واصلت إسرائيل وحزب الله تبادل اللكمات على الحدود اللبنانية، لكنما الآن بانتظار المرحلة القادمة: هجوم كثيف يخطط له التنظيم الشيعي في مركز البلاد وفي الشمال رداً على اغتيال فؤاد شكر، رئيس أركان الحزب. من تصريحات ومنشورات في إيران ولبنان، يبدو أن حزب الله يقود رد المحور الشيعي على إسرائيل، سواء على اغتيال شكر في بيروت أو اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران. إسرائيل، لأسباب سياسية، لم تنفذ ضربة استباقية لإيران أو حزب الله، بل تستعد الآن دفاعياً للرد على الهجوم بمساعدة الولايات المتحدة ودول أخرى، وتوجيه ضربة قاسية في حالة أدى الهجوم عليها إلى إصابات كثيرة.
ظهر أمس، قتل الجيش الإسرائيلي خمسة من رجال من حزب الله في هجوم جوي على جنوب لبنان. بعد ذلك بفترة قصيرة، أطلق حزب الله، حسب بيانه، سرباً من المسيرات نحو قاعدة “شرغا” التابعة للواء “غولاني” جنوبي نهاريا. يبدو أن أحد صواريخ الاعتراض التي أطلقت نحو المسيرات أخطأ الهدف وانفجر في شارع شمال القاعدة، أصيب 19 مواطناً وجندياً في هذا الهجوم، أحدهم في حالة خطرة. والآن يوسع حزب الله مدى إصابته باتجاه أهداف أكثر جنوباً مما يهاجم بشكل عام، ويحاول إثبات قدرة هجوم أكثر فتكاً.
قال رئيس حزب الله، حسن نصر الله، أمس في خطابه في بيروت، إن هجمات المسيرات تكشف إسرائيل في حالة ضعفها. في السابق، ذكر بأن الجيش الإسرائيلي كان يعترض المسيرات حتى وهي في سماء لبنان؛ أما الآن فـ “نحن نصل إلى عكا رغم استعداد إسرائيل الكبير”. طلب من السكان أمس البقاء قرب الملاجئ في جزء من المستوطنات في الجليل وهضبة الجولان.
تقديرات إسرائيل بخصوص خطط المحور برئاسة إيران، ترتكز على تجربة حزب الله في توجيه إصابات قاسية لقواعد الجيش الإسرائيلي ومنشآت أمنية أخرى، في الشمال وفي “غوش دان”. المحلل المقرب من حسن نصر الله، محرر صحيفة “الأخبار”، إبراهيم الأمين، كتب أموراً بهذه الروحية أمس، وقال إن “ساحة الرد قد تكون تل أبيب، وربما تمس بالمدنيين على هامش الهدف الرئيسي”. وقد وعد الأمين بتوجيه ضربة بارزة في المركز؛ أي الجهة التي قررت عملية التصفية وشاركت في تنفيذها، ما يبدو كإشارة لمعسكر هيئة الأركان الواقع في مقر وزارة الدفاع.
الدكتور شمعون شبيرا، الخبير في شؤون حزب الله والذي شاهد خطاب حسن نصر الله، قال أمس إن الأمين العام يظهر غاضباً بشكل واضح على موت شكر، الذي عمل معه جنباً إلى جنب لبضعة عقود. قبل حسن نصر الله، ألقى نجل فؤاد شكر، محمد، خطاباً وهو يرتدي الزي العسكري، وتفاخر الأمين العام بأن جيلاً محارباً يستعد لقيادة الحزب ومواصلة الدرب. وحسب شبيرا: “عملية الاغتيال لا تشبه عمليات اغتيال قادة حزب الله الذين كانوا أصغر سناً من حسن نصر الله. بسبب اغتيال شكر في بيروت، بات مستعداً للارتفاع درجة في الرد، ويخاطر أيضاً بإشعال حرب. تم اجتياز العقبة الكأداء في نيسان بعد هجوم إيران الكبير على إسرائيل إثر اغتيال الجنرال الإيراني في دمشق. يبدو أنهم سيتجرأون أكثر في هذه المرة وسيذهبون حتى النهاية”. مع ذلك، لم يظهر من أقوال حسن نصر الله أي تهديد صريح بحرب إقليمية، التي يبدو حتى الآن أن حزب الله وأسياده في إيران يريدون تجنبها.
أعطى حسن نصر الله إشارات على أن حزبه ملزم بالرد، وأن قراراً اتخذ بذلك. السؤال هو: هل سيكون هذا الرد بصورة متوازية مع أعضاء المحور الآخرين؟ حجم النيران التي سيتم إطلاقها يتعلق -حسب قوله- بمصالح الشركاء. وقال: “قادرون على إصابة كل نقطة في إسرائيل من عدة جهات. والانتظار الطويل جزء من الرد، ويشد أعصاب إسرائيل، ومواردها في انتظار الرد”. وأضاف بأن حزب الله يعمل رويداً رويداً، “ولدينا صبر”.
أما صبر الجانب الإسرائيلي فهو أقل، لكن إذا تبدد التوتر الذي وصل إلى ذروته فيما بعد، بعد تبادل اللكمات، فلن يكون هناك أي حل للمشكلة الاستراتيجية في الشمال. الجليل يتعرض للهجمات منذ أشهر، و60 ألفاً من سكانه مهجرون، ويد الدولة عاجزة عن الإنقاذ.
الرسائل التي تأتي من إيران أقل حزماً من تلك القادمة من لبنان، رغم التهديد التقليدي الموجه لإسرائيل. الانطباع أن حزب الله قد يقود العملية، وإيران توفر له الدعم، وليس بالضرورة أنها ستنقض وتهاجم.
في زيارة رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، سيرجيه شويغو، لطهران أول أمس، طلبت إيران -حسب “نيويورك تايمز”- شراء منظومات دفاع جوية متطورة وطائرات هجومية من روسيا، هذه أمور تحتاج إلى وقت. ونشرت وكالة “رويترز” أن شويغو نقل لمستضيفيه رسالة من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تقول إن عليهم ألا يضروا المدنيين الإسرائيليين في ردهم.
مما قيل، يمكن سماع موافقة بوتين على حق المحور في ضرب مواقع عسكرية في إسرائيل. دعم روسيا لإيران، وبشكل غير مباشر لحزب الله وحماس، كان واضحاً خلال فترة الحرب. وقبل بضع سنوات، تفاخر رئيس الحكومة نتنياهو، بأن علاقته مع بوتين تعكس “درجة مختلفة”. ولكن يبدو أننا انخفضنا درجة.
المصدر: هآرتس /القدس العربي