لم يكن مستغربا أن تقود السلطة الحاكمة لبنان، إلى مثل هكذا نكبة بلا مبرر إطلاقا، سلطة فاسدة مجرمة، ولاءاتها لغير لبنان وشعبه وأرضه؛ لا يمكن لها إلا أن تكون كذلك، أيّ متواطئة ضد الشعب والأرض والوطن، فلا حل لأية مشكلة كبيرة أم صغيرة، إلا بإزاحتها ومحاسبتها ومعاقبتها، ليست المشانق إلا طريقا للمحاسبة، وسبيلا الى إحياء الأمل بوطن بات شعبه بأكمله راغبا في تركه.
وحده الجيش اللبناني يتحمل مسؤولية إنقاذ الوطن، بات إنقاذ الوطن؛ الشعب والأرض والدولة فوق أي إعتبار آخر، وفوق أي هدف آخر، مهما يكن بريقه وصراخه وضجيج أصابعه، لا يمكن لوطن منهار أن يعيش قضية، أو يخدم قضية أو يواجه تحديات أو أخطارا، من أي نوع ومن أي مصدر، داخلي أو خارجي، قريب أو بعيد.
مصير الوطن ليس لعبة في سوق التعفيش، ولا خردة في بازار المزايدة، ولا طنجرة نحاس في سوق النخاسة السياسية.
المهمة الأولى والأساسية والثابتة للجيش اللبناني، ستبقى حماية الوطن والذود عن أرضه وشعبه ودولته، فهل بعد ما هو أخطر على الشعب والأرض والوطن من هكذا حال، أوصلتهم إليها السلطة الحاكمة؟!
لا يحتاج الجيش لإنقاذ وطن يحتضر إلى إذن من أحد، ولا إلى تكليف من أحد، يوم أمس دفع لبنان ثمن حرب عامة شاملة كاملة، من دون أن تكون هناك حرب.
ليس المهم أين مصدر الخطر، طالما وجد خطر يهدد الوطن في أساس وجوده؛ وجب على الجيش أن يكون منقذا، حيثما يتعذر الإنقاذ بأي وسيلة أخرى.
أليس عسكريو الجيش لبنانيون، من أبناء هذا الشعب، الذي يموت بالمجان، ومن دون هدف أو مقابل؟!
أليس الشعب هو صاحب الوطن ومالكه؟! وما قيمة أرض بلا شعب؟! وما هي قيمة وطن بلا شعب؟ وما معنى وجوده إذا ما إغترب الشعب عن وطنه، مغادرا أرضه أو بقي عليها تائها منكوبا عاجزا مستلبا جائعا؟
وحده الجيش الآن يتحمل مسؤولية الوطن، وحده يستطيع إنقاذ الوطن، فهل يستحق الشعب والوطن ما يجري لهما بأيدي عصابات من أبنائهما؛ فقدت كل مبررات بقائها ووجودها.
لقد بات واضحا أن بقاء هذه السلطة المجرمة، متلازم بتدمير الشعب والوطن، وإنهاء حياتهما معا، لم تعد سلطة فاسدة، لا أبدا، ليس يكفيها هذا، ولم يعد يفي بتشخيص واقعها وحالها وما تريد.
لقد أضحت تمثل عدوانا داخليا مستمرا على الشعب اللبناني برمته؛ بمن فيه من لا يزالوا يتوهمون بإمكانية أن تعطي شيئا مفيدا للوطن، أو أن ترفع مقتها وتوقف عدوانها على الشعب والأرض والدولة.
السلطة عدوان يومي متصاعد عليهم معا، السلطة اليوم هي قوة الإحتلال الفعلي للبنان بكل ما فيه، إحتلال غاشم حاقد على الوطن يأتمر بأعدائه؛ يمارس عدوانه عليه يوميا،وفي كل مجالات الحياة.
وهل خسائر اللبنانيين في يوم واحد/ أمس، أقل من خسائر حرب شاملة وعدوان همجي مجرم؟!
