حول الإعلان الدستوري والدستور حوار مع الدكتور حازم نهار

هبة عبد القادر الكل

ما الفرق بين الدستور والإعلان الدستوري وما صلاحية كلٍّ منهما؟

الدستور هو القانون الأعلى في الدولة، ويضع الإطار العام لنظام الحكم، ويحدد حقوق المواطنين وواجباتهم، وينظم السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، وتضعه عادة جمعية تأسيسية منتخبة، ويخضع لاستفتاء شعبي، وتكون له صفة الديمومة والاستقرار، أي لا يمكن تعديله بسهولة، وغالبًا ما يتطلب إجراءات معقدة مثل استفتاء عام أو موافقة أغلبية البرلمان.

الإعلان الدستوري هو وثيقة مؤقتة تصدر عن سلطة الأمر الواقع (مثل مجلس عسكري، أو رئيس انتقالي، أو هيئة سياسية) عندما يحدث تغيير في نظام الحكم، ويُوضع لمواجهة ظروف وأحوال استثنائية في البلد، يتألف من عدد قليل من المواد، ويسمح للسلطة الحاكمة بحكم البلاد بصورة قانونية، وإصدار قوانين تسهل أوجه الحياة في البلد إلى أن يُوضع دستور جديد. ويهدف الإعلان الدستوري إلى الحفاظ على وحدة البلاد واستقلالها وأمنها في الداخل والخارج، بحكم أن الأحوال الاستثنائية يمكن أن تهدِّد أمن البلد داخليًا أو خارجيًا. يمكن تعديل الإعلان الدستوري أو إلغاؤه بسهولة مقارنة بالدستور، لأنه لا يخضع لنفس الإجراءات الدستورية المعقدة.

يقتصر الإعلان الدستوري على تحديد سلطات وصلاحيات واختصاصات وواجبات السلطات والمؤسسات والهيئات العامة في الدولة وتنظيمها. يُحدَّد في الإعلان الدستوري مدة المرحلة الانتقالية التي سيجري خلالها إعادة بناء مستويات السلطة المختلفة ومؤسساتها وهيئاتها، حيث يُلغى الإعلان الدستوري ليحل مكانه دستور دائم جديد يصدر عن هيئة تأسيسية منتخبة.

2- الفرق بين الإعلان الدستوري والدستور المؤقت كالذي وضعه حافظ الأسد؟

يختلف الدستور المؤقت عن الإعلان الدستوري الذي يتصف بالاختصار الشديد ومهمته تسيير البلاد لفترة وجيزة ومؤقتة إلى حين عودة مؤسسات الدولة. أما الدستور المؤقت فهو دستور كامل لكنه ينص في مواده على أنه مؤقت، ويُعمل به إلى حين إصدار دستور دائم “يعمل بهذا الدستور المؤقت إلى حين إعلان موافقة الشعب على الدستور النهائي”.

يؤدي الدستور المؤقت، في مرحلة ما بعد الصراع، وظيفة مشابهة لاتفاقات السلام بعد مرحلة من الصراع، لكن يجب أن يركز أكثر على المبادئ والقيم، وعلى تنظيم مؤسسات الدولة وسلطاتها أثناء الفترة الانتقالية. ونظرًا إلى الظروف التي تصاغ فيها الدساتير المؤقتة، فإن هذه الصياغة تجري غالبًا من دون مشاركة كاملة من عموم المجتمع. ومع ذلك، ينبغي أن يشارك في العملية أكبر عدد ممكن من الجماعات السياسية البارزة، بغية تجنب العواقب السلبية المحتملة، مثل بروز أطراف معطلة جديدة.

3- وهل نحن في حاجة إلى مجلس تأسيسي لوضع دستور دائم؟ أم يكفي تعيين لجنة دستورية؟

نحن في سوريا في حاجة إلى بناء عقد اجتماعي سوري جديد، ويمكن للصيغة العملية لهذا العقد (أو الدستور) أن تأتي بإحدى طريقتين:

الأولى؛ من خلال انتخاب برلمان جديد انتخابًا صحيحًا، وفق قانون انتخاب عصري وحديث، تضعه هيئة وطنية عامة للانتخابات، مؤلفة من قضاة وأكاديميين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني. ثم يقوم البرلمان الجديد بتشكيل لجنة دستورية من الخبراء لكتابة الدستور، وبعد الانتهاء منه يخضع للتصويت في البرلمان الجديد، وفي حال الموافقة يُعرض للاستفتاء الشعبي.

الثانية؛ من خلال انتخاب جمعية تأسيسية خاصة بكتابة الدستور، ثم يُعرض على الاستفتاء العام، وفي ضوئه تُجرى الانتخابات النيابية.

لكن المهم هو الانتباه إلى أن هناك بعض القضايا الأساسية يُفترض أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها على مستوى الحقل السياسي السوري، مثل قضية اسم الدولة وطبيعة نظامها السياسي، ليكون ممكنًا كتابة الدستور من قبل الجمعية التأسيسية أو من قبل اللجنة الدستورية المنبثقة عن البرلمان المنتخب.

4- حول التسريبين الأخيرين.. الرئيس يعيّن مجلسًا تشريعيًا والرئيس هو قائد الجيش. ما رأيك؟ وهل يعتبر هذا إعادة إنتاج لتجربة الأسد الديكتاتورية؟

لا أعتقد أن إعادة إنتاج الدكتاتورية ممكنة في سوريا تحت أي ظرف ومن أي لون، حتى لو ظهرت بعض السلوكات التي توحي حاليًا بأنها محاولة لإعادة إنتاجها.

المرحلة الانتقالية مرحلة صعبة في حياة أي بلد، فكيف هي الحال في بلد مدمر على المستويات كافة مثل سوريا، وعلى الرغم من أن هناك خيارات أفضل كثيرًا كان بإمكان السلطة الحالية اتخاذها، مثل خيار عقد مؤتمر وطني سوري حقيقي يشرف على المرحلة الانتقالية بجميع قضاياها ومستوياتها، إلا أننا لا نعرف حاليًا مدى تماسك السلطة القائمة وتوافق أركانها، فقد تكون قراراتها هي حصيلة ميزان القوى في داخلها.

على العموم، فإن النقد الموضوعي والعقلاني للسلطة الحالية أمر حيوي ومهم لتخفيف المخاطر، وللحد من الآثار السلبية لقراراتها وتعميق ما هو إيجابي منها، وهذا مفيد للمجتمع السوري كله، وللسلطة ذاتها أيضًا.

إن تشكيل مجلس تشريعي مصغر من قبل رئيس الجمهورية يمكن أن تكون له دلالة على التفرد في الحكم، لكنه قد يكون أفضل ما تسمح به طبيعة السلطة القائمة والظروف الراهنة. ولذلك يصبح التركيز الأهم هو على طبيعة الشخصيات التي سيتم تعيينها، فيما إذا كانت من لون واحد أم تنتمي إلى ألوان مختلفة، وعلى مدى تمتعها بالكفاءة اللازمة، والأهم على الدور المنوط بهذا المجلس، من حيث كونه صوريًا أو فاعلًا ومالكًا للقدرة على اتخاذ القرار ومعارضة قرارات السلطة في بعض المحطات.

المصدر: موقع سناك سوري

تعليق واحد

  1. الفرق بين الدستور والإعلان الدستوري وما صلاحية كلٍّ منهم، الدستور هو القانون الأعلى في الدولة، ويضع الإطار العام لنظام الحكم، والحقوق والواجبات للمواطن، وينظم السلطات الثلاث، وتضعه جمعية تأسيسية منتخبة ويستفتىعليه شعبياً، والإعلان الدستوري يقتصر على تحديد سلطات وصلاحيات واختصاصات وواجبات السلطات والمؤسسات والهيئات العامة في الدولة وتنظيمها للمرحلة الإنتقالية، قراءة موضوعية دقيقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى