الإعلان الدستوري .. رؤية للمستقبل

محمد علي صايغ

الإعلان الدستوري الذي صدر في ١٣ / ٣ / ٢٠٢٥ والذي انتظره السوريين باعتباره يرسم الخطوات الفعلية للمرحلة الانتقالية الجديدة .

في عملية تقييم الإعلان ينبغي القول أن هذا الإعلان نتمنى أن لا يكون هو القاعدة بما يتضمنه من نصوص لإنجاز الدستور الدائم للبلاد لرسم مستقبل سورية .

من الطبيعي أن تكون بعض نصوص الإعلان الدستوري فيه نصوصاً قد تمركز صلاحيات لسلطة مركزية من أجل تجاوز هذه المرحلة وما تتفاعل فيها من مخاطر ..

ولكن يبقى أنه يجب أن لا يتم التعامل مع نصوص الإعلان على الخلفية الشخصية والكارزمية لقائد البلاد ، أو على أساس حسن النية فقط والرغبة في أن يتم التحول الى سورية الجديدة القائمة على حياة ديمقراطية حقيقية والسير بتطبيق مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات من أجل عقد اجتماعي جديد يلتف حوله كل الشعب السوري .

ولكن بعض المركزية في الإعلان يجب أن لا تصرفنا إلى أن بعض نصوص الإعلان تثير التساؤل والحذر من أمتداد مفاعيلها خلال المدة الطويلة للمرحلة الانتقالية التي قد تصل إلى خمس سنوات وتؤدي إلى تثبيت نمط من الحكم بما لا يتوافق مع ما حلم به السوريين في التغيير الذي يقطع نهائياً مع الاستبداد ومولداته ..

وأهم الملاحظات في نصوص الإعلان هي :

١- المادة ١/٣ نصت على أن الفقه الإسلامي المصدر الرئيسي للتشريع .. تأكيد النص بأل التعريف على أنه المصدر الرئيسي للتشريع يعطي الفقه أولوية خاصة ، والافضل أن يكون النص : الفقه مصدر من مصادر التشريع .

هذه المادة والمادة التي سبقتها هي مادة إشكالية بين السوريين ويفترض عدم إدخالها في نص الإعلان الدستوري المؤقت ، وهي بحاجة لحوارات معمقة من أجل صياغتها بعد التوافق الوطني عليها في الدستور الدائم .

٢- المادة ٨ / ٣ التي تنص على مكافحة أشكال التطرف العنيف .. والسؤال إذا كان التطرف غير عنيف هل هو مسموح في الدولة السورية ..

كان يفترض أن لا يتم إيراد كلمة ” عنيف ” إلى جانب التطرف .

٣- المادة ٢/١٢ تنص على المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية جزء من الإعلان الدستوري بأثر رجعي ..

وكان يجب على النص أن يتضمن الإشارة إلى الاتفاقيات الدولية التي تنسجم مع هذا الإعلان ، فليست كل الاتفاقيات التي أبرمها النظام السابق لمصلحة الدولة السورية .

٤- المادة ١٨ / ٢ نصت على التوقيف والاحتفاظ بالموقوف أو تقييد حريته .. وكان يجب النص على حد أقص التوقيف لا يتجاوز ثلاثة أيام على الأكثر .

٥- غاب عن نص الإعلان فئة أصحاب الاحتياجات الخاصة وضمان الدولة رعاية خاصة لهم

٥- المادة ٢٤ / ١ تنص على أن الرئيس هو الذي يشكل اللجنة العليا لاختيار أعضاء مجلس الشعب .. وأرى أن يتم تشكيل مؤتمر وطني بعدد لا يتجاوز ال ٢٠٠ عضو يكون له المرجعية في اختيار اللجنة العليا ، والمحكمة الدستورية العليا .. الخ من أجل أن لا تتداخل الصلاحيات التنفيذية مع الصلاحيات الأخرى حفاظاً على مبدأ الفصل بين السلطات .

٦- مادة ٢٦ تنص على أن مدة ولاية مجلس الشعب ثلاثون شهراً . لكنه لم ينص على أنها غير قابلة للتمديد ، ولم ينص أيضاً على عدم جواز الإزدواج بين عضوية مجلس الشعب وأي عضو من السلطة التنفيذي ( وزير ، رئاسة البنك المركزي ، عضو لجنة دستورية ، قاض على رأس عمله ( إلا إذا جمد من منصبه حال كونه تم اختياره عضو مجلس شعب … ٧- المادة ٣٧ أعطت الحق في إبرام المعاهدات والاتفاقيات لرئيس الجمهورية دون أن يعرضها

 على مجلس الشعب للمصادقة عليها قبل نفاذها ..

٨- ٣٩ / ٢ تنص على حق مجلس الشعب بإصدار القوانين مع حق رئيس الجمهورية الاعتراض ولنفاذها يجب تحقيق الثلثين وهذه نسبة كبيرة ، خاصة إذا أخذنا بالاعتبار أن ثلث أعضاء مجلس الشعب يتم تعيينهم من الرئيس ، وهذا يعني أنه لا يمكن تمرير أي قانون يعترض عليه الرئيس إلا موافقة كاملة للثلثين الذين لم يعينهم الرئيس .

٩- المادة ٤١ هذه المادة فقط ذكرت مجلس الأمن القومي في الإعلان الذي صدر الأمر بتشكيله قبل صدور الإعلان ..ومجلس الأمن القومي نص في قرار تشكيله بأنه يختص بالبحث بالمسائل الأمنية والسياسية ، ولو أنه نص فقط على البحث في المسائل الأمنية فقط لما كان هناك مشكلة ، أما أن يبحث في المسائل السياسية ويضم في تشكيله الرئيس وثلاثة وزراء إضافة إلى مدير المخابرات فإنه يعني أنه بإمكانه أن يحل محل مجلس الوزراء ، وقد يتحول الى حكومة ظل بما يناقض مبدأ الفصل بين السلطات ..

١٠- المادة ٤٣ / ٢ تنص على المجلس الأعلى للقضاء ، دون تحديد ممن يتشكل وكيف يتشكل أو من يتخذ القرار بتشكيله

١١- المادة ٤٧ تنص على تشكيل المحكمة الدستورية العليا من سبعة أعضاء يختارهم رئيس الجمهورية ..

يفترض أن يتم اختيار المحكمة الدستورية العليا من مجلس الشعب وليس من رئيس الجمهورية .. إذ كيف ستحاكم هذه المحكمة السلطة التنفيذية وعلى رأسها رئيس الجمهورية الذي من صلاحياته تعيينها ، وأيضاً لم يتضمن النص من يملك صلاحية عزل أحد أعضائها أو عزلها بالكامل وتعيين محكمة دستورية جديدة

١٢- المادة ٥٠ تنص على

يتم تعديل الإعلان الدستوري بموافقة ثلثي أعضاء مجلس الشعب بناء على اقتراح رئيس الجمهورية

وهذا يعني بأنه لا يمكن تعديل الإعلان الدستوري باقتراح من عددمن أعضاء مجلس الشعب وموافقة نسبة محددة على التعديل من مجلس الشعب .. وحصر التعديل بحالة واحدة بناء على اقتراح رئيس الجمهورية فقط .

إن هذه الملاحظات من أجل الوقوف عندها والتدقيق فيها ، وأن تكون في الذاكرة الجمعية عند صناعة الدستور الدائم للبلاد ، فما يمكن قبوله في المرحلة الانتقالية ( وهي مدة طويلة تغطي مرحلة رئاسية كاملة في أكثر الدول ) لا يمكن قبوله بعد الانتهاء من المرحلة الانتقالية والدخول إلى تأسيس دستور دائم للبلاد عبر هيئة تأسيسية منتخبة لصناعة دستور عصري وقانون انتخابات عادل يليق بنضال السوريين وكفاحهم الطويل من أجل انتصار ثورتهم ونيل حريتهم والانتقال الى سورية جديدة تتطابق مع ما يحلم به السوريين …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى