عقلية “العرس الوطني”

د- حازم نهار

يبدو أن فكرة “المؤتمر الوطني السوري” كانت عبئًا على الإدارة الجديدة، ولا تعرف كيف تتخلص منها. عملت أولًا على تخفيضها إلى “مؤتمر حوار وطني” ذي مهمة بسيطة تتمثَّل بإصدار توصيات وحسب، ومن ثم عملت ثانيًا على تمييعها بمؤتمرات مصغرة محلية أشبه ما تكون بجلسات أو جمعات “فشة خلق” و”مطالبات” و”استعراضات”، وعملت ثالثًا على تسخيفها والاستهتار بها عبر اختزال “مؤتمر الحوار الوطني العام” إلى جلسة “ورشة عمل” أو “لمة” يمكن أن تنظمها أي منظمة مجتمع مدني مبتدئة.

بقي أن نسمع، بعد عقد المؤتمر، وانتهاء أعماله عن “العرس الوطني الكبير” لتكتمل المهزلة. يبدو أننا لمَّا نغادر بعد ساحة “المؤتمرات” الكاريكاتورية التي كان ينظِّمها النظام السابق و”المؤتمرات” الفاشلة التي كانت تنظِّمها المعارضات السابقة طوال 14 عامًا..

الطريقة التي جرت بها الأمور، أكانت مقصودة أو ناتج عدم المعرفة، لا تعني إلًّا أن السلطة الحالية لا ترى شركاء لها أو لا تريدهم، ما يعني أنها لمَّا تغادر بعد “عقلية الفصيل”، وما زالت ما دون “عقلية الثورة”، وأقل كثيرًا من “عقل السلطة العاقلة”، فكيف بادعاء الانتقال إلى “عقل الدولة”.

“المؤتمر الوطني السوري الكبير الثاني” فرصة من ذهب للسلطة القائمة وللسوريين ولسوريا ينبغي لها ألَّا تضيع. وفي تاريخنا مؤتمر بهذا الوزن، قبل أكثر من مئة عام، هو المؤتمر السوري الكبير الأول” الذي أعلن تأسيس سوريا في 8 آذار/ مارس 1920، بعد أن استمرت أعماله لمدة سنة وثلاثة أشهر.

المصدر: صفحة د- حازم نهار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى