استقدم النظام السوري مئات المقاتلين وعشرات الآليات إلى ريف حلب الغربي، أغلبهم يتبع لفوج الطراميح أحد أبرز مكونات الفرقة 25 (قوات النمر سابقا) وتظهر أشرطة مصورة تناقلتها حسابات الإعلاميين الحربيين في جيش النظام ارسال عشرات سيارات الدفع الرباعي المحملة بالرشاشات الثقيلة ومدافع الـ75 وراجمات الصواريخ والشاحنات العسكرية المغلقة وعدد من الدبابات المحملة على الناقلات. ورصدت «القدس العربي» زيارة لقائد الفرقة 25 مهام خاصة اللواء صالح العبد الله، إلى ريف حلب الغربي يوم الجمعة ليشرف على توزيع وتموضع القوات المعززة إلى المنطقة. والجدير بالذكر أن العبد الله كان يشرف على عمليات تمشيط البادية السورية وتأمين الطرق فيها قبل أيام، لكن مخاوف جدية من قبل روسيا من هجوم محتمل تجري الاستعدادات له في إدلب ضد قوات النظام، هو ما دفع روسيا لإيقاف عمليات تمشيط البادية التي شاركت بها القاذفات الجوية الروسية انطلاقا من مطار حميميم. وكانت الفرقة 25 قد فقدت أربعة من عناصرها في كمين لعناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» في بادية السخنة، فيما انقطع الاتصال بمجموعة أخرى دون معرفة مصيرها. ما يشير إلى أن الفرقة الموالية لموسكو قد أوقفت عمليات التمشيط في البادية رغم عدم انتهائها خشية أن تشن فصائل المعارضة هجوما مفاجئا في إدلب، وفي حال تحقق فإن صداه سيكون كارثيا على روسيا والنظام حيث سيهز صورة الرئيس فلاديمير بوتين في المنطقة المشتعلة بعد حرب غزة والهجوم الإسرائيلي على حزب الله في لبنان وملاحقة قياداته وقادة الحرس الثوري في قلب العاصمة دمشق.
وتأتي تعزيزات النظام للجبهات في أرياف حلب وإدلب الغربية بعد أقاويل وشائعات كثيرة عن بدء فصائل المعارضة السورية الاستعداد لشن هجوم بهدف استعادة مناطق وساعة بريف حلب الغربي إضافة لمدينتي معرة النعمان وكفرنبل وسراقب وما بينهما من قرى وبلدات والسيطرة على مقطع كبير من طريق الترانزيت الدولي حلب- دمشق M4.
في التفاصيل، أشار مصدران عسكريان كبيران في إدلب أن فصائل المعارضة وعلى رأسها هيئة «تحرير الشام» وجيش العزة يقومان بتجهيز الآليات الثقيلة ويستطلعون المحاور بهدف رسم خطة هجوم.
في مقابل ذلك، تنقسم الجبهة الوطنية للتحرير التي يقودها العقيد فضل الله الحجي بين مؤيدة للعمل العسكري وأخرى غير متحمسة له، ويعتبر فيلق الشام الذراع العسكري لجماعة الإخوان المسلمين السورية أحد أكثر الفصائل تريثا، انتظارا لضوء أخضر تركي ما زال غير موجود حتى اللحظة. فيما يعتبر جيش الأحرار وحركة أحرار الشام الإسلامية وصقور الشام وفصائل أخرى من الفصائل المتحمسة لشن هجوم تستعيد من خلاله مساحات واسعة في منطقة خفض التصعيد الرابعة حسب اتفاق أستانة، والتي شهدت انتكاسة كبرى للمعارضة لصالح النظام السوري قبل خمس سنوات وجرت على مرحلتين، الأولى في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، خسرت خلالها اللطامنة وخان شيخون وكفر زيتا وقلعة المضيق، والمرحلة الثانية ريف حلب الغربي وسراقب ومعرة النعمان ونصف جبل الزاوية.
نزوح جديد في إدلب
التحضيرات العسكرية تلك تسببت بنزوح الآلاف وخصوصا من البلدات الملاصقة لخطوط التماس بين الطرفين، وخصوصا بلدة النيرب على طريق الترانزيت حلب ـ اللاذقية/ M4 والتي كانت سيطرت قوات النظام عليها في شباط (فبراير) 2020 واستمرت السيطرة عليها عدة أيام قبل أن تستعيدها فصائل المعارضة في هجوم مضاد بدعم تركي ومشاركة من طائرات «بيرقدار» المسيرة المعروفة. حركة النزوح طالت كذلك بلدة سرمين المجاورة لها شرقي إدلب وبلدة آفس المشرفة على عقدة طرق الترانزيت والمواجهة لمدينة سراقب على الطرف الآخر من العقدة، حيث تتمركز قوات النظام السوري ومقاتلي حزب الله اللبناني. كذلك هربت عشرات الأسر من بلدة الأتارب وجوارها باعتبارها محور هجوم محتمل، حيث تتمركز قوات النظام إلى شرق البلدة في «الفوج 46 ـ قوات خاصة» والمعروف باسم «فوج الأتارب» نسبة للبلدة.
في رصد حركة النزوح من تلك المناطق، قال مدير منظمة منسقو الاستجابة الإنسانية محمد حلاج في اتصال مع «القدس العربي» إن فرار النازحين من خطوط التماس «بدأ منذ 25 أيلول (سبتمبر) بسبب المخاوف من العمليات العسكرية، وارتفعت أعداد النازحين لتبلغ7315 نازحا خلال الفترة الممتدة ما بين الأول من تشرين الأول (اكتوبر) حتى السابع منه». وأضاف أن خطوط التماس تشهد اضطرابا بحركة النازحين، إذ عاد عدد كبير من النازحين إلى منازلهم وخصوصا في بلدتي سرمين والنيرب فبعض حالات النزوح كانت مؤقتة، في حين استأجر ميسورو الحال منازل في مدن بعيدة عن خطوط الجبهة ويتنقلون بين مدنهم والمدن التي استأجروا بها منازل جديدة، كما أن بعض السكان قد نزحوا باتجاه أراضيهم البعيدة عن جبل الزاوية.
وتترافق عمليات النزوح مع ارتفاع نسبة الفقر في شمال سوريا إلى 91 في المئة ونسبة الواصلين لعتبة الجوع إلى 41 في المئة، حسب تقرير مؤشرات الحدود الاقتصادية للسكان المدنيين في شمال سوريا لشهر أيلول (سبتمبر) الذي أصدرته منظمة منسقو الاستجابة الانسانية الثلاثاء.
اغتيالات في درعا
وفي موقع غير ذي صلة، لكنه لافت للغاية، استهدف ضابط أمن اللواء 34 المقدم سومر أنيس يوسف المنحدر قرية زاما بريف جبلة على الساحل السوري والملازم أول علي عاصم حويجة الذي يشغل مدير مكتب قائد اللواء 34 وينحدر من قرية الحويز بريف جبلة كذلك، وقتل الضابطين بتفجير عبوة ناسفة بالقرب من حاجز الطيرة على الطريق الواصل بين مدينة جاسم ـ انخل. ويتبع اللواء 34 إلى الفرقة التاسعة في جيش النظام وهي اختصاص دبابات. وهو أكبر استهداف لضابط مهم في جيش النظام يحصل في درعا منذ فترة طويلة، ولم تتبن أي من الجهات عملية الاغتيال. في حين اتهم إعلام النظام ما أسماهم «مرتزقة العدو الإسرائيلي» بزرع العبوة الناسفة. والملاحظ أنها المرة الأولى التي يعتمد إعلام النظام السوري تلك التسمية.
تدمير المعابر بين سوريا ولبنان
فجر الطيران الإسرائيلي الخميس، الجسر الذي يصل بين لبنان وسوريا في منطقتي القصير والهرمل في منطقة حوش السيد علي، حيث تقع على الجانب السوري مفارز أمنية تظهر الصور حجم الضرر الذي أصاب الغرف البيتونية مسبقة الصنع التي يتخذ منها العناصر الأمنيون مكاتب عمل واقامة في آن معا، في حين لم ينع النظام أي من العناصر نتيجة الاستهداف حتى كتابة التقرير، ليل الجمعة.
وكرر الطيران قصفه لمعبر مطربا الذي استهدفه قبل أسبوع ودمر الجسر الصغير الواصل بين الأراضي السورية واللبنانية بعد استهدافه سابقا، ويبعد معبر مطربا عن معبر حوش السيد علي نحو 4 كم ويقع الأخير على بعد 6 كم إلى الغرب من معبر جوسية الرسمي.
وبسبب تداخل القرى والأراضي وتفريعات سواقي المياه الكثيرة الواصلة إلى نهر العاصي في مقطع الحدود الممتد من معبر جوسية إلى مطربا، فإن الأهالي بنوا عشرات الجسور الفردية الصغيرة لتنقل المشاة او عبور الدراجات النارية، وفي بعض القرى بنوا جسورا أكبر بغرض تسهيل عمليات التهريب، حيث يعيش في تلك المناطق أعداد كبيرة من حملة الجنسية اللبنانيين والذين يتملكون أراضي واسعة داخل الأراضي السورية في تلك المنطقة.
من الواضح، أن سوريا تتجه إلى تصعيد متعدد الجبهات يشارك فيه عدد كبير من الفاعلين الدوليين والإقليميين والمحليين، يتركز بشكل أساسي في مناطق انتشار الأذرع الإيرانية، ازدادت حدته خلال العام الأخير وبلغ ذروته بعد التصعيد الإسرائيلي الكبير ضد حزب الله ومن ثم شن هجوم كبير ضده خلال الشهر الماضي. إلا أن الحرب والتصعيد الإسرائيلي ضد إيران بشكل أساسي، حفز تفكير كثير من السوريين وخصوصا قادة الفصائل المعارضة على إيجاد فرصة لها مع التراجع الإيراني وتراجع دور حزب الله على الجبهات في إدلب، وهذا تفكير مشروع بطبيعة الحال، غير أن الواقع أكثر تعقيدا، فالمسألة السورية لم تعد مرتبطة بتراجع الدور الإيراني منذ زمن، وعلى السوريين أن يتذكروا انهم بالفعل قد هزموا حزب الله اللبناني والميليشيات الإيرانية هزيمة مجلجة في صيف 2015 عندما سيطروا على إدلب ووصلوا إلى أعتاب سهل الغاب ذو الغالبية العلوية، حينها ضغطت أمريكا على قطر وتركيا من أجل وقف المعركة بسبب تخوفها من ارتكاب مجازر طائفية بحق العلويين. وفي لحظة كبت الانفاس تلك، هرع الجنرال قاسم سليماني إلى موسكو للقاء الرئيس بوتين مستجديا منه التدخل في سوريا بعد اجتماع طويل عرض فيه خرائط السيطرة، حسب ما أكد الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله في لقاء تلفزيوني ذات مرة.
قصارى القول، يتعين على قادة الفصائل السورية إدراك أن المواجهة لم تعد مواجهة برية مع حلفاء النظام وأن قاذفات سوخوي الروسية هي من حرقت الأخضر واليابس، وأنهم غير قادرين تغيير المعادلة حتى لو امتلكوا المئات من طائرات الدرون الانتحارية، فإدلب الصغيرة المنسية ليست العاصمة الأوكرانية كييف ولن تكون حسب ما هو متوفر من معطيات. فالتمرد على الوضع القائم دون دعم كبير وواضح سيجعل إدلب الصغيرة أشبه ما تكون بمقبرة كبيرة.
المصدر: القدس العربي
الوضع العام بالجغرافية السورية نتيجة حرب غzة والإسناد من حzب الله والقصف المستمر من قبل قوات الإحتلال الصهh يوني على مواقع بالجغرافية السورية ودمرت المعابر بين سورية ولبنان، إنه الإستخدام المفرط للقوة الزائدة لهذه القوات نتيجة الدعم الغير محدود من الإدارة الأمريكية وأنظمة أوروبية لتجعل سورية مقسمة لسلطات أمر واقع وإحتلال ونفوذ لقوات أجنبية، لذلك لايجوز أي مقاربة.