تعليقًا على مقال “اسرائيل والمسألة الشرقية الجديدة” لبرهان غليون

د. مخلص الصيادي

حينما أقرأ للدكتور برهان غليون، أقرأ بحذر، وبتنبه شديد، فللرجل رؤاه، وانحيازاته. ودوره في قضايانا.

وحينما انتهيت من قراءة هذا المقال، فإني وجدتني أمام مقال يطرح رؤية واقعية واستراتيجية بآن لأعقد ملف وقضية في المشرق العربي على وجه الخصوص. وفي الواقع والفكر السياسي العربي في عمومه.

وبغض النظر عن تفاصيل جزئية عديدة لم يكن موفقا في عرضها، من بينها مثلا قوله إن مصر أجبرت على كامب ديفيد، وتفسيره للعجز العربي في مواجهة العدوانية الاسرائيلية، فإن عرضه للمسألة الشرقية في ثوبها الجديد. مكثف ودقيق. ومختصر، ويستأهل أن يتحول إلى قاعدة للحوار والبحث بين المهتمين بحال وباستشراف هذه المسألة التي تبدو أشمل من القضية الفلسطينية. لكنها مستوعبة لها بالكامل، وتغطي الجوانب، القطرية، والقومية، والإنسانية للوضع كله.

كما أنه قدم التفسير الدقيق للدور الايراني في المنطقة المتكئ على القضية الفلسطينية، والذي بسببها أخذ مكانته  ودوره في هذه القضية على المستوى الاقليمية وعلى المستوى الشعبي، واستطاع أن يمرر مشروعه الخاص تحت عباءة القضية الفلسطينية بعد أن أدار النظام العربي ظهره لها.

والدكتور غليون يوصل القارئ إلى الخلاصة المكثفة والدقيقة لهذه المسألة لكنه يحجم عن إكمال مشواره، ويبقيها مفتوحة، لكنها واضحة بحيث لا يجد القارئ بدا من تسطير النتيجة القاطعة بأنه بسبب طبيعة الكيان الصهيوني، وبسبب طبيعة العلاقة الوظيفية والاستثمارية بينه وبين الغرب الاستعماري، فإن كل محاولة ل “السلام” تحت أي صيغة أو مفهوم ممتنعة، وأن أقرب، بل الطريق الوحيد للسلام الدائم، والاستقرار الحقيقي والبناء في منطقة المشرق ولدول هذا المشرق هو طريق مواجهة هذا الكيان والتصدي لوجوده، وأن هذه النتيجة لا ترتبط بإرادات الأفراد والنظم، وإنما بالطبيعة الموضوعية ل”المسألة الشرقية” في ثوبها الجد،يد، وقد حرص على عرض هذه الطبيعة بهدوء ودقة وتكامل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى