ربما كان للربيع العربي.. وخاصة الربيع السوري المتمثل بثورته العظيمة.. وردة فعل النظام الدولي المافياوي المهيمن. حياله..الفضل المشهود له تاريخيا..بكشف سوءات هذا النظام…وبناه المركبة التي تموضعت في بانوراما..تشي بوحشية وبربرية وهمجية ما نسميه اليوم حضارة بشرية القرن الواحد والعشرين …
وربما كانت حروب القرون السابقة لهذا القرن …والتي ليس لها ما يبررها..من وجهة نظر انسانية…اقل بربرية وهمجية ..مما يتم تنفيذه في حروب هذا القرن وهو لازال في ربعه الزمني الاول…لا لشيء الا لأننا اعتقدنا ان التطور التقني والثقافي ومستويات الوعي الذي حققته البشرية والتجارب التي اختزنتها من حروبها في القرون السابقة…ستجعلها اكثر انسانية واكثر قربا من صورة الاله في الارض تحقيقا لخلافته وفق السردية الدينية …وهو ما يجعلنا نعود للتذكير والتركيز على المعادلة التي تثبت دورها الفاعل والحاسم في كل المحطات الصراعية عبر التاريخ البشري…الا وهي معادلة القوة والضعف. ومقولة.. الحياة للأقوى الداروينية…..
في هذا الفضاء والثقافة التي تمثله وتجلياتها الفكرية والذهنية ..يقفز امامنا كل عام في مثل هذا الشهر ومثل هذا اليوم وعلى مدى احد عشر عاما… مشهد الدم والموت والقتل العابث ..الذي صنعته مجزرة الغوطة الكيماوية .. بأيدي نظام العصابة الاسدية العميل… والاشلاء المتناثرة والجثث المختلجة والاجساد المرتجفة التي تحاول بأعلى درجات الالم التملص من الاختناق القابض على الصدور والحناجر…لا يفرق بذلك بين طفل او امرأة او كهل او يافع…
ولا يبخل ان يملأ اكبر مساحة ممكنة من الارض او الشوارع او الازقة او المنازل..
أحد عشر عاما …ويتكرر المشهد.. وفي كل مرة يترك ويحفر في نفوس ومشاعر واحاسيس الملايين من السوريين اطنانا من التصورات والتهيؤات والخيالات….تتراوح بين الشعور بالسحق والدونية. والشيئية..
وبين الحقد والتربص والغضب والانفجار….والاحساس بفوبيا العالم المعاصر..
الذي يبدو لهم وكأنه ذاهب الى نهايته السرمدية لكن..وكما هي الحال البشرية التي قدمها لنا التاريخ …يبقى الامل الذي يحكمها..يومض ببدايات جديدة ..تؤسس لمراحل لاحقة من عمر حقب هذا التاريخ…وضمن هذا التصور ..نعتقد ان شعوبنا تمتلك من المخزون التاريخي الحيوي والحضاري الذي في حال استدعائه والتفاعل معه وتهيئة الادوات المناسبة واللازمة لمنحه الحيوية والفعل. . لتمكن من تغيير الواقع وامتلاك عنصر القوة الذي تقوم عليه معادلة الصراع البشري كما أسلفنا…
نعم…لن نهذي او نتوهم ..ولن نصوب الذاكرة والفكر نحو مساحة حاضرة في تاريخنا اقرها العالم اجمع دون لبس او شبهة..في صدقيتها..تلك المساحة التي ..تستنجد فيها…سيدة عربية في بلدة عمورية ..الحادثة التاريخية المعروفة..منادية مركز قوة قومها وفخارها..نادهة..وامعتصماه..كذلك…هذا الصوت الذي يقر بالعجز المطبق على جمع هذه الحقبة التي نعيشها..من خلال رمزية السيوف الخشبية التي في حوزتنا…مناديا بن الوليد وسيفه البتار رمزا لقوة الاسلاف وحضارتهم…عندما يقول..يا ابن الوليد الا سيفا تؤجره فكل اسيافنا قد اصبحت خشبا……
غاية القول…..لم يعد مقبولا ..ان نجتر عجزنا وان نأتلف مع ما يحاول ارباب مافيات النظام الدولي وناهبي الشعوب المكافحة ًان يصقلوا وعينا وفق ما يصنعوه ويفبركوه لنا…من خلال النخب والرموز والنجوم التي ينتجونها في كواليس ثقافتهم التي عرتها ثوراتنا العربية…
لقد آن لنا.. ان نقطع مع حال الذل والهوان والركوع الذي يريدوه لنا…وان نسترد وجودنا المهدد بالإبادة. تحت مزاعم تفوق العنصر المهيمن…
وان نعيد حساباتنا بكل جرأة وعقلانية واقدام..فحضارتنا وامتنا وشعوبنا اولى بان تستعيد زمام المبادرة التاريخية..فتجربتها الحضارية…حافلة بكل عوامل النجاح والاستمرارية لأنها اكثر انسانية واكثر عدلا واكثر تمثلا للحرية والمساواة…فهل نبدأ.؟
الى متى ستستمر المقتلة السورية؟ بعد إحدى عشر عاماً من مجزرة الكيميائي بالغوطة، أين العدالة بمحاكمة المجرم والقاتل الإرهابي؟ أم إن تسليمه لأداة الجريمة تم إعفائه من العقاب؟. على السوريين الأحرار ان يعيدوا حساباتهم بكل جرأة وعقلانية واقدام..فحضارتنا وامتنا اولى بان تستعيد زمام المبادرة التاريخية لتحديد مصيرها .