقة على مواقع ومراكز تابعة للنظام في المدينة.
وأوضحت مصادر مطلعة من مدينة جاسم أن الأسباب التي دفعت النظام لتخطيط اقتحام مدينة جاسم، وجود أسماء لـ45 شخصا من عناصر المعارضة سابقاً معظمهم من المنشقين عن الجيش، ورفضوا الانضمام لأي تشكيل محالف للنظام منذ بدء اتفاق التسوية جنوب سوريا في عام 2018، إضافة إلى تصاعد ظاهرة الاغتيالات في المدينة، التي تستهدف شخصيات معارضة سابقاً، وشخصيات محسوبة على النظام السوري، واستهداف عناصر ومقرات النظام بشكل مستمر داخل المدينة. وبعد مفاوضات استمرّت عدة أيام بمشاركة وفد من وجهاء مدينة جاسم، وأعضاء من اللجنة المركزية للتفاوض في درعا، وقيادات من اللواء الثامن في الفيلق الخامس، تمكن خلالها الوفد المفاوض من إقناع وفد النظام السوري بالابتعاد عن خطة اقتحام مدينة جاسم، مقابل تأجيل البت في ملف المعتقلين بشكل كامل، وتسليم السلاح في المدينة، وتسوية أوضاع المنشقين والمطلوبين وعدم تعرضهم للملاحقة مستقبلاً.
وذكرت المصادر أن مدينة جاسم تلقت عدة تهديدات سابقة من النظام بنية اقتحامها في الفترة ذاتها التي اقتحم بها النظام مدينة الصنمين، إذا لم يتم تسليم السلاح في المدينة، وتسوية أوضاع المطلوبين.
ويرى مراقبون أن عمليات التدخل العسكرية التي يهدد بها النظام مناطق التسويات في درعا تأتي كحل أخير في حال فشلت الحلول الأمنية والسياسية، ويعالج كل منطقة بشكل منفصل عن محيطها، كما جرى في منطقة الصنمين قبل نحو شهرين، خاصة أن مناطق جنوب سوريا تشهد حالة فوضى وانفلات أمني غير مسبوق، منذ توقيع اتفاق التسوية في يوليو 2018، إذ إن المنطقة منذ بدء اتفاق التسوية بين المعارضة في الجنوب والنظام السوري، لم تهدأ الأفعال المناهضة للنظام فيها، وخروقات اتفاق التسوية باستمرار الاعتقالات التي طالت أغلبها عناصر سابقة في المعارضة من قبل قوات النظام، والهجمات المتكررة على مواقع النظام في المناطق التي دخلها باتفاق التسوية، حتى وصلت المنطقة إلى حالة غير مستقرة نسبياً، تحاول بها روسيا احتواء كل الأطراف والتهدئة والمحافظة على نسبة الاستقرار الحالية، لعدم انهيار اتفاق التسوية وعودة المواجهات العسكرية إلى المنطقة.
المصدر: الشرق الأوسط