أعمدة الشرع ورجالات الظل.. من يدير منظومة القيادة في دمشق؟

ثائر المحمد

يتربع أحمد الشرع على رأس خلية عمل سعى خلال سنوات الثورة إلى بنائها وتنمية قدراتها، مستعيناً بعدد من الشخصيات المقربة منه، والتي صُقلت خلال الأعوام الماضية وامتلكت الخبرات بعد خوض غمار العديد من التجارب، هذه الشخصيات تتنوع بين أذرع عسكرية واقتصادية وأمنية وإعلامية، ويبدو أن الوقت قد حان بالنسبة للشرع لحصد ثمار ما بناه وتوزيع رجالاته في المناصب الحساسة، لكن الفارق اليوم أن هذه الشخصيات ستكون أمام اختبار جديد، فعقلية الدولة بعد إسقاط النظام تختلف عن عقلية الثورة والجماعة، فهل ستكون على قدر المسؤولية، وتثبت نفسها، وتنتقل بسوريا إلى مرحلة جديدة من التطور؟ أم أن للواقع وتعقيداته رأياً آخر؟

بدأ الشرع قراراته بهذا الخصوص بتعيين أسعد حسن الشيباني وزيراً للخارجية في الحكومة الجديدة، وأنس خطاب رئيساً لجهاز الاستخبارات العامة في الجمهورية العربية السورية، فمن هم أبرز الشخصيات التي يعتمد عليها أو من المتوقع أن يعتمد عليها الشرع في المستقبل؟ وما أبرز المعلومات المتوفرة عنهم؟

أسعد حسن الشيباني وزيراً للخارجية

في 21 كانون الأول الجاري، كلّفت القيادة العامة في دمشق أسعد حسن الشيباني بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السورية الجديدة.

تشير مصادر متطابقة إلى أن الشيباني هو ذاته رئيس “إدارة الشؤون السياسية” في “حكومة الإنقاذ”، زيد العطار، وينحدر من عائلة عربية من ريف الحسكة، وكان يدرس اختصاص الترجمة في قسم التعليم المفتوح.

اتخذ الشيباني أسماء مستعارة عديدة، منها: نسيم، وأبو عائشة، وأبو عمار الشامي، وحسام الشافعي، وأخيراً زيد العطار.

وخلال رئاسته لـ”إدارة الشؤون السياسية”، التقى الشيباني بمسؤولي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الخارجية الكبرى العاملة في إدلب، إضافة إلى ممثلين سياسيين ودبلوماسيين وسواهم.

ونشرت “القيادة العامة” بروفايلاً يعرّف بالشيباني، وهو من مواليد محافظة الحسكة عام 1987، عاش في دمشق وتخرج من جامعتها عام 2009 في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها.

ووفق التعريف، الشيباني حاصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الخارجية من جامعة صباح الدين زعيم في تركيا عام 2022، ثم درجة الدكتوراه في التخصص ذاته عام 2024.

يدرس الشيباني حالياً المرحلة الأخيرة من ماجستير إدارة الأعمال (MBA)، وبحسب التعريف الرسمي، شارك الشيباني في تأسيس حكومة الإنقاذ السورية عام 2017، كما أسس إدارة الشؤون السياسية في حكومة الإنقاذ وكان على رأسها منذ بدايتها وحتى الآن.

ويتولى الشيباني حقيبة وزارة الخارجية وسط توقعات بتركيز عمله على إعادة بناء العلاقات مع الدول الإقليمية واستئناف الحوار مع الأطراف الدولية التي تقاطعت مصالحها مع الثورة السورية خلال السنوات الماضية.

أنس خطاب رئيساً لجهاز الاستخبارات

يوم الخميس الماضي، أعلنت القيادة العامة في سوريا تعيين أنس خطاب رئيساً لجهاز الاستخبارات العامة للجمهورية العربية السورية، وينحدر أنس خطاب (1987)، المعروف بـ”أبو أحمد حدود (بدران)”، من منطقة جيرود في منطقة القلمون الغربي بريف دمشق، وهو من الشخصيات البارزة في “هيئة تحرير الشام”.

يُعتبر “خطاب” من أقرب الشخصيات في “هيئة تحرير الشام” إلى أحمد الشرع، وكان نائبه الأوّل والمسؤول عن الملف الأمني في الهيئة، أحد أبرز الملفات الاستراتيجية فيها.

تشير تقارير سابقة أوردها موقع تلفزيون سوريا إلى أنّ أنس خطاب من مواليد 1987، ينحدر من بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي، وكان يدرس الهندسة المعمارية في جامعة دمشق، وفي العام 2008، غادر سوريا إلى العراق لـ”الجهاد ضد الاحتلال الأميركي” آنذاك، بعد ملاحقة الاستخبارات السورية لخلايا جهادية في القلمون الشرقي، وكانت تربطه علاقات صداقة مع بعض منتسبي الخلايا من أقرانه.

وفي العام 2012، أعلن “حدود” بيعته لـ”أبو محمد الجولاني” وانضم إلى “جبهة النصرة” (الاسم الأوّل للهيئة)، وأصبح من أقرب الشخصيات لـ”الجولاني” (أحمد الشرع)، وقد صنّفته الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة على لوائح الإرهاب الدولية خلال عامي 2012 و2014 على الترتيب.

يُعرف عن “خطاب” أنه على درجة عالية من الثقافة ويتحدّث لغتين أجنبيتين، وأنه شخص يفضّل العمل في الظل، فقبل الإعلان عن تعيينه بمنصبه، لم تُنشر له أي صورة، وتسلّم مناصب حسّاسة منذ تشكيل “جبهة النصرة لأهل الشام” في سوريا وحتّى اسمها الأخير “الهيئة”، منها الإداري العام للجبهة سابقاً، ثم نائب الجولاني ومسؤول الملف الأمني حالياً.

شغل خطاب، بصفته الرجل الثاني ونائب “الجولاني”، المنصب الأمني الأعلى في الجماعة، وأسّس جهاز استخبارات “هيئة تحرير الشام”، ثم “جهاز الأمن العام” في إدلب، لذلك، هو رجل بخبرة وخلفية أمنية/تنظيمية ومخابراتية/معلوماتية.

بحسب التقارير، يُعدّ “خطاب” الذراع الأمني الأقوى بالنسبة لـ”الجولاني”، خاصّةً بعد قرار الأخير باستئصال تنظيم “حرّاس الدين”، وتروي حسابات مقرّبة منه على منصّات التواصل الاجتماعي أن “حدود/بدران” نجح باختراق تنظيمهم عبر عدد من الأمنيين.

هذا الاختراق مكّنه من معرفة المنازل الآمنة لعدد من قيادات “الحراس”، وشنّ حملات دهم واعتقال بحقهم، كما يتهمه التنظيم بوقوفه وراء كل عمليات الاغتيال المنفّذة عبر طائرات أميركية مسيّرة بحق شخصيات جهادية مرتبطة بـ”تنظيم القاعدة” في سوريا.

منذ العام 2019، قضى “جهاز الأمن العام” على التنظيمات المتشدّدة وخلايا “داعش” في إدلب عبر اختراق صفوفهم من الداخل وشنّ سلسلة عمليات أمنية خاطفة ودقيقة.

في طريق مختلف عن كثير من الشخصيات العاملة في “هيئة تحرير الشام”، التي اتجهت نحو دراسة العلوم السياسية كقادة المفاصل أو الإدارية والاقتصادية كبقية المتنفذين في الهيئة، جنح أنس خطاب نحو الهندسة المعمارية وأكمل الدراسة في جامعة إدلب.

وذكر الباحث المتخصص في الحركات الجهادية عبد الرحمن الحاج في حديث سابق مع موقع تلفزيون سوريا، أن هناك جملة من الأسباب يمكن أن تكون وراء اتجاه حدود إلى دراسة الهندسة المعمارية، على رأس هذه الأسباب، سعيه للحصول على إجازة جامعية، فهو يشغل منصباً كبيراً ويلعب دوراً مهماً دون أن يكون لديه مؤهلات تعليمية تعزز أهليته للمنصب القيادي الذي يشغله، كما أن خلفيته السابقة، لكونه درس في كلية الهندسة في جامعة دمشق، تلعب دوراً كبيراً، فقد يكون دافعه هو إكمال حلم أو اختصاص قديم، كما أن الأطباء والمهندسين لهم موقع قيادي في الحركات الجهادية، وهذا أيضاً يمكن أن يشكّل سبباً إضافياً.

وأوضح الحاج أن الهندسة أو أي فرع آخر يمكن أن يكون بوابة لإكمال دراسات عليا في مجالات أخرى كالدراسات الأمنية أو السياسية، فحدود، الذي قطع شوطاً في الهندسة سابقاً، يعتبر هذا أقصر طريق بالنسبة له ويحقق له مكاسب في فروع وتخصصات عدة.

وفي أول تصريح له قال خطاب: “على صعيد الأمن والاستخبارات، سيعاد تشكيل المؤسسة الأمنية من جديد بعد حل كافة الفروع الأمنية وإعادة هيكلتها بصورة تليق بشعبنا وتضحياته وتاريخه العريق في بناء الأمم”.

مرهف أبو قصرة وزيراً للدفاع

قبل أيام، أفادت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا بأن إدارة العمليات العسكرية عيّنت مرهف أبو قصرة، القائد العسكري لـ”هيئة تحرير الشام”، وزيراً للدفاع في حكومة تسيير الأعمال.

وبحسب موقع “الذاكرة السورية”، فإن مرهف أبو قصرة من مواليد بلدة حلفايا في محافظة حماة، وحصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الزراعية من جامعة دمشق.

انضم أبو قصرة إلى “هيئة تحرير الشام”، وعُرف بألقاب سابقة هي: “أبو الحسن الحموي” و”أبو الحسن 600″، وتولى قيادة الجناح العسكري في “هيئة تحرير الشام”، وكان له دور بارز في هيكلة الجناح العسكري داخل الهيئة.

ويوم الأحد الفائت أصدر الشرع النشرة الأولى لترفيع الضباط وكان على رأس القائمة أبو قصرة برتبة لواء، ومعه في الرتبة ذاتها علي نور الدين النعسان والذي كشفت قبل أيام لتلفزيون سوريا أنه كُلّف بمنصب رئيس الأركان، والنعسان ينحدر من طيبة الإمام بريف حماة وهو أحد القياديين العسكريين البارزين في هيئة تحرير الشام.

محمد البشير

كُلف محمد البشير برئاسة الحكومة السورية الجديدة، وهو ذاته كان يشغل منصب رئيس حكومة الإنقاذ في إدلب بدورتها السابعة، ومنذ سقوط النظام، ظهر البشير إلى جانب أحمد الشرع في معظم اللقاءات مع الوفود الدولية القادمة إلى دمشق.

البشير من مواليد محافظة إدلب – جبل الزاوية عام 1983، ويحمل إجازة في الهندسة الكهربائية والإلكترونية قسم الاتصالات من جامعة حلب عام 2007، وإجازة في الشريعة والحقوق من جامعة إدلب.

عمل رئيساً لقسم الأجهزة الدقيقة في معمل الغاز التابع للشركة السورية للغاز عام 2011، ومديراً لمعهد الأمل التعليمي لمدة عام، ومديراً للتعليم الشرعي في وزارة الأوقاف والدعوة والإرشاد لمدة عامين ونصف.

شغل البشير منصب وزير التنمية في حكومة الإنقاذ في دورتها الخامسة والسادسة، يحمل شهادة إدارة مشاريع صادرة عن الأكاديمية الدولية للتدريب واللغات والاستشارات عام 2021، وشهادة في مبادئ التخطيط والتنظيم الإداري في العام نفسه، كما شغل منصب مدير شؤون الجمعيات في وزارة التنمية والشؤون الإنسانية.

علي كده

كذلك، ظهر الرئيس السابق لحكومة الإنقاذ علي كده إلى جانب أحمد الشرع في معظم اللقاءات المعلنة للإدارة السورية الجديدة مع الوفود، سواء المحلية أو الدولية.

ولد علي كده في قرية حربنوش بريف إدلب الشمالي عام 1973، وانتقل للسكن في مدينة إدلب حيث أكمل تحصيله الدراسي، حصل على إجازة في الهندسة العسكرية عام 1997، ثم إجازة في الهندسة الكهربائية باختصاص إلكترون عام 2003.

خضع لدورات في اللغة الإنجليزية بجامعة حلب، وأوفد في بعثة تعليمية إلى الصين، كان معتقلاً سابقاً لدى النظام بسبب مواقفه، وانشق عنه في عام 2012.

بعد انشقاقه، شارك في العمل الثوري في منطقته، وساهم في إدارة المجالس المحلية والعملية التعليمية في مدارس المنطقة، كما عمل في إدارة مدينة إدلب بعد سيطرة الفصائل عليها، وتولى منصب معاون وزير الداخلية للشؤون الإدارية والعلاقات العامة في حكومة الإنقاذ.

شخصيات بمهام مختلفة

يشار إلى أن العديد من الأشخاص الذين يعتمد عليهم أحمد الشرع ما زالوا بعيدين عن الأضواء ويعملون في الظل، لكن بعضهم معروف بنشاطاته، سواء الأمنية أو الاقتصادية أو العسكرية أو الإعلامية، ومنهم:

  • مدير المديرية العامة للجمارك في سوريا حديثاً، قتيبة أحمد بدوي، ينحدر من مدينة بنش بريف إدلب.
  • عبد الرحمن سلامة (أبو إبراهيم سلامة)، ينحدر من مدينة عندان بريف حلب، وله نشاط اقتصادي، ويظهر بشكل شبه يومي إلى جانب أحمد الشرع في قصر الشعب، ومكلف بحراسة الشرع والقصر الجمهوري والمراسم.

محمد الخالد، أو كما عُرف سابقاً باسم تقي الدين العمر، وهو من أبرز الشخصيات المسؤولة عن إدارة ملف الإعلام والعلاقات العامة في “هيئة تحرير الشام” سابقاً، وكذلك ظهر في معظم اللقاءات التي جمعت مؤخراً أحمد الشرع بالعاملين في مجال الإعلام والسوشيال ميديا.

الجدير بالذكر أن قائمة الأشخاص المقربين من أحمد الشرع تطول، وفيما سبق تم التركيز على أبرز الشخصيات النشطة إلى جانبه حالياً، وهناك أسماء أخرى، مثل عبد الرحيم عطون ومظهر الويس في المجال الشرعي، ووزير الداخلية محمد عبد الرحمن، إضافة إلى وزير الصحة ماهر الشرع (شقيق أحمد الشرع)، ووزير الإعلام محمد يعقوب العمر، كذلك فإن الشرع يعتمد على شخصيات مقربة من الهيئة، مثل قائد حركة أحرار الشام عامر الشيخ ونائبه أحمد الدلاتي، والقائد السابق للحركة حسن صوفان، فضلاً عن قائد الجبهة الشامية عزام الغريب، الذي عُيّن مؤخراً محافظاً لحلب، وقائد جيش العزة جميل الصالح.

المصدر: تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. تقييم وتعريف بأهم الشخصيات المقربة بالقائد احمد الشرع، المشترك بين الجميع بأنهم من شارك الشرع بالجهاد السلفي أو فكر القاعدة ومن شاركه بإدارة إمارة إدلب وكانوا نتيجة تصفية الولاءات الأخرى من هذه الشريحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى