خمسون عاما توزعت بين قرنين من الزمان ونحن السوريون ..نعيش في فضاء تحكمه قبضة دموية من محددات سياسة قسرية اصطنعها نظام الاستبداد المنقرض بكل وسائل الارهاب والقمع والقتل وباشدها همجية…سلبت منا الكثير من قدراتنا وطبائعنا البشرية حتى حسبنا انفسنا وكاننا كائنات الية ذات نسخ متشابهة تكرر ذواتها دون توقف…وليس مجافيا للحقيقة عندما نُعِتت سورية الوطن بمسمى السجن الكبير..
كنا كذلك حتى اذا ماانطلق انفجار نا العظيم..من خلال ثورتنا السورية المباركة…عام 2011.. واوشكنا ان نتمكن من تحطيم مرتكزات تلك المحددات القسرية المطبقة على وجودنا..وان نسحق نظام الاستبداد ..فاذا بنا نُدفع الى دائرة اخرى من دوائر القهر والعنف المتوحش والاغتراب عن ادميتنا وحيواتنا الانسانية…
لنجد انفسنا اسرى ادوات واليات اكثر عذابا واشد وحشية عما كنا فيه…حيث غدونا ضحية القتل والتدمير والتهجير والذبح على الهوية والاقتلاع من الجذور التي انبتتنا وورثتنا فضاءاتها الحضارية عبر تاريخنا العريق…..
اربعة عشر عاما ونحن نصارع مالم يكن في حسباننا وحسبان نخبنا التي كغيرها من نخب الشعوب الاخرى تمثل رمز الوعي المتقدم والادارة السياسية لمجتمعاتها…..وقد استقر في وعينا وقناعاتنا اننا نشكل بيدقا من بيادق رقعة الشطرنج الدولية في لعبتها القذرة وصراعاتها التي تحددها ثوابت النظام الدولي الذي ارست معالمه تداعيات الحربين العالميتين الاولى والثانية من القرن الماضي…..
وعليه عندما نقارب هذا المشهد الفاعل في مسار وجودنا وتطورنا ونتامل محطات صناعة حيواتنا ومستقبلنا …
نجد اننا نمثل حالة نكوص وانحدار متواصل من الاعلى الى الادنى حتى بتنا اليوم في الدرك الاسفل..
نعيش حالة يوشك فيهااجتماعنا المعهود منذ سايكس بيكو …ان يتشظى بفعل مايمكن ان نسميه مرحلة الانتصار الامبراطوري الصهيوني الغربي المتمثل بامبراطور هذه المرحلة النازي نتينياهو بنيامين …حيث نجد غطرسة الالة الحربية الصهيونية التي يقودها على درجة من البربرية اشدفتكا وافظع بطشا..
فهاهو لايزال يزرع ارضنا الطاهرة وسماءناالمباركة ويصيب اجساد ابناءنا البريئة بجحيم ونار احدث ادوات واليات التدمير والقتل والابادة منذ السابع من اكتوبر من العام الماضي حتى اليوم .. اذ يتبدى لنا هذا التاريخ لحظة انفلات دموي كاسح تجتاح ساحات وطننا الغالي في غزة وكامل فلسطين…ثم في لبنان و جنوبه المقاوم…ثم في سورية الحبيبة …شرقها وغربها ..شمالها وجنوبها…..حيث يطل الضمير الدولي مراقبا صامتا مباركا…ويشرف وجدان القادة العرب على مسيل دماء الابرياء المليونية..وعجاج غبار العمران المنهار ارضا……متأنيا منتظرا ..
يالها من نهاية في مسار نمو وتطور مكبل ومقيد لنا..يقذف بنا …ربما في هاوية التلاشي ..تستحق ان نعزوها الى الانتصار الساحق الذي حققه علينا الحلف الغربي الصهيوني على مدى محطات متتالية.نعيش اليوم محطتها الاخيرة بزعامة امبراطور ودراكولا الربع الاول من القرن الواحد والعشرين.. نتنياهو.. …
لكننا وفي هذا الفضاء الاسود الذي يلف وعينا المكلوم اليوم…
وحسب فطرتنا الانسانية وكينونتنا البشرية ووعينا التاريخي وحضارتنا المبثوثة عبر الازمان منذ بداية الخلق…لازال يتحرك في وجداننا . مايمكن ان نستدعيه لاطلاق مرتكزات لصناعة القوة والمقاومة..سواء من تاريخنا.. الحديث حيث لازالت مرحلة الاباء والشموخ العروبي التي غرد فيها صوت الزهو والاعتداد بالنفس هاتفا ارفع راسك يااخي فقد ولى عهد الاستعمار.. …او من التاريخ القديم..حيث يصدح صوت اباؤنا العظام الاوائل..قائلا…نحن اناس لاتوسط عندنا..لنا الصدر دون العالمين او القبر…