يثير خطاب نعيم قاسم من الأسئلة أكثر مما يجيب عن التساؤلات المطروحة عن توجهات حزب الله في المرحلة القادمة .
فنعيم قاسم “يطمئننا “أنه مازالت لدى الحزب قوى للاستمرار في حرب المشاغلة , بل يطرح علنا ولأول مرة مالم يطرحه حسن نصر الله وهو الحرب الطويلة أي حرب الاستنزاف . ويعني ذلك تحولا دراماتيكا في طبيعة حرب المشاغلة التي كانت مجرد دعم لغزة تنتهي بتوقف القتال هناك .
والمفارقة أن طرح ” الحرب الطويلة ” يترافق مع وضع يحتاج فيه الحزب إلى عدة شهور على الأقل ليتماسك ثانية وربما يحتاج لسنة على الأقل لاستعادة تسليحه السابق , ويمكن أن يسنتج المرء من ذلك دون عناء أن تعليمات ايران وتوجه القيادة البديلة لحزب الله لا تتضمن التراجع بل المضي قدما في الحرب .
مثل ذلك التوجه إن لم يكن مجرد بروباغندا لاظهار القوة بعد ما عانى الحزب من الضربات القاسية فهو سيتسبب تلقائيا في فشل أي مسعى سياسي لبناني أو عربي – دولي لايجاد حل سياسي على أساس القرار 1701 , فلا يعقل بعد ما كسبته اسرائيل من أوراق عسكرية أن ترضى باستمرار إطلاق الصواريخ أو استعادة تسليح حزب الله وتعقد صفقة توقف من طرفها إطلاق النار دون أن يلتزم الطرف المقابل بشيء .
لكن ماذا عن النازحين ؟ وكيف سيعودون لديارهم ؟ وماذا عن بيئة حزب الله التي كانت مطمئنة وواثقة من الانقياد وراء حسن نصر الله بعد اغتياله ؟بينما ينتشر في صفوفها اليوم الاحساس بأن ايران قد خذلت حسن نصر الله والحزب وكل الشيعة اللبنانيين , فهل ستبقى منقادة وراء نعيم قاسم أو صفي الدين لمتابعة الحرب بل وتحويلها لحرب طويلة ؟
تتجلى المفارقة في أنه في الوقت الذي يعلن ميقاتي أنه سيسعى للوصول إلى حل لتطبيق القرار 1701 وارسال الجيش اللبناني للجنوب يقول نعيم قاسم إنه سيتابع القتال بل ويخطط لحرب طويلة ؟
حرب طويلة تعني تحول مليون نازح إلى مليون لاجىء طالما تعربد الطائرات الاسرائيلية فوق الجنوب والضاحية كل يوم , وتختار لها هدفا أو هدفين أو أكثر لتذكر الجميع أن الموت ينتظرهم إذا عادوا لديارهم .
لم يكن أحد يتوقع من نعيم قاسم أن يخرج ليرفع الراية البيضاء , لكن أن يخرج ليعلن ليس فقط العزم الأكيد على استمرار القتال بل وأن الحرب ستمتد لحرب طويلة فذلك يعني إجهاض محاولات ايجاد حل سياسي يوقف الحرب . على الأقل بمقدار ما أن خطاب نعيم قاسم يضع العناوين الحقيقية لسياسة الحزب لمرحلة مابعد نصر الله .