بعد كل ما حصل لحزب الله هناك أسئلة مهمة لم يتم الإجابة عنها حتى الآن وهي:
– كيف يتم اختراق حزب بهذه القوة وبعد أكثر من ثلاثين سنة من تجربته بالصراع مع إسرائيل وغير إسرائيل، كيف يتم اختراقه على هذا النحو العريض والواسع، أفقيا وعموديا، كنا نعتقد أن ضربة أجهزة البيجر هي ضربة معزولة وقد تكون مرتبطة بصفقة تجارية وفساد ما، لكن تصفية قادة الحزب الواحد تلو الآخر وصولا إلى قمة الحزب ممثلا بأمينه العام حسن نصر الله رغم كل سنوات الحيطة والإجراءات الأمنية والحذر أثبت وأكد أن حجم الاختراق كبير جدا وغير مرتبط بمجرد “عميل” أو شخص واحد .
لم تنته القضية هنا، لقد تم ملاحقة كوادر وقادة الصف الثاني ، وتم ضرب مستودعات الأسلحة والذخيرة في كل أماكن تواجدها حيث من المفترض أن تكون في غاية السرية.!
سبق مقتل حسن نصر الله ضربة البيجر واغتيال قادة من الصف الأول، لكن ذلك لم يمنع من استمرار الاختراق وصولا لضرب قمة الحزب وأمينه العام الذي كان يتواجد معه ضباط كبار من الحرس الثوري الإيراني حيث أُعلن عن مقتلهم لاحقاً.
– سبق كل ذلك ضربات كبيرة واختراقات لافتة حصلت في دمشق وطهران على مدار الأشهر الستة الماضية ، أودت بحياة ليس فقط إسماعيل هنية زعيم حركة حماس بل ضباط برتب عسكرية كبيرة في الحرس الثوري الإيراني.
– حجم الاختراق هذا يؤكد أنه لا يقتصر فقط على حزب الله بل يطال أهم عاصمتين في ما يسمى محور المقاومة وهما طهران ودمشق، بمعنى أن الحزب ليس وحده المخترق .
– كل ما يتم الحديث عنه عن “صفقة” وأن طهران باعت الحزب وحسن نصر الله وباعت هنية وغيره، اعتبره نوعاً من المراهقة السياسية لبعض المتفرجين والهواة .
– وفي هذا السياق كل ما يحكى عن تفاهمات سرية بين إيران والولايات المتحدة ما هو إلا ضرب من الخيال السياسي.
– كل ما تقوله الوقائع على الأرض أن إيران وحزب الله وحركة حماس كانوا في حالة صراع مع إسرائيل ، إيران تريد الهيمنة الإقليمية وإسرائيل تحارب ذلك وتخشى من أن تصبح ايران على حدودها ، كذلك كانت تخشى إسرائيل وصول إيران إلى انتاج قنبلة نووية.
– الصراع بين إيران وحلفائها وأدواتها وإسرائيل ممتد على سنوات طويلة ولا يمكن اختزاله أو فهمه بناء على نظريات الصفقة والمؤامرة وغيرها .
خلاصة : إسرائيل المدعومة غربيا حققت نجاحات عسكرية وميدانية كبيرة ضد إيران ووكلائها وحلفائها وما حصل يستدعي الأسئلة عن قدرتها على الاستمرار على ذات النهج فيما هي وجماعاتها مخترقين حتى النخاع ، اختراق كبير لن يمكنها من تحقيق أي مكسب أو “نصر” على إسرائيل فيما لو أرادت الاستمرار على ذات النهج ودون تنظيف بيتها الداخلي .
– أثبتت تطورات الأحداث منذ السابع من أكتوبر العام الماضي وهجوم حماس ، أن التكلفة ، تكلفة التحالف مع ايران والدخول بحروب مع إسرائيل هي تكلفة باهظة جدا ومن يدفع ثمنها هم العرب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا سواء في غزة أو لبنان وغيرها من المناطق .
– أثبتت تطورات الأيام الماضية أن ما بدأته إسرائيل لم يتوقف ولن يتوقف عند حزب الله فقط وتدميره بل يستهدف كل الوجود الإيراني في المنطقة ، وأن إسرائيل تتحرك مدعومة ومغطاة سياسيا وعسكريا من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين وربما بقبول عربي.
نحن أمام مرحلة جديدة تماماً وربما ترتيب جديد للشرق الأوسط كله.
المصدر: صفحة شعبان عبود
أسئلة محقة، كيف للكيان الصهيوني المدعوم من أنظمة غربية والإدارة الأمريكية وتحقيقه نجاحات عسكرية وميدانية كبيرة ضد ملالي طهران وأذرعتها الطائفية أن تستطيع الاستمرار بنهجها بحلف المقاومة وهي مخترقة حتى النخاع؟ وتحقيق أي مكسب أو “نصر” على قوات الإحتلال باستمرارها على ذات النهج ودون تنظيف بيتها الداخلي .