أهمية الحياة السياسية لأمان واستقرار سورية

زكريا ملاحفجي

عشنا الشهر الحالي لأول مرة ذكرى انتفاضة الثورة السورية بعد التحرير، تلك الثورة التي انفجرت من أجل أهداف سياسية، من أجل الحياة السياسية التي حُرم منها السوريون منذ صعود الأسد الأب وتلاه الابن، فكانت أهداف الثورة هي أهداف سياسية، ولم تكن ثورة جياع، واليوم بعد هروب الأسد تحققت الحرية السياسية، بأن تحتفل الناس وتقول وتعبر بلا قيد بلا خوف، فالحرية السياسية تعني قدرة الأفراد على التعبير عن آرائهم بحرية، وخوض النقاشات والندوات السياسية، وحرية الصحافة والإعلام التي تضمن تداول المعلومات بحرية وتسهم في تشكيل رأي عام واعٍ، من دون خوف من القمع أو التمييز، وهي ضرورية لتحقيق الحياة السياسية، وتحقيق العدالة، والاستقرار السياسي، وتمكين المواطنين من مساءلة الحكومات وتعزيز الشفافية، وسهولة انتقال السلطة وصندوق الاقتراع.

ولا شكَّ أنّ الضرورة الملحة في سوريا الجديدة تكمن في تحديد الأولويات التي نحتاج تحقيقها، في المرحلة الانتقالية وما يليها، بدايةً من تكريس المعايير والمضامين الديمقراطية وبناء المؤسسات الدستورية، ومعالجة المشكلات المعيشية للسوريين، وتحديث الهياكل والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يفتح الأفق لتحقيق التنمية التشاركية وترسيخ الحكم الرشيد من خلال القدرات السورية والتوظيف العقلاني للموارد الاقتصادية والبشرية، إضافة إلى إصدار قانون استثمار يشجع رجال أعمال عرب وأجانب على الانخراط في إعادة بناء سوريا.

لكن لا بديل عن اعتماد الحرية أساسا للتنمية والخروج من المشكلات الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة للناس، وأساسا للدفاع عن الهويات، ووجود الحرية السياسية لا تعني وجود حياة سياسية، بل هي جزء رئيسي في تحقيق الحياة السياسية في الدولة.

فالحياة السياسية هي الركيزة الأساسية لاستقرار المجتمعات الديمقراطية وتطورها، حيث تعتمد على مدى مشاركة الأفراد في صناعة القرار وتوجيه السياسات العامة، والرقابة والمحاسبة وتحقيق العدالة، وتعد الحرية السياسية أحد أهم أعمدة الحياة السياسية، التي تضمن للأفراد حقوقهم في التعبير والمشاركة في الحكم، مما يسهم في تعزيز الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

فتتضمن الحياة السياسية جميع الأنشطة المرتبطة بإدارة الشؤون العامة للدولة، بما في ذلك الحكومات، الأحزاب السياسية، الانتخابات، والمؤسسات التشريعية. كما تشمل العلاقات بين المواطنين والسلطة، ومدى انخراط الأفراد في صنع القرارات السياسية التي تؤثر على مستقبلهم.

أكبر معوقات الحياة السياسية هو الاستبداد السياسي، والفساد السياسي، كما هو معروف، ولكن الأبرز بواقعنا اليوم بعد التحرير هو غياب الوعي السياسي من قلة الثقافة السياسية لدى المواطنين التي تؤثر سلبًا على مستوى المشاركة السياسية، فتعتبر سورية في دول المنطقة من أفقر الدول بالسياسيين للمعنى الحركي العملي للمفردة

والرقابة الشعبية عبر مجلس الشعب على السلطة التنفيذية والحاكم، ويعتبر الحاكم مسؤول أمام الشعب.

وحرية تكوين الأحزاب والجمعيات التي تمكن المواطنين من الانخراط في العمل السياسي والدفاع عن مصالحهم، والحق في الانتخاب والترشح الذي يعكس مشاركة المواطنين في الحكم ويعزز الديمقراطية.

وأكبر معوقات الحياة السياسية هو الاستبداد السياسي، والفساد السياسي، كما هو معروف، ولكن الأبرز بواقعنا اليوم بعد التحرير هو غياب الوعي السياسي من قلة الثقافة السياسية لدى المواطنين التي تؤثر سلبًا على مستوى المشاركة السياسية، فتعتبر سورية في دول المنطقة من أفقر الدول بالسياسيين للمعنى الحركي العملي للمفردة، ولابد من تعزيز الحياة السياسية والأحزاب التي تكون التدريب العملي للسياسيين وهو حجر الأساس للديمقراطية، وكذلك لابد من سبل كثيرة لتعزيز الحرية السياسية، ابتداء من الحماية القانونية والدستورية للحرية السياسية والحياة السياسية، وتشجيع المشاركة السياسية من خلال نشر الوعي السياسي ودعم منظمات المجتمع المدني، إضافة إلى ضمان استقلال الإعلام ليكون أداة فعالة في محاسبة الحكومات ونقل الحقائق.

تعد الحياة السياسية السليمة والحرية السياسية من أهم أسس تحقيق الاستقرار والتنمية في أي مجتمع. فكلما زادت حرية الأفراد في المشاركة السياسية، زادت قوة الديمقراطية وتعززت العدالة الاجتماعية، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر توازنًا وازدهارًا.

وربما تتوهم الشعوب أن مجرد لديهم حرية بالقول والتعبير أي حرية سياسية فهذا يعني لديهم حياة سياسية، والفرق بينهما شاسع وكبير، وقد ذكر كاتبي كتاب لماذا تفشل الأمم، أن الأمم التي تحوي مؤسسات سياسية قوية وكبيرة وتتمتع بحياة سياسية هي الأقوى أمام الهزات العالمية والأكثر تطوراً وتقدماً، وقدم البحث أدلة طويلة عن شعوب تمتلك نفس المناخ والثقافة والاعتقاد وغيرها، لكن بعضهم لديهم حياة سياسية ومؤسسات كبيرة وقوية فهذا محصنة من الاستبداد والفساد السياسي ومن الدكتاتوريات، قي حين الأخرى تفتقد لذلك فتبقى عرضة للفشل والتعثر والفساد، ونحن اليوم بحاجة نعزز في سورية الحياة السياسية لتكون أقوى وتزدهر وتنمو، والحياة السياسية والديمقراطية يصنعها المجتمع والنخب ويتم تحصينها دستورياً وقانونياً.

المصدر: تلفزيون سوريا

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى