انهار نظام العسف والقتل الأسدي وهرب الطاغية إلى بلاد الروس تاركًا وراءه وطنًا مدمرًا ومدمىً ودولة فاشلة تحتاج إلى عشرات السنين فيما لو تمكن من سيأتي بعده إلى الحكم من إعادة بنائها.
لكن هذا الغياب الطويل ثم انكشاف الجرائم الكبرى التي حصلت في معتقلات وأقبية الاستبداد أظهرت لنا جميعًا حجم الفقد والغياب وفداحة الخسارات الكبرى، لإخوة وأصدقاء كانوا معتقلين في سجون الطغيان، وكنا نظن واهمين يومًا أن بالإمكان أن نراهم . لكن فرار الطاغية وفتح هذه السجون بين للقاصي والداني أن مئات الآلاف من المعتقلين قد قضوا تخت التعذيب على يد القتلة وضمن جلسات القمع والقهر والتعذيب ..ومنهم العزيز الغالي عديلي الرائع الدكتور عبد القادر الحمادة، هذا الرجل الرجل الذي لم يسمح له ضميره ولا إنسانيته ولا وطنيته أن يبقى متفرجًا على مايجري في سورية، من قبل نظام الإجرام الأسدي من قصف ودمار ..فانبرى للدفاع عن أهله وشعبه. وتطوع للعمل كطبيب تاركًا أسرته التي أحب، من أجل الوصول إلى بلدة الزبداني وسواها والمشاركة في تطبيب وإنقاذ الأرواح والجرحى حيث كانت معارك النظام الحاقدة والفاجرة ضد أهل الزبداني في تلك المرحلة عام ٢٠١٣ ..فقد تم اعتقاله لفترة وجيزة ثم أُخرج لأيام قليلة، قبل أن تعتقله قوى الظلام الأسدي مرة أخرى، من عمله في مشفى المجتهد بدمشق، وهو يمارس عمله الانساني في هذا المشفى.
ومن يومها اختفت أخباره، ولم يتمكن أهلوه، زوجته المكافحة، وأبيه وإخوته، من الإمساك بأي خبر أو معلومة عنه . ومع ذلك بقيت الآمال معلقة في أتون أي خبر أو طيف خبر يشي بأنه على قيد الحياة دون جدوى.
لم يعد عبد القادر الحمادة طبيب الجراحة العظمية إلى أسرته، ولا إلى أهله ولا إلى عمله.. لقد غادر الحياة وهو مرفوع الرأس عالي الهامة، عبد القادر الحمادة الذي ماانفك يتطلع نحو وطن خال من آل الأسد ..وطن سوري فيه العدل والعدالة والمساواة..غاب عبد القادر ولم يهنأ معنا بما كان يحلم به من كنس الطغيان عن سورية الحبيبة .
ستبقى روحك يا عبد القادر ترفرف فوق محيانا جميعًا وستبقى طفلتك التي لم ترها أبدًا وزوجتك التي ناضلت وكافحت من أجل أن تعود إلى الحرية.. ومن أجل أن تقوم بتربية الطفلة، التي جاءت للحياة، وأنت في المعتقلات، لقد ظلت زوجتك على العهد متحملة كل آلام الغياب ، وهي التي ضحت بكل شيء من أجل تربية ابنتها وابنة عبد القادر .
ستبقى ياعبد القادر وستبقون ياكل الأصدقاء الذين قضوا على يد الجلاد منارة لنا جميعًا نتابع طريقهم نحو الحرية، واستشهادكم على مذبح حرية الوطن ..
ولانملك إلا أن نقول: عشتم أنقياء وأحرار ورحلتم مرفوعي الهامة.. ستبقى ذكراك ياعبد القادر وذكراكم جميعًا يا إخوتي وأصدقائي. رجاء الناصر، وصبحي خبية، وسامر الأحمر ووائل الحمادي، وأبو فهد بديوي، وأبو فاروق البصلة، وعبد الرزاق سعدو وأخيه عمار وصبحي قزموز وابنه، وكل الذين غيبهم نظام الإجرام الأسدي.. ستبقون وكل شهداء سورية تحت التعذيب وكل الشهداء الذين قتلهم نظام الإجرام، في مخيالنا ودافعًا لنا على العطاء من أجل سورية الجديدة، سورية الحديثة، سورية المستقبل، بحرية وكرامة بدون آل الأسد، ودون إيران ومشروعها الخطر، على سورية، وعلى المحيط الاقليمي العربي برمته.