هل يخطط الجيش والـ “شاباك” لانقلاب على نتنياهو؟

أمال شحادة

أنصاره يعتبرون قضية تسريب المستندات بداية المحاولة ومعارضوه يحذرون من سياسته التي تضيع إنجازات الحرب.

اعتبرت جهات أمنية وعسكرية أن تهريب المستندات قوض نجاحات التوصل إلى صفقة وإنهاء الحرب، لكن أنصار نتنياهو وحزبه الليكود يصعدون الصراع ضد الـ “شاباك” والجيش، ويعتبرون وزير الأمن يوآف غالانت محركاً للتحريض على نتنياهو وإبعاده من الحكومة.

في ذروة التحقيقات التي يجريها الـ “شاباك” والاستخبارات العسكرية في ما عرف داخل إسرائيل بـ “فضيحة الوثائق الأمنية” التي سربت من مكتب نتنياهو بهدف عرقلة تنفيذ صفقة الأسرى واستمرار السيطرة على “محور فيلادلفي”، يخوض الإسرائيليون معركة جديدة حول ما اعتبره أنصار نتنياهو “محاولة انقلاب عليه” من قبل الجيش والـ “شاباك” في أعقاب إثارة هذه الوثائق.

يعقوب بردوغو، وهو المحلل السياسي للقناة “14”، ويعتبر مع القناة من أنصار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والداعمين لقراراته وسياسته، اعتبر التحقيق مع المتهم المركزي في قضية تسريب المستندات، وهو المتحدث باسم نتنياهو، إيلي فيلدشتاين مع أربعة آخرين، “بداية محاولة من الجيش والـ ‘شاباك’ لإحداث انقلاب ضد نتنياهو بعد جولة النجاحات التي حققها باغتيال حسن نصرالله والسنوار والضيف، وأيضاً نجاحاته تجاه اليمن وإيران”.

وقال بردوغو في بث مباشر خلال تعليقه على قضية تسريب الوثائق، إن “الجيش والـ ‘شاباك’ وهما القوة التي من المفترض أن تحافظ على السلطة في إسرائيل، تحاول خلق واقع جديد هنا، وإلا فلا يمكن تفسير ما يحدث بصورة مختلفة، وأن يأتي الـ ‘شاباك’ اليوم ويأخذنا إلى قضية يظهر فيها قدرته على التغلب على الفساد، فلا تفسير لذلك سوى أنها محاولة انقلاب، وهذا أمر غير مقبول، وهذه ليست المرة الأولى التي نشهد فيها محاولات كهذه من خلال إثارة قضايا هنا وهناك، ومن ثم تجري أجهزة الجيش والـ ‘شاباك’ التحقيق فيها، ويكون نتنياهو ومن حوله بين المتهمين”، مضيفاً أن “كل هذه المحاولات هدفها الوصول إلى نتنياهو”.

وبرأيه فإن ما تشهده إسرائيل اليوم من تفاعلات وخلافات في أعقاب كشف قضية الوثائق وما يثار حولها من اتهامات ضد نتنياهو ومطالبة التحقيق معه ما هي إلا بداية الانقلاب، ولم يكتف بردوغو بذلك بل راح يتهم الـ “شاباك” بخرق حقوق المعتقلين لرفضه لقاء المتهم المركزي وهو المتحدث بلسان نتنياهو، إيلي فيلدشتاين، بمحاميه بعد ستة أيام من اعتقاله، محذراً “كل الجهود التي يبذلها الجيش و’شاباك’ ضد نتنياهو ستنقلب عليهما”.

تعميق الشرخ

وأثارت اتهامات بردوغو زوبعة كبيرة داخل إسرائيل، في وقت اعتبرت جهات أمنية وعسكرية أن تهريب المستندات قوض نجاحات التوصل إلى صفقة وإنهاء الحرب، لكن أنصار نتنياهو وحزبه (الليكود) يصعّدون الصراع ضد الـ “شاباك” والجيش، ويعتبرون وزير الأمن يوآف غالانت جانباً محركاً للتحريض على نتنياهو وإبعاده من الحكومة.

واستغل أعضاء كنيست ووزراء من حزب الليكود والائتلاف الحكومي مصادقة غالانت على تجنيد 7 آلاف حريدي للجيش خطوة لتأجيج الخلافات الداخلية، ودعا بعضهم إلى إقالة غالانت فوراً من منصبه والحكومة.

عضو الكنيست موشيه سعدة، من حزب الليكود، اعتبر مصادقة غالانت أيضاً ضمن محاولاته لإحداث انقلاب على الحكومة وإسقاطها، ودعا نتنياهو إلى استغلال الفترة الحالية التي لا يوجد فيها، برأيه، تصعيد خطر في الحرب، لإقالة غالانت من وزارة الأمن.

وفي المقابل شن المتخصص في الشؤون السياسية الإسرائيلية بن كاسبيت حملة هجوم على بردوغو بعد تصريحاته، وكتب “أليس هناك من يشرح لهذا المخلوق أن الشرطة وقسم التحقيقات والمدعي العام تصرفوا أيضاً ضد إيهود أولمرت عندما كان رئيساً للحكومة، حتى إنه ذهب إلى السجن، وضد الرئيس موشيه كتساف حتى سجن هو الآخر، وضد وزراء ونواب كنيست؟”.

وراح بن كسبيت يمتدح الـ “شاباك” والجيش على نشاطاتهما، واعتبر أن “أفضل أبنائنا وبناتنا يخدمون هناك فيما بردوغو يتهم ‘شاباك’ والجيش، متناسياً أن يتحدث لنا كيف رتب لابنيه الخدمة في مكاتب مكيفة؟ وقام بحملة تأثير واسعة النطاق لمنع تجنيدهما في الجيش؟”.

من جهته دان الجيش الإسرائيلي حديث بردوغو مما اضطر القناة “14” إلى إعلان أن بردوغو لم يقصد الجيش والـ “شاباك” مباشرة، وإنما أنظمة التحقيق فيهما.

وهذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها بردوغو الجيش، بل إنه يخوض حملة إعلامية واسعة ضده وضد الوزير غالانت في كل ما يتعلق بمواقفهما حول إنهاء الحرب في لبنان والتوصل إلى صفقة أسرى قريبة وسحب الجيش من غزة، وقد سبق أن اتهم رئيس الأركان هرتسي هليفي بدعم الحفاظ على حكم “حماس” في قطاع غزة بعد نهاية الحرب.

اعتقال بردوغو

وتعمقت تداعيات الخلافات الداخلية في إسرائيل بعد تقارير الجيش التي أوضح فيها أن عملياته في غزة ولبنان حققت أهدافها، ودعا إلى إنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية في لبنان، وعرض خطة لليوم التالي في غزة.

وكشف تسريب المستندات الأمنية الخطرة والحساسة عن تعمق الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي، وأيضاً بين المؤسستين السياسية والعسكرية، وجاءت تصريحات بردوغو لتشعل النقاش الداخلي إلى حد مطالبة جهات معارضة لنتنياهو باعتقال بردوغو بتهمة التحريض على الأجهزة الأمنية خلال الحرب.

وما بين هذه الخلافات والصراعات والشرخ المتعمق داخل المؤسستين السياسية والعسكرية، قُدمت للحكومة الإسرائيلية ورقة توصيات تشمل إنجازات الجيش الإسرائيلي وتطالب المستوى السياسي بترجمتها إلى مكاسب دبلوماسية، الآن وقبل تجاوز النقطة الحاسمة، وهو ما يرفضه في الوقت الحالي نتنياهو وائتلاف حكومته.

الجنرال احتياط تامير هايمن الذي شغل سابقاً منصب رئيس وحدة العمليات في منطقة الشمال، قال إن ما حققه الجيش من نجاحات عملياتية يوفر لإسرائيل الفرصة للنظر من كثب في إستراتيجية إنهاء الحرب، ودعا الحكومة إلى “درس إنهاء الحملة العسكرية وتأمين فوائدها الدبلوماسية لتحسين الأمن القومي الإسرائيلي في جميع النواحي”.

ويلخص هايمن في ورقة التوصيات أن “هناك حاجة إلى بذل الجهود لإنهاء الحرب من خلال قرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو اتفاق بين القوى الكبرى يدعو إلى وقف الأعمال العدائية، وبتوقيت مناسب بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية وقبل تنصيب الرئيس الجديد”، مؤكداً أنه “مع اقتراب كل حملة من ذروتها يتعين على القيادة السياسية الإسرائيلية توحيد هذه الجهود في إستراتيجية خروج متماسكة”.

واقترح هايمن تجاه الجبهة الشمالية “استكمال العملية البرية في لبنان لتمكين المفاوضات من التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار معزز بصورة كبيرة، وفي قطاع غزة يتعين على القوات الإسرائيلية الانسحاب من مراكز المدن وإعادة الانتشار إلى مناطق التجمع التي تسمح باستمرار الضغط العملياتي، في حين تعمل في الوقت نفسه على التوصل إلى صفقة شاملة في شأن الرهائن، مما يستلزم وقف الأعمال العدائية والانسحاب من غزة في مقابل إطلاق الأسرى، وبعد استكمال الصفقة يجب على إسرائيل أن تؤسس الشرعية لمواصلة أعمالها ضد ‘حماس’ كجزء من حقها في حماية مواطنيها”.

ميزان الردع

ووفق هايمن فإن “إسرائيل بحاجة إلى استكمال سلسلة من الضربات ضد إيران حتى نقطة الذروة، وهو ما قد يؤدي إلى نتيجتين، احتواء طهران، وهو ما يعني تحول ميزان الردع لمصلحة إسرائيل، أو شن هجمات مباشرة على منشآت الطاقة الإيرانية وبرنامجها النووي، وهو ما من شأنه أن يغير مشهد التهديد ضد إسرائيل مع مرور الوقت”.

وضمن الورقة المقترحة دعوة إلى الحكومة لإنشاء إطار متفق عليه دولياً لحل متعدد الجبهات ووقف إطلاق النار، فـ “هناك حاجة إلى ترتيبات أمنية معززة بصورة كبيرة على الحدود الشمالية لإسرائيل، ولتحقيق هذه الغاية يجب على إسرائيل التنسيق مع الولايات المتحدة مما يؤثر في قرار مجلس الأمن أو يسهل دعوة مشتركة بين الولايات المتحدة وروسيا لوقف إطلاق النار على جميع الجبهات، وفي كلا الحالين يتعين على إسرائيل أن تضمن أن أي قرار لمجلس الأمن أو دعوة دولية تتضمن وقف إطلاق النار على جميع الجبهات، والاتفاق على إطلاق الأسرى، وفرض القيود على النفوذ الإيراني المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط، ووضع خطط مفصلة لتحسين الترتيبات الأمنية على الحدود الشمالية لإسرائيل، هي نسخة مطورة من قرار مجلس الأمن رقم (1701) بما في ذلك تفويض موسع وآلية إنفاذ عملياتية”.

وفي استنتاج الورقة للحكومة ورئيسها فإن “على إسرائيل أن تسعى جاهدة إلى تحقيق إنجاز دبلوماسي في ذروة نجاحاتها العملياتية والتكتيكية، مع اعتبار أن التوقيت عامل مهم، فتحديد نقطة الذروة الإستراتيجية يتطلب تنسيقاً بارعاً للعمليات العسكرية والدبلوماسية، والتوصل إلى اتفاق قبل الأوان يعني تفويت الفرصة لممارسة ضغوط إضافية على العدو وتأمين حل أكثر ملاءمة لإسرائيل، وعلى العكس من ذلك فإن الانتظار لفترة طويلة قد يؤدي إلى تآكل المكاسب العسكرية والسماح للعدو بالتكيف والحد من إمكان تحقيق إنجازات دبلوماسية”.

https://www.independentarabia.com/node/611355/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%AE%D8%B7%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%80-%D8%B4%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D9%83-%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88%D8%9F

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. نحن بعصر اللا إنقلاب واللآ تغيير ، فائض القوة التي حصل عليها رئيس حكومة التطرف الإرهhابية نتn ياهو، من خلال الدعم اللا محدودة من أنظمة غربية والإدارة الأمريكية، لن تسمح بأي تغيير حالياً، فهل ستنجح فائض القوة بتحقيق نصر دبلوماسي بقرار أممي يحقق وقف إطلاق النار مع تحقيق شروط نتn ياهو؟.

زر الذهاب إلى الأعلى