ألا يكفي كل هذا ليمسك جيش لبنان مؤسسات الدولة كافة؛ يزيح سلطة الفساد والتبعية والعدوان، يحاكمها ويعاقبها بما تستحق، يوقف عدوانها على الشعب وإحتلالها للدولة، يضع حدا للإنهيار ما قبل الموات والدمار الشامل.
إنها فرصة الجيش التاريخية للإمساك بالدولة، إنقاذا لها وللشعب الذي ينتمي إليه، وللوطن، الذي أقسم أن يصونه ويحميه ويدافع عنه، شرف الجندية لا يقبل أنصاف القيم وأشباه الحلول، الجندية شرف، والشرف لا ينقسم على إثنين أو ثلاثة، ولا يتوزع على عصبيات المصالح والطوائف والمذاهب.
شرف الجندية درع الوطن وحصنه وحصانه، فليتحمل الجيش مسؤولية اللحظة الراهنة الملحة، بإنقاذ الوطن والشعب، الذي يموت بعدوان السلطة المستمر، فليبادر الجيش اليوم وليس غدا، الى الإمساك بمسؤولية الدولة، وإزاحة سلطتها المجرمة المتواطئة.
ولسوف يكون الشعب اللبناني مع جيشه، مرحبا به متعاونا معه، وستكون كل الطاقات البشرية المخلصة والشريفة بتصرفه في كل المجالات، للبدء بورشة إنقاذ لبنان من الإنهيار، ورفع أنقاض الدمار المادي والمعنوي عن كاهل أبنائه، ونفوسهم وعقولهم وإراداتهم، مليء لبنان بالطاقات المخلصة الشريفة الحاضرة للعمل، المستعدة للإنخراط في ورشة الإنقاد حالما إنطلقت.
فليتقدم جيش لبنان العظيم، متحملا مسؤولياته، لإنقاذ أهله وناسه وشعبه وعسكريّيه أنفسهم، الفرصة التاريخية متاحة الآن وفورا، ولعلها لا تتكرر أو لا تعود إذا ما فات الأوان.
عار سيخلده التاريخ، أن يقال أليس في لبنان غير أؤلئك الفاسدين المأجورين المرتزقة، يحكمونه ويتحكمون به، فيدمرونه ويعتدون على شعبه كل يوم؟!
كان لبنان مضرب المثل العربي، في التحضر والعلم والثقافة والحيوية والتفاعل الحر الإيجابي مع العالم بأسره؛ فهل ينتهي كل هذا، ليبقى أشباه رجال مجرمون يتحكمون بمصير الشعب والوطن؟!
تقدم يا جيش لبنان، ولا تترك فرصة لليائسين المحبطين، الذين يهمسون خائفين أن يتخلى الجيش عن شعبه، ليحمي سلطة الفساد والتبعية والإجرام، أليست الأصوات التي بدأت تحمل الجيش مسؤولية السكوت عن وجود مواد شديدة الإنفجار، بكميات كبيرة في مرفأ عام، في منطقة سكنية عمرانية مكتظة، أليست أصواتا تأمل من الجيش أن يكون المنقذ للوطن، وليس عازفا أو متغاضيا عما يحيق بناسه من أخطار؟!
فليتقدم الجيش، منقذا لإعادة إحياء الوطن، وإيقاف عدوان السلطة عليه، وحتى لا تبقى جراح الشعب تنزف حتى الموت، ونكون جميعا شهود زور على موته، وحتى لا تكون فرصة لشامت، أن يقول أن جيش لبنان تخلّى عن واجبه في أحلك الظروف، وفي سويعات ما قبل الموت، حيثما كان بوسعه أن ينقذ وطنه، فلم يفعل، فلا يليق بلبنان وجيشه الأبيّ، وشعبه المتنور الغزير العطاء علما وثقافة، أن يكتب يوماً مثل هذا.
المصدر: المدار نت